تقرير جديد من BBC يعرض الجريمة الشنعاء التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق طواقم الإسعاف في غزة الأسبوع الماضي، لكن بأسلوب بارد، وقح، خالٍ من أي حس إنساني… أسلوب يبرّر القتل ويمنح الغطاء لرواية القاتل.
المجزرة وقعت قرب رفح، حين استهدفت قوات الاحتلال قافلة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، ترافقها سيارة أممية وشاحنة دفاع مدني. الاحتلال زعم أن القافلة كانت تتحرك “بشكل مريب” في الظلام… ثم تبيّن أن كل المركبات كانت تسير بأضوائها الكاشفة، ومميزة بوضوح، كما ظهر في مقطع مصوّر التقطه أحد المسعفين قبل لحظات من مقتله.
الصدمة ليست فقط في الجريمة نفسها، بل في الرواية التي روّج لها جيش الاحتلال، والتي نشرتها BBC دون أدنى التزام بمعايير إنسانية أو حياد صحفي، وقد جاء في بيان الاحتلال حول الواقعة:
- قالوا إن المركبات لم تكن مضاءة، لكن الفيديو الذي نُشر من هاتف أحد الضحايا فضحهم
- قالوا إنهم لم يعرفوا أنهم مسعفون، بالرغم من أن الملابس والشعارات واضحة.
- قالوا إنهم “اعتقدوا” بوجود خطر من قبل هؤلاء الأشخاص، بالرغم من أن القافلة لم تطلق أي نار
- اعترفوا لاحقًا أن الضحايا غير مسلحين، ومع ذلك أطلقوا النار وقتلوا 15 شخصًا.
ثم جاءت الكارثة الأكبر:
قام الجنود بدفن الجثث في الرمال. نعم، دفنوهم مثل النفايات، بحجة حماية الجثث من الحيوانات، ثم أزالوا المركبات لتفريغ الطريق. لم تُكتشف الجثث إلا بعد أسبوع، حين وصلت فرق دولية إلى المكان.
BBC، في المقابل، لم تصف ذلك بأنه إعدام ميداني أو جريمة حرب، بل ركّزت على نقل تصريحات “مسؤول عسكري إسرائيلي” قال فيها إن القتلى “على صلة بحماس”، دون أي دليل، وأقرّ بيان الاحتلال أنهم كانوا غير مسلحين، لكنهم قُتلوا على كل حال، ومع ذلك نقلت BBC تصريحات المسؤول العسكري الإسرائيلي الذي أنكر خلالها أن المسعفين تعرضوا للتكبيل أو الإعدام من مسافة قريبة، كما ذكرت تقارير وشهادات سابقة، لكن هذه التصريحات لم تقنع أحدًا، خصوصًا بعد انتشار الفيديو الذي صوره المُسعف الشهيد رفعت رضوان وهو يسجل لحظاته الأخيرة، والذي تضمن دعاءه الأخير، بينما الرصاص يخترق المركبة، وقبل أن تقترب أصوات جنود الاحتلال منه ومن زملائه.
وبدل أن تسأل الشبكة الإعلامية البارزة: لماذا تستهدف إسرائيل سيارات إسعاف؟ لماذا تدفن الجثث؟ لماذا تُطلق النار على غير المسلحين؟ سألت في تقريرها فقط: “هل كانت هناك أضواء؟”
تأتي هذه الجريمة الوحشية ضمن سياق أوسع من الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة، حيث استأنف الاحتلال قصفه الجوي والبري على غزة في 18 مارس، بعد انهيار الهدنة الجزئية، وسط تعثّر المفاوضات حول المرحلة الثانية من الاتفاق.
وقد قُتل أكثر من 1,200 فلسطيني منذ ذلك التاريخ فقط، بحسب وزارة الصحة في غزة. فيما ارتفع إجمالي عدد الشهداء منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023 إلى أكثر من 50,600 شهيد، معظمهم من النساء والأطفال.
اضف تعليقا