دعا نواب بريطانيون الحكومة إلى تعليق برامج التمويل “السرية” التي تبلغ قيمتها ملايين الجنيهات الإسترليني إلى دول الخليج العربي، كون هذه البرامج قد تعرض المملكة المتحدة لخطر التواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في بعض البلدان مثل المملكة العربية السعودية والبحرين.

 في تقرير حديث قالت المجموعة البرلمانية المكونة من جميع الأحزاب والمعنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان في الخليج إن البرامج التي يدعمها صندوق النشاط المتكامل كانت تدار “بأقل مستويات ومعايير المساءلة والشفافية والعناية الواجبة على الرغم من تورط تلك الدول بشكل متكرر في انتهاكات حقوق الإنسان “.

 وأضاف التقرير أن المؤسسات المدعومة من صندوق النشاط المتكامل في المملكة العربية السعودية والبحرين “قامت بتبييض انتهاكات حقوق الإنسان، مما عرض حكومة المملكة المتحدة لخطر التواطؤ في تلك الانتهاكات”.

 وقال التقرير، المقرر نشره يوم الثلاثاء، إن سلاح الجو الإسرائيلي أنفق 53 مليون جنيه إسترليني خلال 2016/2017، و2019/2020.

 تعتبر كل من المملكة العربية السعودية والبحرين شريكين رئيسيين للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط، حيث تستضيف الأخيرة قواعد بحرية بريطانية وأمريكية، لكن كلاهما دولتان استبداديتان تتمتعان بسجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان.

 في المملكة العربية السعودية، تم اتهام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، بالإشراف على حملات قمعية متزايدة ضد حقوق الإنسان، حيث تم اعتقال عشرات النشطاء ورجال الأعمال، والعائلة المالكة، والمدونين، والأكاديميين.

كما خلصت وكالات المخابرات الأمريكية في تقرير لها إلى أن بن سلمان قد أذن بالعملية التي أدت إلى مقتل جمال خاشقجي عام 2018 داخل قنصلية المملكة في إسطنبول.

 من ناحية أخرى، وبحسب صحيفة فاينانشال تايمز – تواجه العائلة المالكة الحاكمة في البحرين اتهامات بالإشراف على حملة منذ سنوات ضد المعارضين منذ أن سحقت السلطات انتفاضة شعبية خلال الربيع العربي عام 2011.

وبحسب الإحصاءات، يوجد نحو 1500 سجين سياسي في المملكة الصغيرة، بينما تم تجريد ما يقرب من 300 بحريني من جنسيتهم، وفقاً لمعهد البحرين للحقوق والديمقراطية.

 وبحسب صحيفة الإندبندنت فإن المستفيدون من هذه البرامج في السعودية التمويل الحرس الوطني السعودي والفريق المشترك لتقييم الحوادث في البلاد، والذي انتقدته منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية مرارًا وتكرارًا بسبب “عدم تقديم تحقيقات موثوقة ونزيهة وشفافة في انتهاكات التحالف العربي المزعومة لقوانين الحرب. “

 كما علق جوزي ثوم للصحيفة، الباحث في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية أنه “على الرغم من ضخ ملايين الجنيهات في دول الخليج على مدى السنوات الخمس الماضية، يُظهر هذا التقرير أن المؤسسات المدعومة من المملكة المتحدة مستمرة التورط في انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، بما في ذلك جرائم الحرب المزعومة وعمليات الإعدام وتعذيب الأطفال.

وأضاف “في الوقت الذي يسعون فيه إلى تعميق العلاقات التجارية مع الخليج، يجب على الحكومة أن تبدأ في جعل حياة الناس أعلى من الأرباح وأن تتصالح مع الجمهور بشأن كيفية إنفاق أموالهم في المنطقة”.

 تم إطلاق صندوق النشاط المتكامل عام 2016 وبدأ تمويل البرامج في الخليج في 2017، تحت إشراف مكتب مجلس الوزراء البريطاني، ثم تم استبداله بصندوق استراتيجية الخليج عام 2020، والذي يقع تحت إشراف وزارة الخارجية البريطانية.

 التقرير، الذي أقره 10 من أعضاء المجموعة البالغ عددهم 17، وعلى رأسهم النائب المحافظ السير بيتر بوتوملي، الذي اتهم الحكومة بأنها “مضللة” و “خادعة” بشأن الصندوق، حيث ادعت أنه صندوق لدعم مجالات صحة والرياضة والثقافة ولم تُستخدم برامجه في أمور أمنية في البحرين.

 وكانت وزارة الخارجية البريطانية قد قالت -في وقت سابق- إن كل أشكال التعاون من خلال صندوق استراتيجية الخليج “تخضع لتقييم دقيق للمخاطر لضمان أن جميع الأعمال تفي بالتزاماتنا في مجال حقوق الإنسان وقيمنا”، وأضافت “نحن نشجع الدول الأخرى على احترام القانون الدولي”.

 وهي تصريحات كذبها التقرير الذي قال: “بصفتنا برلمانيين، نادراً ما واجهنا مقاومة حكومية كبيرة كما حدث عندما بدأنا في التحقيق في مصدر التمويل السري لصندوق النشاط المتكامل وصندوق استراتيجية الخليج “.

 ووفقًا للحكومة، يدعم صندوق الخليج العربي خطة إصلاح رؤية الأمير محمد 2030 في المملكة العربية السعودية، وفي البحرين يتم دعم الإصلاحات من أجل “توفير الأمن والاستقرار على المدى الطويل”، كما يوجد تعاون مع الإمارات العربية المتحدة حيث “يؤمن التزامًا متزايدًا” من أبو ظبي للعمل مع المملكة المتحدة لتحديد التهديدات مثل التمويل غير المشروع والجرائم الإلكترونية والإرهاب والرد عليها.

 لكن التقرير الشامل قال إن صندوق النشاط المتكامل وصندوق استراتيجية الخليج يمولان برامج “لجهات في البحرين والمملكة العربية السعودية متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي”.

 وطالب التقرير المملكة المتحدة بضرورة “تعليق التمويل الحكومي لدول مجلس التعاون الخليجي من هذه الصناديق على الفور لحين إجراء تحقيق مستقل في تورطه في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي”.

  للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا