في الجزء السابق تناولنا بداية تنامي ثروة أبناء الشيخ زايد من زوجته الشيخة فاطمة، أو كما يُطلق عليهم “عيال فاطمة”، حتى وصلت إلى حجم خيالي جعلهم من أغنى العائلات في العالم، بل أغنى العائلات بالفعل.
في هذا الجزء نسلط الضوء على الطرق والأساليب التي لجأت إليها العائلة الحاكمة في أبو ظبي من أجل تثبيت نفوذها كقوى عظمى في المنطقة، بل في العالم، بغض النظر عن قانونية أو شرعية هذه الطرق.
في شهادته خلال محاكمته، قال توم باراك، ملياردير الأسهم الخاصة المقرب من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ردًا على سر تقاربه من الشيخ طحنون بن زايد: ” إنه أحد أكبر رجال الأعمال في العالم”.
كان باراك يُحاكم بتهم تتعلق بالفساد، لكن سقطت عنه جميع التهم وتمت تبرئته الشهر الماضي بعد ضغوطات “غير قانونية” مارستها الإمارات كي ينجو باراك.
خلال المحاكمة، قدم المستثمر تفاصيل محاولته التقرب من الشيخ طحنون، والتي تضمنت إعطائه كتابًا نادرًا عن الخيول العربية والذهاب في رحلة مشتركة لركوب الدراجات في الصحراء المغربية، في محاولة لكسب عمل لشركته Colony Capital LLC، عن ذلك قال باراك: “يتمتع بصفات رجل الأعمال القوي والناجح، ومستثمر في صندوق الثروة السيادية، ولديه نفوذ في استثمارات عديدة تُناقش في مجلسه كل ليلة”، في إشارة إلى الاجتماعات التي تُعقد في غرفة الجلوس العربية التقليدية.
هذه الجلسات كان يحضرها زوار رفيعو المستوى من حيث الاقتصاد والاستثمارات التجارية حول العالم، مثل عملاق العقارات الأمريكي سام زيل والصناعي الهندي غوتام أداني والمصرفي الكولومبي خايمي جيلينسكي، حسب شهادة باراك.
بطبيعة الحال، لم يكن طحنون يسير هذه الأعمال بمفرده، فبينما كان هو على رأس دبلوماسية مكوكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، استعان بمستشارين أصحاب ثقة من أجل الحفاظ على سير أعمال امبراطوريته كما يجب.
أبرز هؤلاء المستشارين الممولة صوفيا عبد اللطيف لاسكي، مغربية المولد، والتي عملت مع الشيخ طحنون لمدة عقدين من الزمان حققا خلالها نجاحات باهرة.
في تصريحات خاصة، قال سام زيل، الذي يعرف العائلة المالكة منذ حوالي 20 عامًا: “لقد تعرفت على العديد من الأشخاص الذين يشغلون مناصب حكومية رفيعة في جميع أنحاء العالم… طاقم أبو ظبي، خاصة الشيخ طحنون وصوفيا، يحتل المرتبة الأولى”.
زادت قيمة بعض استثمارات مجموعة رويال بمبالغ مذهلة في السنوات الأخيرة، خاصة IHC – كما تُعرف الشركة القابضة الدولية – التي تتصدر تلك القائمة، متفوقةً على أي شركة في العالم تزيد قيمتها عن مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقًا للبيانات التي جمعتها وكالة بلومبرج.
في غضون ذلك، انطلقت المدينة العالمية للخدمات البيئية – التي تمتلك مجموعة رويال جروب أغلبية الأسهم فيها- من مستثمر غير معروف يركز على تربية الأسماك لتصبح الشركة المدرجة الأكثر قيمة في الإمارات العربية المتحدة، بل نافست شركات مثل McDonald’s Corp و Nike Inc و Blackstone Inc.
بالرغم من هذه النجاحات، لم تنجح الشركة في إغراء المستثمرين الدوليين، إذ أعرب البعض منهم بشكل خاص عن مخاوفهم بشأن الافتقار إلى الشفافية فيما يتعلق بالإدارة والتدقيق.
