أثار تعيين قائد القيادة العامة في ليبيا، خليفة حفتر، لأبنائه في مناصب مدنية وعسكرية بارزة تساؤلات حول أهدافه الحقيقية وراء هذه الخطوة. حفتر، الذي أحكم سيطرته على شرق ليبيا من خلال ترقية أبنائه وتوزيع المناصب الرئيسية عليهم، يبدو أنه يسعى إلى ترسيخ مشروع حكم عائلي مشابه لما كان يطمح إليه القذافي في ليبيا.

حفتر وتوزيع المناصب على أبنائه.. خطوة نحو “حكم العائلة”؟

حفتر عين مؤخرًا نجله “الصديق” في منصب مدني يتعلق بالشؤون الاجتماعية والمصالحة الوطنية، وهو إضافة جديدة إلى قائمة طويلة من المناصب التي يشغلها أبناؤه. فمنذ سنوات، قام حفتر بترقية أبنائه “صدام” و”خالد” إلى رتب عسكرية رفيعة وتكليفهم بقيادة الوحدات الرئيسية في الجيش. كما يسيطر ابنه “بلقاسم” على صندوق تنمية وإعمار ليبيا، وهو جهة سيادية تتحكم في الاستثمارات الكبرى في البلاد.

أهداف التعيينات.. خوف من صراع الأبناء أم ترسيخ النفوذ؟

الخطوات التي اتخذها حفتر تعكس مخاوف واضحة من احتمال حدوث صراع داخل العائلة بعد رحيله أو الإطاحة به. يبدو أن حفتر يعمل على تأمين انتقال سلس للسلطة داخل العائلة من خلال توزيع المهام بين أبنائه، بحيث يحظى كل منهم بدور يرسخ نفوذه في مجاله.

  • العامل القبلي: المجتمع الليبي الشرقي يتميز بطابعه القبلي، حيث يعتمد القادة على الأقارب والمقربين لتعزيز سلطتهم. حفتر يستخدم هذا الواقع لتبرير تعيين أبنائه، مشيرًا إلى أن المجتمع يتقبل فكرة أن الأقارب أولى بالمناصب.
  • إعداد خليفة للعائلة: يُنظر إلى هذه التعيينات كجزء من خطة طويلة الأمد لتوريث السلطة إلى أحد الأبناء، لا سيما “صدام” الذي يتمتع بعلاقات قوية ونفوذ عسكري واسع.

دور الإمارات في دعم حفتر

الإمارات كانت ولا تزال من أبرز الداعمين لحفتر سياسيًا وعسكريًا. ويعد ابنه “عبد الهادي حفتر”، المقيم في الإمارات، الأقرب إلى أبوظبي، حيث تشير التقارير إلى دوره في تعزيز العلاقات بين القيادة العامة وحكومة الإمارات. كما أن الإمارات قدمت دعمًا لوجستيًا وماليًا كبيرًا لحفتر في معاركه العسكرية، مما يعزز نفوذها في قراراته الاستراتيجية، بما في ذلك ترتيبات “حكم العائلة”.

تشابهات مع نظام القذافي

خطوات حفتر تعيد إلى الأذهان ما قام به القذافي خلال حكمه، حيث كان يسعى إلى تمكين أبنائه من مناصب سياسية وعسكرية واقتصادية لضمان استمرار نفوذ العائلة. لكن هذا النموذج أثبت فشله عندما تفجرت الثورة الليبية عام 2011 وأطاحت بالنظام. حفتر يكرر السيناريو ذاته، مما يجعل عائلته عرضة لتوترات داخلية وخصومات سياسية.

انعكاسات على المشهد الليبي

  1. إقصاء الكفاءات: تعيين الأقارب على حساب الكفاءات يعزز المركزية والفساد، مما يضعف مؤسسات الدولة.
  2. انقسام داخلي محتمل: توزيع المناصب على الأبناء قد يؤدي إلى صراعات داخل عائلة حفتر نفسها، خاصة إذا تعارضت طموحاتهم.
  3. رد فعل شعبي وسياسي: هذه الخطوات قد تثير غضب الأطراف السياسية والمجتمع في ليبيا، خاصة في ظل الاتهامات بحكم استبدادي.

حكم عائلي يهدد مستقبل ليبيا

حفتر يبدو أنه يسير على خطى القذافي في محاولته لتوريث السلطة لأبنائه، مما يعكس استبدادًا يهدد الاستقرار في ليبيا. في ظل دعم الإمارات لحفتر، وخاصة عبر ابنه عبد الهادي، يبدو أن مشروع “حكم العائلة” سيستمر، مما يضع مستقبل ليبيا على المحك. السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستتكرر ثورة شعبية جديدة ضد هذا النموذج أم أن القبضة الحديدية للعائلة ستفرض واقعًا جديدًا؟ الأيام القادمة ستكشف عن مصير هذا المشروع الطموح.

 

اقرأ أيضا: وثائقي يكشف تجنيد مرتزقة سودانيين لدعم قوات حفتر