صباح الثلاثاء الموافق 21 من شهر سبتمبر/ أيلول 2021، استفاق المواطنون السودانيون على أنباء عن محاولة انقلابية في بلادهم. في البداية، تحدثت مصادر عن هذه المحاولة الانقلابية لبعض وسائل الإعلام، كوكالة الأناضول التركية، التي كانت في طليعة من نشر الخبر، نقلًا عن مصدر عسكري سوداني قال إن “المجموعة الانقلابية حاولت منذ فجر الثلاثاء السيطرة على سلاح المدرعات بالخرطوم”.
ثم تسارعت الأحداث بعد ذلك، لينشر عضو مجلس السيادة السوداني، محمد الفكي سليمان، تدوينة على صفحته على فيسبوك، يدعو فيها المواطنين للتصدي للمحاولة الانقلابية، قائلًا: “هبوا للدفاع عن بلادكم وحماية الانتقال الديمقراطي”. ليأتي النبأ الرسمي بعد ذلك بدقائق التلفزيون رسمي السوداني، الذي أعلن عن “محاولة انقلابية فاشلة”، داعيًا الجماهير إلى التصدي لها، دون تحديد هوية المجموعة الانقلابية.
القبض على المتورطين في الانقلاب
ويبدو أن قوات الجيش السوداني سيطرت بشكل سريع على الأحداث، حيث أعلن “سليمان” القبض على متورطين في المحاولة الانقلابية وبدء تحقيقات معهم. وقال: “الأوضاع حاليًا تحت السيطرة؛ حيث تم القبض على بعض المتورطين في المحاولة الانقلابية وإخضاعهم للتحقيق لمعرفة تفاصيل المخطط ومدبريه والقائمين عليه”.
وأضاف أن “الجيش يتفاوض حاليًا مع وحدات عسكرية بسلاح المدرعات بمنطقة الشجرة جنوبي الخرطوم شاركت في الانقلاب للاستسلام دون مقاومة تفاديا لضربهم”، لافتًا أن “الجيش سيصدر بيانًا توضيحيًا بعد قليل لشرح كافة تفاصيل المحاولة الانقلابية”. ومن جانبه، قال العميد الطاهر أبو هاجة، المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش، في تصريح نشرته وكالة الأنباء السودانية الرسمية “سونا”، إن “القوات المسلحة أحبطت المحاولة الانقلابية، والأوضاع تحت السيطرة تمامًا”.
جلسة طارئة لمجلس الوزراء
بدوره، عقد مجلس الوزراء السوداني جلسة طارئة، اعتبر رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، فيها أن “المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت فجر اليوم كانت تستهدف الثورة، وكل ما حققه الشعب العظيم من إنجازات لتقويض الانتقال المدني الديمقراطي”، مضيفًا أن المحاولة الانقلابية “كانت تستهدف أيضًا غلق الباب أمام حركة التاريخ، لكن كالعادة فإن عزيمة شعبنا كانت أقوى”.
وأضاف حمدوك أن “ما حدث انقلاب مدبر من جهات داخل وخارج القوات المسلحة، وهو امتداد لمحاولات الفلول منذ سقوط النظام البائد لإجهاض الانتقال المدني الديمقراطي”، وأنه “سبقت المحاولة تحضيرات واسعة تمثلت في الانفلات الأمني في المدن واستغلال الأوضاع شرق البلاد ومحاولات قطع الطرق القومية وإغلاق الموانئ وتعطيل إنتاج النفط والتحريض المستمر ضد الحكومة المدنية”.
وبعيد هذه الجلسة الطارئة، أعلنت الحكومة السودانية أن محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد، نفذها ضباط من القوات المسلحة يتبعون لـ”فلول النظام البائد”. حيث قال وزير الإعلام، والمتحدث باسم الحكومة حمزة بلول الأمير، إنه “تمت السيطرة فجر الثلاثاء على محاولة انقلابية فاشلة قام بها مجموعة من ضباط القوات المسلحة من فلول النظام البائد”.
