شهدت العاصمة الصومالية مقديشو انفجارًا قويًا استهدف موكب الرئيس حسن شيخ محمود أثناء مروره عند تقاطع عيل جابتا بالقرب من القصر الرئاسي في حي حمر ججب وسط المدينة.
وأكدت مصادر أمنية أن الانفجار نجم عن لغم أرضي كان مزروعًا على جانب الطريق، وانفجر لحظة مرور الموكب، متسببًا في أضرار مادية بالمباني القريبة.
وسارعت قوات الأمن إلى فرض طوق أمني حول موقع الحادث، فيما لم يتم الإعلان عن وقوع إصابات مباشرة في صفوف الموكب الرئاسي.
وفي أول تعليق رسمي، أكد مستشار الأمن القومي للرئيس عبر منصة “إكس” أن الرئيس لم يُصب بأي أذى، وأنه يواصل زيارته للجبهات القتالية في الأقاليم الجنوبية والوسطى لدعم العمليات العسكرية الجارية ضد مقاتلي حركة الشباب.
ويأتي هذا التفجير في وقت حساس، حيث كان الرئيس متجهًا إلى أقاليم شبيلي الوسطى والسفلى وهيران لمتابعة العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الصومالي بالتعاون مع السكان المحليين، في مواجهة موجة من الهجمات التي شنتها حركة الشباب مؤخراً في تلك المناطق.
تراجع العمليات في مقديشو وتصعيد بالمناطق الريفية
يرى المراقبون أن استهداف موكب الرئيس يحمل دلالات مهمة، خاصة أن حركة الشباب لم تنفذ عمليات بهذا الحجم داخل مقديشو منذ عامين، حيث تراجعت قدرتها على تنفيذ الهجمات الانتحارية والتفجيرات في العاصمة.
وأكد الضابط المتقاعد شريف روبو في تصريحات صحفية أن هذا الأسلوب الجديد يعكس تغييرًا في تكتيك الحركة، التي باتت تلجأ إلى التفجيرات الأرضية بدلًا من الهجمات الانتحارية التي اشتهرت بها سابقًا.
ويضيف روبو أن السبب وراء هذا التراجع هو الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات، مثل نشر وحدات خاصة من الشرطة العسكرية عند مداخل العاصمة، وإقامة نقاط تفتيش مزودة بكاميرات مراقبة متطورة، مما أفشل محاولات الحركة لاختراق الحواجز الأمنية وتنفيذ هجمات واسعة النطاق.
كما أشار تقرير “مؤشر الإرهاب العالمي 2025” إلى أن العمليات العسكرية التي تقودها الحكومة الصومالية قللت من هجمات حركة الشباب بنسبة 25% على مستوى البلاد، وهو ما يفسر محاولة الحركة البحث عن أهداف رمزية لإثبات وجودها، كما حدث في هذا التفجير.
ورغم هذه الإجراءات، فإن توقيت الهجوم يعكس رغبة حركة الشباب في إيصال رسالة قوية بأن عملياتها لم تتوقف، وأنها لا تزال قادرة على استهداف شخصيات قيادية، حتى وإن كان ذلك على نطاق محدود.
ويؤكد المحلل السياسي محمد عثمان أن استهداف موكب الرئيس في هذا التوقيت، الذي يتزامن مع تقدم الجيش في عدة جبهات، يحمل أبعادًا سياسية وأمنية، إذ تحاول الحركة رفع معنويات مقاتليها عبر تنفيذ عمليات نوعية، وإظهار قدرتها على ضرب أهداف حساسة، مما قد يُربك مسار العمليات العسكرية الجارية ضدها.
أصابع الاتهام تتجه نحو الإمارات… دعم الفوضى وتقسيم الصومال
في ظل تصاعد الأحداث الأمنية في الصومال، لم تتأخر الاتهامات في التوجه نحو الإمارات، التي لطالما اتُّهمت بلعب دور في زعزعة استقرار البلاد من خلال دعم جماعات مسلحة وساسة موالين لها.
ويشير مراقبون إلى أن أبوظبي تسعى لإبقاء الصومال في حالة من الفوضى الأمنية، بما يتيح لها تنفيذ أجندتها الخاصة التي تشمل تعزيز نفوذها في بعض الأقاليم والانخراط في صراعات داخلية تخدم مصالحها الجيوسياسية.
ويأتي هذا في وقت تتزايد فيه التقارير حول تورط الإمارات في تمويل جهات تعمل على تقويض سلطة الحكومة المركزية، سواء عبر دعم بعض زعماء القبائل المتحالفين معها، أو من خلال علاقات غامضة مع جهات مشبوهة داخل البلاد.
ويعتقد بعض المحللين أن التفجير الأخير قد يكون جزءًا من مخطط أوسع لإضعاف الحكومة المركزية وإطالة أمد النزاع المسلح، ما يسهل على الإمارات التغلغل في شؤون البلاد عبر أدواتها الأمنية والاقتصادية.
وبينما لم تصدر الحكومة الصومالية أي اتهام رسمي حتى الآن، فإن تصاعد العمليات المسلحة في توقيت حساس كهذا يثير تساؤلات حول الأطراف المستفيدة من استمرار حالة عدم الاستقرار في البلاد، في ظل مساعٍ دولية لدعم جهود إعادة بناء الدولة الصومالية وإضعاف القوى التي تعمل ضدها.
اقرأ أيضًا : “بنك القاهرة” في قبضة الإمارات.. لماذا يفرط السيسي في ثالث أكبر بنك حكومي؟
اضف تعليقا