العدسة _ ربى الطاهر
أزمة دبلوماسية كبيرة تسبب فيها عرض خريطة لقارة إفريقيا أثناء الجلسة الافتتاحية للمنتدى الإفريقي لمهارات الشباب الإفريقي، المنعقد في تونس؛ حيث قام أحد المشاركين من جنوب إفريقيا خلال إلقاء محاضرة له عن مستقبل المهارات المطلوبة لسوق العمل في إفريقيا، بعرض الخريطة الإفريقية وقد كتب فيها على موقع مصر في الخريطة جملة “ستعلن إسرائيل في عام 2020”.
وكان ذلك في حضور الدكتور أحمد الجيوشي، نائب وزير التربية والتعليم المصري، والذي تفاجأ بما حدث وفي ردّ فعل على هذه الإساءة التى تم توجيهها لمصر، فقد رفض مواصلة الجلسة وأعلن قرارًا بالانسحاب من المؤتمر إذا لم يتم سحب تلك الخريطة فورًا والتراجع عنها.
ووجّه الجيوشي اعتراضه لوزير التعليم التونسي سليم خلوبس، الذي كان يدير الجلسة، رافضًا لما قام بفعله هذا الخبير الجنوب إفريقي.
وطالب بعدها الدكتور أحمد الجيوشي بالتعليق في كلمة عقب هذا العرض، وأثناء كلمته صرَّح بإنهاء استمراره في هذا المنتدى بشكل تام إذا تم تجاهل مطلبه من قبل القائمين على المؤتمر بحذف هذه الخريطة.
كما أوضح أنّ ما قام به هذا الخبير الجنوب إفريقي من عرض للخريطة المسيئة لم يتجاوز أكثر من 30 ثانية فقط خلال جلسة انعقاد المؤتمر.
وقد استجاب القائمون على المؤتمر لطلب نائب وزير التربية والتعليم المصري، وفي توجيهات منهم تمّ حذف الخريطة محل الاعتراض من الجانب المصري، إلى جانب تأييد جميع الحضور لمطالب الجانب المصري وإعلان التضامن معه في تصويب هذا الخطأ الذى يسيء إلى مصر.
وتناولت وسائل الإعلام الحدث وذكرت أن الدكتور أحمد الجيوشي نائب وزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفني، قد صرَّح بأنه سيستكمل حضور باقي جلسات المنتدي الإفريقي لمهارات الشباب دون أن ينسحب، خاصة بعد انحياز وزير التعليم التونسي الذي كان يدير الجلسة له ولمطلبه، وأيد ضرورة تنفيذ ما طلب الجيوشي بخذف هذه الخريطة التى تحمل الكثير من الإساءة الى مصر.
وأكد الجيوشي أنه تم احتواء الأزمة فيما صدر من الخبير الجنوب إفريقي بعدما تم حذف الخريطة نهائيًا من كافة الجلسات وتبع ذلك توجيه اعتذار للدكتور أحمد الجيوشي باعتباره ممثلًا عن الدولة المصرية، لما ورد ذكره في تلك الخريطة محل الأزمة، وأضاف أنه قد طلب بإصرار من وزير التعليم التونسي عقب الجلسة تضمين ما حدث رسميًا فى مضبطة المؤتمر.
وأضاف الجيوشي أن الأمر لن يتوقف عند هذه الحدود، وأنه سيطالب بتحقيق من الاتحاد الإفريقى فى الواقعة، وأكد أنه سعى للتواصل مع السفير المصري لدى تونس لاطلاعه على الأمر، ولبحث الموقف المناسب الذى يمكن أن يتخذ حياله، مشيرًا إلى أن هذا الخبير الجنوب إفريقي الذي قام بتوجيه هذه الإساءة لم يتقدم بأي اعتذار عما بدر منه من تقديم تلك الخريطة المغلوطة إلا أن هذا الأمر سيتم الحكم فيه للاتحاد الإفريقي الذي سيعرض عليه تداعيات هذا الأمر بعد انتهاء الجلسات.
الرد صارم
وقد أثارت هذه الأزمة ردود أفعال كبيرة على مستويات عدة سواء كانت محلية أو بداخل المؤتمر الدولي بتونس؛ فقد عقبت أنيسة حسونة، عضو مجلس النواب المصري، عبر وسائل الإعلام المصرية أن ما صدر من جانب هذا المشارك الجنوب إفريقي بوضعه جملة أن مصر ستصير إسرائيل في العام 2020 على إحدى الخرائط هو خطأ لا يغتفر، ولا يمكن التهوان فيه وأشادت بموقف الدكتور أحمد الجيوشي لإعلانه الصارم برفض ما حدث وتهديده بالانسحاب في حاله تجاهل ما حدث من قبل المسؤولين عن المنتدى.
