في تحرك لافت يكشف عن اصطفافات إقليمية جديدة، كشفت تقارير دبلوماسية عربية عن تصاعد التنسيق بين إسرائيل والإمارات لشنّ حملة سياسية وإعلامية مركّزة ضد دولة قطر. هذه الحملة التي تتخذ من ملفات حماس، إيران، وسوريا ذريعة رئيسية، تسعى إلى تقويض النفوذ المتزايد للدوحة في ملفات المنطقة، وتشويه دورها في الوساطات السياسية، خصوصًا في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة.

تحالف غير معلن: تل أبيب وأبوظبي ضد الدوحة

تشير الوثائق إلى أن السفارة الإماراتية في واشنطن، التي سبق أن قادت حملات ضد قطر، عادت إلى التحرك مجددًا بعد مؤشرات على تحسن العلاقة بين قطر وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث تمكنت الدوحة من بناء قنوات فعالة مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لا سيما في ملفات الأسرى وغزة، بالإضافة إلى قضايا إقليمية كإيران وسوريا.

ويركز التنسيق الإماراتي – الإسرائيلي على مهاجمة قطر من ثلاث زوايا رئيسية:

  • علاقتها الوثيقة بحركة حماس، واتهامها بدعم الإسلام السياسي.

  • دورها في التوسط مع إيران والدفع نحو تجنب مواجهة عسكرية خليجية معها.

  • تمويلها لجماعات المعارضة في سوريا خارج الأطر الغربية المتفق عليها.

الموساد في قلب المشهد

التصعيد لم يقتصر على الأوساط الدبلوماسية. فبحسب التقارير، رفض وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر زيارة الدوحة، احتجاجًا على دورها، مما دفع رئيس حكومة الاحتلال إلى تكليف رئيس جهاز “الموساد”، ديفيد برنياع، بإجراء محادثات مباشرة مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مؤشر على عمق التوتر.

دور قطر في الملف الإيراني

بحسب مصادر خليجية، أبلغت قطر نظراءها في الرياض بضرورة تجنّب أي تصعيد مع إيران، معتبرة أن مواجهة كهذه ستضر بجميع دول الخليج. كما دفعت الدوحة باتجاه إعادة إحياء المفاوضات الأميركية – الإيرانية، ما أثار انزعاج محور التطبيع، خصوصًا الإمارات.

التحريض في ملف سوريا

أما في الملف السوري، فقد تولّت الإمارات قيادة حملة اتهامات ضد قطر بتقديم تمويلات لمجموعات مسلحة، بعضها يتبع للرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وأخرى مستقلة، دون ربط ذلك بأي رؤية إصلاحية شاملة، ما اعتبرته أبوظبي خروجًا عن الإجماع العربي والغربي في دعم سوريا بشروط سياسية محددة.

تصعيد إعلامي وهجمات سيبرانية

الحملة ضد قطر لا تقتصر على التصريحات السياسية، بل تشمل أنشطة سيبرانية وإعلامية مركزة، فقد أقرّ مسؤولون إماراتيون سابقًا بوجود تعاون مفتوح مع شركات أمن إلكتروني إسرائيلية، لتبادل المعلومات ومراقبة الفضاء الإعلامي العربي، في ما يرجّح أنه يشمل أيضًا محاولات التأثير على الرأي العام الغربي ضد قطر.

خطاب غير مسبوق من نتنياهو

بلغت الحملة ذروتها قبل أيام حين شنّ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو هجومًا علنيًا على قطر، متهمًا إياها بـ”اللعب على الحبلين” في مفاوضات غزة، وداعيًا إياها إلى “الاختيار بين الحضارة والهمجية”، زاعمًا أن عرقلة التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار سببها موقف الدوحة.

أبعاد الحملة وأهدافها

1. تحجيم الدور القطري

يحاول التحالف الإسرائيلي – الإماراتي الضغط على قطر لتعديل مواقفها من حماس، والتنازل عن بعض شروط المقاومة في المفاوضات.

2. تشتيت الانتباه الإسرائيلي الداخلي

تصريحات نتنياهو تأتي في سياق ضغوط سياسية داخلية، ما يعزز احتمال أن الهجوم على قطر يُستخدم لصرف الأنظار عن أزماته.

3. إعادة رسم التحالفات

تسعى أبوظبي وتل أبيب لإعادة توجيه بوصلة العداء في المنطقة نحو الدوحة، باعتبارها داعمًا رئيسيًا لقوى المقاومة في فلسطين والمنطقة.

حملات دعائية مضادة

تترافق الحملة السياسية مع نشاط إعلامي واسع، يشمل استضافة وسائل إعلام إماراتية وسعودية لمحللين إسرائيليين بالعربية، وترويج مزاعم عن علاقات سرية بين الدوحة وتل أبيب، في تناقض صارخ مع الخطاب القطري الرافض للتطبيع.

خلاصة:

تكشف هذه الحملة المنسقة عن محاولة إقليمية – إسرائيلية لإقصاء قطر من المشهد السياسي الإقليمي، وتشويه دورها كوسيط في ملفات حساسة كغزة، إيران، وسوريا. ورغم حدة التصعيد، يبقى التساؤل: هل تنجح هذه المحاولة في تحجيم قطر، أم تعزز مكانتها كطرف محوري يصعب تجاهله؟