في خطوة جديدة تعكس ارتهان القرار المصري للكيان الصهيوني، تسعى القاهرة إلى زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي الإسرائيلي بنسبة 58% بحلول منتصف عام 2025، وذلك بعد انتهاء شركة “شيفرون” الأميركية من تطوير إنتاجها في حقل “تمار” الإسرائيلي. 

هذه الزيادة تأتي رغم مزاعم الرئيس عبد الفتاح السيسي السابقة حول تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز عبر حقل “ظهر”، ما يكشف زيف ادعاءاته ويفضح استمراره في التفريط بثروات البلاد لصالح الاحتلال.

عبد الفتاح السيسي

مصر تستجدي الغاز من الاحتلال وسط أزمة خانقة

وفقاً لمصادر حكومية تحدثت لـ”الشرق” دون الإفصاح عن هويتها، تسعى مصر للوصول إلى اتفاق مع إسرائيل لرفع وارداتها من الغاز إلى 1.5 مليار قدم مكعب يومياً بدلاً من 950 مليون قدم مكعب حالياً، وذلك لمواجهة احتياجاتها المتزايدة في أشهر الصيف. 

إلا أن هذه الخطوة، التي تبدو ظاهرياً محاولة لإنقاذ الاقتصاد المتعثر، تعكس في الواقع مدى التبعية التي باتت القاهرة تعانيها في ظل حكم السيسي، الذي تحول إلى مجرد وسيط لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر منشآت الإسالة المصرية، متجاهلاً المصالح الوطنية.

ومن المثير للريبة أن هذه الزيادة في الواردات تتزامن مع مؤتمر الغاز الذي جمع مصر مع اليونان وقبرص، وهما الدولتان اللتان ترتبطان بعلاقات وثيقة مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ لطالما لعبت قبرص دور الوسيط القذر بين تل أبيب والدول العربية، ما يعكس أبعادًا سياسية خطيرة لهذه الصفقة.

“شيفرون” تتحكم في مصير الغاز المصري

على الرغم من ادعاءات السيسي المتكررة عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز منذ 2018، فإن الأرقام تكشف الحقيقة المؤلمة: إنتاج مصر اليومي من الغاز تراجع إلى 4.2 مليار قدم مكعب، فيما تحتاج البلاد إلى 6 مليارات قدم مكعب يومياً، ما يعني فجوة ضخمة تجبرها على اللجوء إلى الاستيراد.

هذه الأزمة لم تكن وليدة اللحظة، بل هي نتيجة مباشرة لفشل الإدارة الاقتصادية لنظام السيسي، الذي روج لحقل “ظهر” باعتباره الحل السحري لأزمة الطاقة في البلاد، قبل أن يتضح أن هذا المشروع لم يكن سوى دعاية سياسية جوفاء، في ظل استمرار القاهرة في الاعتماد على الغاز الإسرائيلي.

في المقابل، تستغل الشركات الأجنبية، وعلى رأسها “شيفرون” الأميركية، حاجة مصر المتزايدة للطاقة لفرض شروطها، حيث تحصل على امتيازات غير مسبوقة، من بينها السماح بتصدير جزء من إنتاجها مباشرةً دون المرور بالسوق المحلي، ما يكرس حالة الارتهان الكامل للقرار المصري.

نظام السيسي يرسخ التبعية لإسرائيل

لا يمكن فصل هذه التطورات عن النهج العام الذي يتبعه السيسي منذ توليه السلطة، حيث كرّس كل جهوده لتعزيز العلاقات مع إسرائيل، سواء عبر التنسيق الأمني في سيناء أو عبر اتفاقيات الغاز التي تحول مصر إلى مجرد سوق مستهلك للغاز الإسرائيلي بدلاً من أن تكون لاعباً مستقلاً في سوق الطاقة.

إن زيادة واردات الغاز الإسرائيلي ليست مجرد صفقة اقتصادية، بل هي انعكاس لمخطط أكبر يُحكم فيه الاحتلال قبضته على ثروات مصر، وسط نظام عاجز عن تحقيق أي اكتفاء ذاتي، بل ويواصل بيع الوهم للمصريين، بينما يقود البلاد نحو مزيد من التبعية والارتهان للخارج.

اقرأ أيضًا : بدعم نظام الإمارات نجل حفتر ينهب نفط ليبيا