وقالت حسونة هناك بعض الأخطاء لا يمكن التعامل معها بسلاسة، وهذا الخطأ من هذا النوع الذي لا يمكن أن يمر مرور الكرام حتى لا يتخيل البعض أن هذا الخطأ يمكن أن يتحول إلى واقع، لذا فالصرامة مطلوبة ضد هذه الأخطاء في نفس اللحظة، ولكي يتم إثبات ردّ الفعل المصري وأنه لن يوجد فرد على الأراضي المصرية يمكن أن يوافق على هذا الطرح أو حتى يتهاون في مثل هذا الخطأ.
وأضافت أن ما حدث هو خطأ فردي، لا يجب أن ندخل في نزاع مع أحد بسببه، فد يكون مترتبًا على جهل وقلة معلومات وعدم دقة، وقد كان الموقف المصرى حكيمًا عندما لم يصعد الجيوشي الأمر لأكثر من الرفض.
ما حدث سوء إدارة
أما مدير عام المنظمة الحكومية الدولية لصندوق دعم التعليم “إيكاف” ورئيس الصندوق العالمي للتنمية والتخطيط بالأمم المتحدة إكرامي الزغاط، أن ما صدر عن هذا المشارك الجنوب إفريقي لا يمكن وصفه بأي وصف سوى المهزلة فهو إن دلّ على شيء فإنه يدلّ على أن إدارة المؤتمر لم تكن على قدر المسؤولية المطلوبة، وأن ما حدث ينبئ عن تصرفات غير مسؤولة وسوء إدارة حتى يتم علنَا قبول رفع اسم مصر ووضع اسم إسرائيل عليها.
وتابع الزغاط أن المؤتمر يتبع الاتحاد الإفريقي فهو ليس مؤتمرًا عرفيًا، لذلك كيف يمر عليه عرض خريطة مثل التي عرضت دون انتباه من أحد.
وطلب الزغاط من السلطات المصرية والاتحاد الإفريقي بحتمية التحقيق فيما حدث، متسائلًا عن كيفية مرور مثل هذه الخريطة للعرض في مؤتمر بهذا الحجم دون مراجعة، مشيرًا إلى أن موقف مدير الجلسة الوزير التونسي لا يقلل من ضرر ما حدث.
وأكد على ضرورة مطالبة الجانب المصري للاتحاد الإفريقي بفتح تحقيق عاجل، وموسَّع عما حدث بهذه الواقعة المشينة.
الخريطة انتهاك دولي
كما أصدر المهندس على قرطام، نائب رئيس حزب المحافظين للشئون الخارجية، بيانًا أدان فيه مثل هذا الانتهاك للقانون الدولي والذي لا يخفي المطامع الإسرائيلية فى المنطقة العربية وخططها التوسعية والاستعمارية.
ولم يقف قرطام عند حدود أن ما حدث هو خطأ فردي بل طالب من خلال بيان صحفي سارع بإصداره بضرورة التحرك الجماعي للدول العربية بشكل سريع وفوري من خلال وضع إستراتيجية سياسية وعسكرية شاملة، لمواجهة تلك التهديدات، حيث تم عرض خريطة تم فيها حذف اسم دولة عضو فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية وذات سيادة ومؤيدة بشعار وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الرئاسة الإفريقية، واعتبر أن ذلك يعكس حجم المؤامرة التى تم تدبيرها لإدارتها في المرحلة القادمة على كافة الدول العربية، ورأى من خلال البيان أن المعركة القادمة هي معركة وجود وبقاء، وأنه حان الوقت لكي يستعد العرب لما هو قادم، حيث ما يتم تدبيره سيكون أخطر كثيرًا مما هو عليه الوضع الآن من حيث حجم التآمر والعدوان.
وشدد قرطام على ضرورة حثّ الاتحاد الإفريقى لكي يتحرك سريعًا في التحقيق بهذه الواقعة المسيئة لمصر مطالبًا كافة الدول الإفريقية والاتحاد الإفريقى باتخاذ موقف صارم تجاه ما حدث، حيث إن هذه الخريطة قد تمّ عرضها من خلال أحد المؤتمرات المقامة على أرض دولة إفريقية، منوهًا إلى أن من قام بوضع هذه الخريطة عليه أن يستوعب حجم الدولة المصرية ومدى قوتها العسكرية وثقلها على المستوى الإقليمي والدولي.
وطلب من الشعب المصري أن يعي تلك الفترة الحرجة التى تهدّد مصر وأمنها وشعبها.
اضف تعليقا