منذ أن تولى عبد الفتاح السيسي الحكم في مصر عام 2014، شهدت البلاد موجة غير مسبوقة من بيع الأصول والممتلكات العامة، حيث تم طرح العديد من الشركات والمستشفيات والموانئ والمطارات والأراضي الاستراتيجية للبيع أمام المستثمرين الأجانب، وخاصة من دول الخليج.
تأتي هذه السياسة في ظل أزمة اقتصادية خانقة واعتماد على الديون الخارجية، ما دفع الحكومة المصرية إلى طرح أصول حيوية لسداد فوائد تلك الديون وتعويض العجز في الميزانية العامة.
بيع الأصول الاستراتيجية لدول الخليج: الإمارات نموذجًا
تصدرت دولة الإمارات قائمة المستثمرين الأجانب في الأصول المصرية، حيث استحوذت على قطاعات حيوية شملت الموانئ والمطارات والمنشآت السياحية والصحية.
وامتدت السيطرة الإماراتية إلى الأراضي الساحلية في مناطق استراتيجية مثل رأس الحكمة وغرب العريش، بالإضافة إلى الاستحواذ على محطات حاويات في موانئ البحر الأحمر والبحر المتوسط.
وكان من أخطر هذه الصفقات استحواذ مجموعة “موانئ أبوظبي” على حقوق تطوير وتشغيل مناطق لوجستية وصناعية حيوية في منطقة قناة السويس، وهي منطقة استراتيجية تُعد شريان التجارة العالمية.
كما تم منح امتيازات سياحية وترفيهية على السواحل الشمالية، بمساحات ضخمة وأسعار مثيرة للجدل.
هذا التوسع الإماراتي في الأصول المصرية أثار جدلاً واسعًا حول السيادة الاقتصادية لمصر، وأدى إلى احتجاجات من معارضين يرون أن هذه الصفقات تمثل بيعًا للثروات الوطنية.
الاستحواذ السعودي: تيران وصنافير ومشروعات نيوم
من جانبها، تمكنت السعودية من الحصول على جزيرتي تيران وصنافير، في واحدة من أخطر الصفقات التي أثارت جدلًا شعبيًا وسياسيًا واسعًا في مصر.
هذه الصفقة التي أثارت احتجاجات واسعة في الشوارع المصرية وشهدت طعونًا قضائية متتالية، كانت جزءًا من مشروع أوسع للتعاون السعودي المصري، شمل تطوير منطقة نيوم على البحر الأحمر، والتي تعد واحدة من أكبر المشاريع الاستثمارية في الشرق الأوسط.
بالإضافة إلى ذلك، دخلت السعودية بقوة إلى سوق الاستحواذات المصرية عبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي استحوذ على حصص في شركات حيوية مثل الأسمدة، والبتروكيماويات، والقطاع المصرفي.
الاستثمارات القطرية المحدودة ومصير الأصول الكويتية
في حين كانت الاستثمارات القطرية محدودة بفعل توترات سياسية سابقة، برزت الكويت كلاعب يسعى لزيادة استثماراته في الأصول المصرية.
وتشير التقارير إلى أن الكويت تستهدف حاليًا الحصول على أراض ساحلية في الساحل الشمالي الغربي، على غرار ما فعلته الإمارات. لكن الكويت أيضًا تستهدف قطاع السياحة والعقارات، مع اهتمام واضح بشركات الطاقة والبنية التحتية.
بيع الأراضي والأصول العامة: سياسة مستمرة
تواصلت سياسة بيع الأصول العامة منذ 2014، حيث طالت المستشفيات، والفنادق، والأراضي الساحلية، والمنشآت السياحية، والموانئ، وحتى محطات الوقود. وبرزت الإمارات والسعودية في مقدمة المستثمرين، بينما سعت قطر والكويت إلى حصة من تلك الأصول.
ووفقًا لتقارير متعددة، فإن هذه السياسة لم تكن مجرد قرار اقتصادي، بل جاءت في إطار التزامات الحكومة المصرية تجاه صندوق النقد الدولي، الذي اشترط خصخصة بعض الأصول العامة مقابل الحصول على قروض دولية لدعم الاقتصاد المصري المتعثر.
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لسياسة بيع الأصول
تسببت سياسة بيع الأصول في مصر بآثار اجتماعية واقتصادية عميقة، حيث تراجعت فرص العمل في الشركات والمصانع المباعة، وتراجعت قدرة الدولة على التحكم في قطاعات حيوية مثل الطاقة والموانئ.
كما أثارت هذه السياسة مخاوف بشأن الأمن القومي، خاصة مع استحواذ شركات أجنبية على منشآت حيوية.
استنتاج: بيع الأصول وتفريط في السيادة الاقتصادية
تكشف خارطة بيع الأصول المصرية منذ 2014 عن سياسة تعتمد على التخلي عن ملكية الدولة لصالح المستثمرين الأجانب، مقابل الحصول على سيولة نقدية قصيرة الأجل، دون اعتبار لتداعيات ذلك على الأمن القومي والسيادة الاقتصادية.
هذه السياسة تعرض مستقبل الاقتصاد المصري لمخاطر هيكلية، مع تزايد نفوذ المستثمرين الأجانب في القطاعات الحيوية. وقد أدت إلى انقسام شعبي واسع بين من يرى فيها ضرورة لتوفير النقد الأجنبي ومن يعتبرها تفريطًا في سيادة مصر الاقتصادية.
اقرأ أيضًا : امتياز “موانئ أبوظبي” بمدخل قناة السويس: لماذا يبيع السيسي مصر للإمارات؟
اضف تعليقا