قال أشخاص مطلعون إنه في حين أن مجموعة رويال كانت عميلاً مطلوبًا، إلا أن معظم البنوك الدولية ابتعدت إلى حد كبير عن إبرام صفقات مع المدينة العالمية للخدمات الإنسانية بسبب مخاوف بشأن القيمة السوقية المتضخمة.
الشركة، التي تعتمد بشكل شبه حصري على التمويل المحلي، يتم تداولها بما يقرب من 18 ضعف قيمتها الدفترية، مقارنة بنسبة 1.5 تقريبًا لشركة Warren Buffett’s Berkshire Hathaway Inc، لكن المصالح المتداخلة للعائلة – بما في ذلك الوسطاء المسيطرون الذين يهيمنون على التداول في أبو ظبي وملكية ADQ لبورصة الإمارة – تساعد في ضمان دعم المدينة العالمية للخدمات الإنسانية.
في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني أصدرت الشركة أسهمًا لتكتل آخر في أبو ظبي مقابل الحصول على أسهم في شركات بما في ذلك شركة ألفا أبو ظبي القابضة ش.م.ع، ثالث أكثر الشركات قيمة في الإمارات العربية المتحدة وجزء آخر مدرج من إمبراطورية العائلة.
وارتفعت الأسهم في بداية هذا الشهر إلى 409 دراهم (نحو 111 دولارا) مقتربة من أعلى مستوى سجلته الشهر الماضي، وحسب محللين فإن الارتفاع الصاروخي الذي حققته شركة الاستثمار هو رمز للقوة المتزايدة لآل نهيان وأبو ظبي في وقت كانت دبي محل اهتمام دولي كبير.
كي لا تتركز الأضواء كلها ناحية دبي، عززت أبو ظبي -الإمارة الغنية بالنفط- مكانتها كلاعب مهيمن في الإمارات عندما أنقذت جارتها المبهرجة بمبلغ 20 مليار دولار في أعقاب الأزمة المالية، ومنذ ذلك الحين، أضاف آل نهيان وجهات سياحية، بما في ذلك منتزه فيراري وورلد الترفيهي الداخلي، والموقع المحلي لمتحف اللوفر في باريس ومضمار سباق الفورمولا 1.
تحت قيادة محمد بن زايد، عززت الإمارات العربية المتحدة قوتها في السياسة الخارجية أكثر، إذ دعمت البلاد الجنرال خليفة حفتر والمتمردين الليبيين، وانضمت إلى الحظر المفروض على قطر في عام 2017 وتورطت في الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران في اليمن.
لكن في الآونة الأخيرة، اتجهت الإمارات العربية المتحدة نحو خفض التصعيد في المنطقة، وهو موقف يتماشى مع الجهود المبذولة لتوسيع القوة الناعمة من خلال عقد الصفقات، خاصة بعد أن التقى الشيخ طحنون بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام الماضي، وأسفر اللقاء عن شراء المدينة العالمية للخدمات الإنسانية حصة 50٪ في شركة تركية للطاقة المتجددة.
كما استثمرت الشركة ما يقرب من ملياري دولار في ثلاث شركات مملوكة للملياردير الهندي أداني بعد أن وقعت البلدان صفقة تجارية، بينما اشترت ADQ حصصًا في شركات مصرية رئيسية للمساعدة في دعم الاقتصاد المتعثر.
قد تكون قمة المجموعة 42 هي الرابط الأكثر مباشرة بين الأعمال والسلطة في أبو ظبي، وبعد تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، أصبحت شركة الذكاء الاصطناعي – التي يرأسها الشيخ طحنون – أول شركة إماراتية تفتح مكتبًا هناك، لتتوالى بعد ذلك الصفقات بين الشركة وبين شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة المملوكة لإسرائيل.
للاطلاع على النص الأصلي كاملًا من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا