تحدثت مصادر دبلوماسية مطلعة أن الإمارات العربية المتحدة بدأت تحركات واسعة عبر لوبياتها في الولايات المتحدة الأمريكية بهدف تقويض الدعوات المتزايدة لفرض عقوبات على أبوظبي بسبب دعمها المستمر للحرب الأهلية في السودان. 

وتأتي هذه التحركات وسط تزايد الضغوط من قبل مشرعين أمريكيين ومنظمات حقوقية تدعو إلى محاسبة الإمارات على دورها في تأجيج الصراع السوداني عبر دعمها لميليشيات مسلحة متورطة في ارتكاب جرائم حرب مروعة.

تحاول الإمارات استخدام ثرواتها الضخمة وشبكة علاقاتها القوية داخل مراكز النفوذ الأمريكية لتجميل صورتها وإخفاء حقيقة تورطها في السودان، فيما وتشير التقارير إلى أن أبوظبي أطلقت حملة سياسية وإعلامية واسعة النطاق، تضمنت إنفاق مبالغ مالية ضخمة وتكثيف الاتصالات مع المسؤولين الأمريكيين، بهدف تجنب فرض عقوبات قد تضر بعلاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن.

ضغوط الكونغرس وصدام المصالح

يعمل النظام الإماراتي على نشر روايات مضللة عن دوره في السودان، في محاولة لنفي المزاعم التي تؤكد دعمه لقوات الدعم السريع، إلا أن هذه المحاولات تواجه تصعيداً من مشرعين أمريكيين، أبرزهم السيناتور كريس فان هولين وعضوة مجلس النواب سارة جاكوبس، اللذين أكدا التزامهما بالتصدي لمحاولات بيع أسلحة للإمارات. 

وأشار المشرعان إلى وجود أدلة متزايدة تؤكد تورط الإمارات في تسليح ميليشيات الدعم السريع، مما أدى إلى إطالة أمد الحرب وزيادة معاناة المدنيين السودانيين، تعكس مواقف فان هولين وجاكوبس انزعاجاً متزايداً في أوساط الكونغرس الأمريكي من سلوك الإمارات. ففي تصريحات لوكالة “رويترز”، أكد فان هولين أن واشنطن لا يمكنها أن تظل صامتة إزاء معاناة الشعب السوداني نتيجة دعم الإمارات للميليشيات المسلحة. أما جاكوبس فقد شددت على ضرورة قطع سلسلة الإمداد العسكري عن قوات الدعم السريع، معتبرة أن هذه الخطوة قد تكون مدخلاً لتحقيق السلام في السودان.

على الرغم من الوعود السابقة من إدارة بايدن بإجراء مراجعة شاملة لصفقات الأسلحة مع الإمارات، فإن الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تمارسها أبوظبي عبر لوبياتها أضعفت من قدرة الإدارة الأمريكية على اتخاذ موقف صارم. وقد أكدت تقارير سابقة أن الإمارات استغلت ميناءً جوياً في تشاد لنقل الأسلحة إلى السودان، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة انتهاكاً صريحاً للقوانين الدولية.

صفقات الأسلحة 

تعتبر الإمارات من أكبر المستوردين للأسلحة الأمريكية، حيث بلغ حجم صفقاتها العسكرية مع واشنطن مليارات الدولارات خلال العقد الماضي. وفي أكتوبر الماضي، وافقت إدارة بايدن على صفقة بقيمة 1.2 مليار دولار تشمل بيع منظومات صواريخ موجهة ومنظومات تكتيكية متطورة. هذه الصفقات، التي تُصنّعها شركات مثل “لوكهيد مارتن” و”إل3هاريس تكنولوجيز”، أثارت مخاوف مشرعين أمريكيين من أن تُستخدم هذه الأسلحة لدعم صراعات إقليمية.

ومع استمرار التصعيد في السودان، قدم المشرعان فان هولين وجاكوبس مشروع قانون لوقف مبيعات الأسلحة للإمارات، في خطوة تهدف إلى الضغط على أبوظبي للامتثال للقوانين الدولية والكف عن دعم الميليشيات المسلحة. ومع ذلك، يواجه المشروع عقبات كبيرة داخل الكونغرس، خاصة مع وجود قوى سياسية واقتصادية تدعم استمرار العلاقات العسكرية مع الإمارات.

تكشف التقارير الواردة عن السودان عن دور الإمارات كأحد أبرز الفاعلين الخارجيين في تأجيج الحرب الأهلية هناك. فقد وثّقت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة مزاعم “موثوقة” بشأن استخدام أبوظبي لمطار في تشاد لنقل الأسلحة إلى قوات الدعم السريع. كما أكد مسؤولون غربيون أن الإمارات كانت أحد المحركات الرئيسية للصراع، في حين لم تبذل الإدارة الأمريكية جهوداً كافية لمحاسبتها بسبب انشغالات أخرى.

الخلاصة أن التحركات الأمريكية تجاه الإمارات تضع إدارة بايدن أمام اختبار حقيقي فيما يتعلق بالتزامها بحقوق الإنسان والقانون الدولي. ففي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن للحفاظ على شراكتها مع أبوظبي في قضايا الشرق الأوسط، يتزايد الغضب من دعم الإمارات لقوات الدعم السريع وجرائمها ضد المدنيين في السودان.

 

اقرأ أيضًا : لا تنفك عن نشر المؤامرات.. الإعلام العبري يكشف خطة خبيثة لبن زايد في غزة