رغم الحملات الأمنية المكثفة التي تنفذها أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية ضد فصائل المقاومة في الضفة الغربية، إلا أن إسرائيل تُصر على أن هذه الجهود غير كافية، معتبرة أن جيشها هو الوحيد القادر على مواجهة المقاومة واحتوائها.

وبحسب تحليل نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، يرى الباحث الإسرائيلي أوري فيرتمان، من مركز إسرائيل للاستراتيجية الكبرى (ICGS)، أن الضفة الغربية تشهد “دراما حقيقية”، حيث تعمل إسرائيل والسلطة الفلسطينية معًا على ملاحقة عناصر المقاومة، خاصة بعد فقدان السلطة السيطرة على مناطق واسعة في شمال الضفة، مثل جنين ونابلس.

وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية بدأت تحركات عسكرية ضد المقاومة منذ ديسمبر 2024، في محاولة لاستعادة سيطرتها، خصوصًا بعد أن أصبحت التهديدات على حكمها أكثر وضوحًا مع تصاعد نفوذ حماس والجهاد الإسلامي.

خشية السلطة من سيناريو غزة 2007

يرى التقرير أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) استلهم تحركاته من تجربة سقوط نظام الأسد في سوريا، حيث يخشى أن تلقى سلطته مصيرًا مشابهًا لما حدث عام 2007، عندما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة بعد معارك دامية مع حركة فتح.

ووفقًا لفيرتمان، فإن عباس لا يتردد في استخدام كافة الوسائل للحفاظ على حكمه، حتى لو تطلب الأمر فرض قيود على وسائل الإعلام، مثل إغلاق قناة الجزيرة مؤقتًا، بسبب اتهامها بتقديم تغطية داعمة لحماس.

أزمة شرعية السلطة وغياب الثقة الإسرائيلية

رغم أن عباس يسعى لاستعادة السيطرة على الضفة الغربية، إلا أن التقرير يؤكد أن السلطة الفلسطينية فقدت شرعيتها بشكل واسع في الشارع الفلسطيني، إذ أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن:

  • 94% من الفلسطينيين يؤيدون استقالة محمود عباس.
  • 73% يعتبرون أن السلطة الفلسطينية أصبحت عبئًا على الشعب الفلسطيني.
  • رغم أن 48% من سكان الضفة يدعمون حركة فتح، إلا أن مرشحًا من حماس قد يهزم عباس بسهولة بنسبة 86% مقابل 10%.

هذه الأرقام تعكس ضعف موقف السلطة الفلسطينية، مما يجعلها غير قادرة على فرض سيطرتها الأمنية دون الدعم الإسرائيلي.

إسرائيل: السلطة غير موثوقة.. ونحن الوحيدون القادرون على المواجهة

يؤكد التقرير الإسرائيلي أن تل أبيب لا تثق في قدرة السلطة الفلسطينية على التصدي للمقاومة، لذلك تنفذ بشكل مستمر عمليات عسكرية تحت مسمى “الجدار الحديدي”، لضرب البنية التحتية لفصائل المقاومة في الضفة الغربية.

ويرى فيرتمان أن “إسرائيل وحدها قادرة على إنجاز هذه المهمة،” محذرًا من أن غياب الجيش الإسرائيلي عن الضفة الغربية قد يؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية بالكامل، مشبهًا وضعها “ببيت من ورق يمكن أن يسقط في أي لحظة”.

وأضاف أن قوات الأمن الفلسطينية غير قادرة أو غير راغبة في مواجهة حماس والجهاد الإسلامي، وهو ما يدفع إسرائيل إلى تنفيذ عمليات عسكرية استباقية للحفاظ على التوازن الأمني في المنطقة.

مخاوف إسرائيلية من تكرار سيناريو السابع من أكتوبر في الضفة

التقرير يؤكد أن إسرائيل لا تسعى لإسقاط السلطة الفلسطينية، بل تعتبر بقاءها أمرًا ضروريًا لإدارة حياة الفلسطينيين، لكنها في الوقت ذاته ترى أنها غير قادرة على منع الفصائل المسلحة من تنفيذ عمليات مقاومة واسعة، على غرار هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته المقاومة في غزة.

ولهذا السبب، ترى إسرائيل أن تدخلها العسكري المباشر في الضفة الغربية ضرورة استراتيجية، لمنع تصاعد المقاومة وتحولها إلى تهديد أكبر قد يمتد إلى داخل الأراضي المحتلة.

نحو مواجهة مفتوحة في الضفة الغربية؟

تكشف هذه التصريحات أن إسرائيل تعتبر السلطة الفلسطينية أداة أمنية ضعيفة لكنها ضرورية، في حين أنها تستمر في تكثيف عملياتها العسكرية ضد فصائل المقاومة، وسط تصاعد الدعم الشعبي لهذه الفصائل.

وفي ظل هذا الواقع، فإن الضفة الغربية مرشحة لمزيد من التصعيد خلال الفترة المقبلة، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض قبضتها الأمنية بنفسها، في وقت تفقد فيه السلطة الفلسطينية مزيدًا من شرعيتها على الأرض.

ويبقى السؤال المطروح: هل ستشهد الضفة مواجهة شاملة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أم أن السلطة الفلسطينية ستتمكن من إعادة فرض سيطرتها لمنع هذا السيناريو؟

اقرأ أيضا: التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية.. مخططات تهويدية تُنذر بالضم والتهجير القسري