في فضيحة جديدة تكشف عن تورط شركات التكنولوجيا الأمريكية في دعم آلة الحرب الإسرائيلية، كشف تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس أن خدمات مايكروسوفت وأوبن أيه آي لعبت دورًا محوريًا في تعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية، مما أدى إلى زيادة عدد القتلى بين من تصفهم تل أبيب بـ”المشتبه بهم” في غزة ولبنان. 

يأتي هذا في ظل تصاعد الاعتماد الإسرائيلي على الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، وهو ما أثار مخاوف من أن التكنولوجيا أصبحت أداة جديدة في ترسانة الاحتلال لتوسيع دائرة القتل والاستهداف العشوائي.

شراكة استخباراتية رقمية

بحسب التحقيق، فقد ضاعفت إسرائيل من استخدام تقنيات تحليل البيانات المتقدمة التي توفرها مايكروسوفت وأوبن أيه آي، مما مكّنها من رصد وتتبع الأهداف المحتملة بشكل غير مسبوق. 

يعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتحديد مواقع الأفراد وتصنيفهم بناءً على أنماط سلوكهم الرقمي، مما يتيح توجيه الضربات بسرعة أكبر وبتخطيط أكثر دقة. 

لكن في الواقع، هذه الأنظمة لم تكن دقيقة دائمًا، حيث أدى الاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعي إلى استهداف خاطئ، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين أبرياء.

التقرير أشار إلى أن هذه التقنيات عززت من قدرة إسرائيل على تنفيذ عمليات اغتيال عبر المسيرات المسلحة، حيث يتم تحليل بيانات الأفراد عبر منظومات ذكاء اصطناعي متطورة قبل تصفيتهم.

كما أن هذا النهج، الذي يدمج بين الاستخبارات البشرية والخوارزميات الرقمية، أدى في بعض الحالات إلى “أخطاء تحليلية قاتلة”، ما يعكس خطورة الاستعانة بهذه التقنيات دون ضوابط أخلاقية أو قانونية.

مايكروسوفت و”أوبن أيه آي”.. شركاء في جرائم الاحتلال

لم يكن دعم شركات التكنولوجيا الأمريكية لإسرائيل مقتصرًا على توفير البرمجيات والخدمات السحابية، بل امتد ليشمل تمويل الأبحاث وتطوير أدوات ذكاء اصطناعي تخدم الأهداف العسكرية الإسرائيلية. 

التحقيق كشف أن مايكروسوفت قدمت خدمات سحابية متطورة لمؤسسات أمنية إسرائيلية، ما ساعدها في تحليل كميات هائلة من البيانات الواردة من الطائرات المسيرة وأجهزة التنصت.

أما أوبن أيه آي، فتشير التقارير إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها استخدمت لتحليل البيانات الاستخباراتية وتسريع عملية اتخاذ القرار بشأن تنفيذ الضربات. 

هذا يعني أن الخوارزميات الأمريكية باتت تلعب دورًا في تصفية الفلسطينيين واللبنانيين بقرار رقمي، بعيدًا عن أي اعتبارات قانونية أو إنسانية.

شركات التكنولوجيا الكبرى: دعم غير معلن لآلة الحرب الإسرائيلية

ما كشفه التحقيق عن مايكروسوفت وأوبن أيه آي ليس سوى جزء من منظومة أكبر من التواطؤ بين عمالقة التكنولوجيا والاحتلال الإسرائيلي. جوجل، على سبيل المثال، متورطة في تطوير برمجيات أمنية لصالح الجيش الإسرائيلي عبر مشروع “نيمبوس” السحابي، الذي يوفر قدرات تحليل متقدمة للبيانات العسكرية الإسرائيلية.

أما ميتا، فقد لعبت دورًا مختلفًا لكنه لا يقل خطورة، إذ ساعدت في التغطية على الانتهاكات الإسرائيلية عبر فرض رقابة مشددة على المحتوى الفلسطيني على منصاتها، مما أدى إلى تقييد وصول المعلومات حول جرائم الاحتلال إلى العالم.

توقف الحرب.. ولكن ماذا عن المستقبل؟

جاء هذا التحقيق بعد أسابيع من توقف الحرب في غزة، إثر إبرام صفقة تبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، إلا أن هذه التسريبات تفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول دور التكنولوجيا في حروب المستقبل، حيث لم تعد الطائرات والأسلحة التقليدية وحدها أدوات القتل، بل دخلت شركات التكنولوجيا على الخط كشركاء في التصفية والعدوان.

تظهر هذه المعلومات كيف تحوّلت فلسطين ولبنان إلى ساحات تجارب لمنظومات الذكاء الاصطناعي التي تطورها الشركات الأمريكية، في وقت يدّعي فيه الغرب دعم القيم الإنسانية والحقوق المدنية. 

فهل ستتحرك الحكومات والمنظمات الحقوقية لوضع حد لهذا التواطؤ، أم أن هذه الشركات ستواصل لعب دور المقاول الرقمي في حروب الاحتلال؟

اقرأ أيضًا : احتجاجات أمام مقر BBC في لندن: اتهامات بالتحيز والتضليل الإعلامي لصالح إسرائيل