وأكد المسؤول السوداني أن الحكومة الانتقالية والأجهزة النظامية بالدولة تعمل بتنسيق تام، مطمئنًا الشعب السوداني أن “الأوضاع تحت السيطرة التامة”. وأضاف أنه “تم القبض على قادة المحاولة الانقلابية من العسكريين والمدنيين ويتم التحري معهم حاليًا، بعد أن تمت تصفية آخر جيوب الانقلاب في معسكر الشجرة (جنوبي الخرطوم)”.
وأوضح الأمير أن “الأجهزة المختصة تواصل ملاحقة فلول النظام البائد المشاركين في المحاولة الفاشلة”، مؤكدًا أن “الثورة ماضية في تحقيق غاياتها ومؤسسات الحكم المدني محروسة، بإرادة قوى الثورة وجماهير الشعب السوداني”. كما دعا الأمير، كل قطاعات الشعب إلى “توخي اليقظة والانتباه إلى المحاولات المتكررة التي تسعى لإجهاض ثورة ديسمبر”.
توقيف 21 ضابطًا
ثم أعلن الجيش السوداني القبض على 21 ضابطًا، وعدد آخر من صف الضباط والجنود، على خلفية محاولة الانقلاب، وأصدرت القوات المسلحة بيانًا قالت فيه: “حاول بعض الضباط والرتب الأخرى في الساعات الأولى من صباح اليوم القيام بمحاولة للاستيلاء على السلطة في البلاد”. وأكدت أنه “تمت السيطرة والقبض على معظم المشاركين في المحاولة الفاشلة وهم 21 ضابطًا، إضافة لعدد من الصف والجنود”. وأضافت أنه “تمت استعادة كل المواقع التي سيطر عليها الانقلابيون (..) ما زال البحث جار للقبض على بقية المتورطين”.
ليتحدث بعد ذلك، وزير الدفاع السوداني الفريق ركن ياسين إبراهيم، ويعلن أن قائد المحاولة الانقلابية هو اللواء ركن، عبد الباقي الحسن عثمان بكراوي، ومعه 22 ضابطًا آخرون برتب مختلفة وعدد من ضباط الصف والجنود. وأضاف الوزير السوداني أن “التحريات والتحقيقات الأولية للمحاولة الانقلابية أشارت إلى أن الهدف منها كان الاستيلاء على السلطة وتقويض النظام الحالي للفترة الانتقالية وتمت السيطرة الكاملة على المحاولة والقبض على كل المشاركين الذين وردت أسماؤهم في التحقيقات.”
زيارة البرهان لسلاح المدرعات
وسريعًا، أجرى رئيس مجلس السيادة السوداني، القائد العام للقوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، زيارة لسلاح المدرعات بمنطقة الشجرة جنوبي العاصمة الخرطوم، عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، برفقة نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، محمد عثمان الحسين.
وسلاح المدرعات هو أحد أشهر الأسلحة داخل الجيش السوداني، وهو معروف دائمًا بأن له دور في الانقلابات التي تتم في البلاد. لذلك ربما كان من الضروري للقيادة السودانية الحالية إجراء زيارة كهذه. ومن هناك، أكد البرهان على “وحدة واصطفاف القوات النظامية مع الشعب لحماية الفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي بالبلاد، وأن كل وحدات القوات المسلحة متوحدة خلف هذا الهدف”.
ودعا البرهان “القوى السياسية بالبلاد للوحدة والتماسك من أجل بناء السودان، خاصة وأن عملية بناء الوطن وحمايته أمنه واستقراره مسؤولية مشتركة بين العسكريين والمدنيين ومن خلفهم الشعب السودانى”، حسب قوله.
وحاليًا، فإن هناك تحقيقات مستمرة للوقوف على تفاصيل أكثر عن التخطيط والتنفيذ للمحاولة الانقلابية الفاشلة، وربما تفصح السلطات السودانية عن معلومات أكثر خلال الفترة القادمة.
اضف تعليقا