وصل اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في زيارة تثير العديد من التساؤلات حول أهدافها الحقيقية والداعمين الخفيين وراءها، وفي مقدمتهم الإمارات العربية المتحدة.
حفتر، الذي يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب في ليبيا، بدا مدعوما في هذه الزيارة من قبل الإمارات التي دعمت قواته عسكريًا وماليًا في مواجهته للحكومة الليبية المعترف بها دوليا، في محاولة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
لقاءات مع بوتين وشويغو.. وغياب الشفافية
بحسب ما نشرته “القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية” التابعة لحفتر، التقى الأخير الرئيس الروسي بوتين في مقر الكرملين، بالإضافة إلى اجتماعه بوزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف وسكرتير مجلس الأمن سيرغي شويغو.
اللافت أن البيان الروسي لم يقدم أي تفاصيل حول مضمون المحادثات، في حين اكتفت الصفحة الرسمية لحفتر بالإشارة إلى أن اللقاء تناول “آخر التطورات الإقليمية وسبل تعزيز التعاون العسكري”.
لكن الواقع يشير إلى أن هذه الزيارة تأتي في سياق دعم إماراتي واضح لحفتر، الذي حظي سابقًا بالدعم العسكري الإماراتي في معاركه ضد حكومة الوفاق الوطني الليبية، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والأسلحة الثقيلة.
الدعم الإماراتي لم يتوقف عند الجانب العسكري، بل امتد إلى الدعم الدبلوماسي والمالي، حيث سعت الإمارات إلى تسويق حفتر كحليف لها في مواجهة التيارات الإسلامية والسلطات الشرعية في ليبيا.
الإمارات والمصالح الروسية في ليبيا
الدور الإماراتي في دعم حفتر ليس بجديد، بل هو امتداد لاستراتيجية أبوظبي في السيطرة على مسارات الأزمة الليبية بما يتماشى مع مصالحها الإقليمية.
وبالنسبة لروسيا، فإن حفتر يمثل أداة لتحقيق أهدافها في ليبيا، التي تعتبرها موسكو بوابة لتعزيز نفوذها في شمال إفريقيا وشرق المتوسط. وقد تجلى ذلك بوضوح من خلال الدعم العسكري الروسي لحفتر عبر مرتزقة “فاغنر” والاتفاقيات العسكرية التي تم توقيعها بين الطرفين.
لكن هذه الزيارة، التي جاءت في توقيت حساس بعد احتفالات روسيا بالذكرى الثمانين لانتصارها على النازية، تعكس عمق العلاقات بين موسكو وحفتر، بدعم إماراتي متواصل.
حضور حفتر العرض العسكري في الساحة الحمراء يعكس رغبته في تقديم نفسه كحليف لروسيا، مستغلاً الدعم الإماراتي المستمر لتعزيز صورته الدولية وتلميع سمعته بعد اتهامات بارتكاب جرائم حرب في ليبيا.
هل تتحول موسكو إلى منصة لإعادة تأهيل حفتر؟
اللقاءات التي عقدها حفتر مع المسؤولين الروس، وخاصة بوتين ووزير الدفاع شويغو، تكشف عن رغبة موسكو في تعزيز وجودها في ليبيا عبر دعم شخصية عسكرية تتمتع بعلاقات وثيقة مع الإمارات.
لكن السؤال الأهم يبقى: هل تتحول موسكو إلى منصة لإعادة تأهيل حفتر دوليًا بعد تورطه في جرائم حرب وارتكاب انتهاكات واسعة بحق المدنيين في ليبيا؟
التحالف الثلاثي (روسيا – الإمارات – حفتر) يسعى لتحقيق مصالحه على حساب الشعب الليبي، الذي دفع ثمنًا باهظًا بسبب هذه التدخلات الخارجية.
ورغم محاولات حفتر الظهور كزعيم عسكري قادر على تحقيق الاستقرار، فإن سجله الدموي في ليبيا وسجله الحافل بالانتهاكات يجعل من الصعب على المجتمع الدولي التعامل معه كزعيم شرعي.
في ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل ليبيا مرهونًا بتوازنات القوى الإقليمية والدولية، فيما تستمر الإمارات في لعب دور مشبوه في دعم حفتر وتلميع صورته، على حساب معاناة الشعب الليبي وحريته.
اقرأ أيضًا : الإمارات تهاجم حكومة السودان: وقاحة دعم الميليشيات والتهجم على الشرعية
اضف تعليقا