في خطوة نادرة تعبّر عن رفض الضمير الحي داخل الشركات الكبرى، قدّم ثمانية موظفين في شركة “ميرسك” العالمية للنقل البحري، استقالاتهم من فرعها في ميناء طنجة المتوسط 2 بالمغرب، احتجاجًا على تورط الشركة في شحن أسلحة أمريكية إلى الاحتلال الإسرائيلي، وسط استمرار العدوان الدموي على قطاع غزة.

الاستقالات، التي تحوّلت إلى حدث رمزي لافت، جاءت في وقت يتزايد فيه الغضب الشعبي العربي والعالمي من الدور الذي تلعبه بعض الموانئ والمؤسسات في تسهيل نقل السلاح إلى آلة الحرب الإسرائيلية.

استقالات الضمير.. ورفض المشاركة في الجريمة

وفق مصادر محلية مغربية، اتخذ الموظفون قرارهم بعد تعرضهم لضغوط مباشرة من إدارة الشركة التي أصرّت على تفريغ شحنات أسلحة وصلت على متن سفن أمريكية، في طريقها إلى “إسرائيل”.

العمال الذين قدموا استقالاتهم رفضوا المشاركة في أي عمليات لوجستية مرتبطة بنقل السلاح، وأكدوا أن هذه المهام تتناقض مع مبادئهم الأخلاقية، خاصة في ظل المجازر التي يرتكبها الاحتلال يوميًا في غزة.

في المقابل، ردّت إدارة “ميرسك” بفرض الأمر الواقع، واختارت عددًا من العمال القدامى غير المنضمين للنقابات، لتمرير الشحنات، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تمييزية وتعسفية تهدف لتفادي أي احتجاجات جماعية.

ميناء طنجة بديلاً بعد الحظر الإسباني

ما يزيد من خطورة هذه التطورات هو أن ميناء طنجة أصبح بديلاً استراتيجيًا لشحن الأسلحة، بعد أن رفضت الحكومة الإسبانية السماح باستخدام موانئها لنقل السلاح إلى الاحتلال، استجابة للضغوط الشعبية المتواصلة.

وبحسب تقارير، وصلت خلال الأيام الماضية سفينة أمريكية محمّلة بشحنة أسلحة إلى طنجة، في طريقها إلى “إسرائيل”، وسط تكتّم رسمي، وغياب أي رقابة برلمانية أو مساءلة وطنية.

البعد الأخلاقي.. ورسالة عمال طنجة إلى العالم

الاستقالات الجماعية لم تكن مجرد احتجاج إداري، بل رسالة أخلاقية موجهة إلى العالم، بأن هناك من يرفض تحويل الأراضي والموانئ العربية إلى جسور تمرّ عبرها أدوات القتل والمجازر.

وتأتي هذه الخطوة بالتوازي مع تصاعد حملات المقاطعة الشعبية والضغوط على الشركات المتورطة في دعم الاحتلال، سواء عبر التسليح أو الخدمات اللوجستية.

بين الصمت الرسمي والوعي الشعبي

  • الصمت الحكومي المغربي تجاه استخدام ميناء طنجة كمنصة دعم عسكري للاحتلال الإسرائيلي يعكس تناقضًا صارخًا مع موقف الشعوب الرافضة للتطبيع.

  • رفض الموظفين في “ميرسك” المشاركة في عمليات الشحن يسلط الضوء على اتساع فجوة الوعي بين الحكومات وشعوبها، التي ترى في دعم الاحتلال خيانة للمبادئ الإنسانية والقومية.

  • في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وتحقيق أرقام قياسية في أعداد الشهداء، يصبح أي تورط لوجستي أو صناعي دعمًا مباشرًا في الجرائم الجارية.

من طنجة إلى غزة.. السلاح يمر والمقاومة تتسع

رسالة استقالات موظفي “ميرسك” في طنجة تقول بصوت واضح:

لن نكون طرفًا في قتل الأطفال تحت الأنقاض.

قد لا تغيّر هذه الخطوة مسار السفن، لكنها بالتأكيد أحدثت شرخًا في جدار الصمت، وربما تُلهم آخرين لرفض التواطؤ مع مشاريع الموت، حتى لو كان الثمن وظيفة.

اقرأ أيضا: لمن يسأل: لماذا باع ملك المغرب فلسطين؟ هنا جزء من الجواب