خطوة جريئة أقدمت عليها حركة المقاومة الإسلامية حماس باتخاذ قرار حل اللجنة الإدارية بقطاع غزة تستدعي مقابلتها بإجراء فوري من حركة فتح التي أصبحت في اختبار صعب يعكس مدى جديتها في الوصول إلى مصالحة فلسطينية تنهي عملية الانقسام القائمة منذ نحو عشر سنوات.

بهذه الخطوة أزالت حركة حماس العقبة التي كانت تضعها حركة فتح في طريق المصالحة الوطنية في انتظار قرار من جانب حكومة الحمد الله لاستلام مهامها في قطاع غزة المحاصر.

كما أعربت الحركة عن موافقتها لإجراء الانتخابات العامة، واستعدادها للحوار مع حركة “فتح”، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

على الجانب الآخر اكتفت فتح بالترحيب بالقرارات واعتبرت أن جدية المصالحة ستظهر من خلال التطبيق ولم تقم بأي إجراء فعلي، لتصدر حماس بيانا آخر طالبت فيه رئيس السلطة الفلسطينية باتخاذ خطوة عاجلة بإلغاء جميع قراراته وإجراءاته العقابية ضد سكان القطاع، ودعت الحكومة للقيام بواجباتها فورا تجاه غزة.

وفي تصريحات خاصة للعدسة يرى المحلل السياسي الفلسطيني محمد مشينش أن المصالحة الفلسطينية هي مطلب لجميع أطياف الشعب الفلسطيني أولا ثم هي مطلب لجميع أنصار الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

واعتبر “مشينش” أن دخول القوى الإقليمية مثل تركيا على الخط في هذا الملف قد أعطى زخما إضافيا لإنجاز المصالحة وأن رعاية مصر لهذا الاتفاق بمثابة ضامن له.

وأعرب عن أمله في أن يكون هناك جدية في التعاطي مع هذا الملف من جميع الأطراف سواء من الأطراف الفلسطينية أو الجهة الضامنة.

وأضاف: “حماس بادرت بتنفيذ ما طلب منها وما اعتبرته حركة فتح عقبة في طريق تحقيق المصالحة وبقي أن تقدم حركة فتح في رام الله خطوة جادة مقابل ما قدمته حماس”.

وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني في غزة يعاني نتيجة إجراءات السلطة ضده بحجة الإجراءات الحمساوية في القطاع.

وعن جدية حركة فتح في المصالحة أوضح “مشينش” أن حركة حماس قدمت ما لديها وأثبتت مصداقيتها ويبقى في المقابل أن تقدم فتح خطوات عملية وجادة.

فيما اعتبر صلاح الدين العواودة المحلل السياسي الفلسيطني أن محادثات القاهرة تتم وكأنها امتداد للحوارات مع تيار دحلان حيث يتم تحقيق تقدم في اللقاءات بين مصر ودحلان من جهة وقطاع غزة من جهة أخرى.

وعلى صعيد العلاقة مع الضفة الغربية يرى أنه لا وجود لأي تقدم من جهة حركة فتح غير الترحيب الحذر بحل اللجنة الإدارية، مضيفا: “يبدوا أن حركة فتح غير مرتاحة للدور المصري بسبب علاقة مصر بدحلان ورعاية الحوار بينه وبين حماس مما يعني تفاؤلاً تجاه تحسن الأوضاع في غزة وتشاؤماً تجاه المصالحة”.

وأشار العواودة إلى أنه من المبكر الحديث عن مصالحة لكن الواقعي أنه تم اتخاذ إجراءات على الأرض في مجالات مثل بناء الثقة بين حماس والنظام المصري من جهة وعلى صعيد التصالح مع تيار دحلان من جهة أخرى.

لم يختلف المحلل السياسي، عدنان أبو عامر، عن الآراء السابقة وأكد أن استجابة حماس للوساطة المصرية بحل اللجنة الإدارية خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه أشار إلى أن التحديات مازالت ماثلة أمام ملف المصالحة.

ويرى أبو عامر أن حلّ اللجنة “خطوة تنزع ذرائع الرئيس عباس”، لكنها ” لا تعني أننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من مصالحة فلسطينية جادة”.

الفصائل الفلسطينية بدورها رحبت بالخطوة التي اتخذتها حماس نحو المصالحة ودعت حركة فتح للقيام بخطوات إيجابية مماثلة لتذليل العقبات والوصول إلى اتفاق ينهي الانقسام والقضايا العالقة ويعيد اللحمة الغائبة منذ سنوات.

ومن جهة أخرى طالبت حركة الجهاد الإسلامي، حركة فتح بالعمل على إعادة بناء منظمة التحرير وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني.

ترحيب أممي

من جانبه رحب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، “نيكولاي ملادينوف”، بإعلان حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، حل لجنتها الإدارية في قطاع غزة، والسماح لحكومة الوفاق الفلسطينية باستئناف عملها هناك.

ودعا المنسق الأممي جميع الأطراف لاغتنام هذه الفرصة واستعادة الوحدة الفلسطينية، وفتح صفحة جديدة لصالح الشعب الفلسطيني.

أما أهالي غزة فيعيشون بين التفاؤل والحذر كونهم المتضرر الأول والأخير من هذا الإنقسام، فبرغم التطورات الواردة من القاهرة والتقدم الملموس في ملف المصالحة إلا أن فشل محاولات المصالحة السابقة لا يزال مسيطرا على قطاع كبير منهم.