تثير زيارة السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إلى إحدى مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، الكثير من التساؤلات حول السياسة الأميركية تجاه الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
هذه الزيارة، التي وُصفت بالتاريخية، لا تمثل مجرد زيارة بروتوكولية، بل تكشف عن تحول كبير في الموقف الأميركي، الذي يبدو داعماً للتطرف الاستيطاني الإسرائيلي بشكل غير مسبوق.
تغيير في الموقف الأميركي
لأول مرة في التاريخ، يزور سفير أميركي لدى إسرائيل مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، وهي منطقة يعتبرها المجتمع الدولي أراضٍ فلسطينية محتلة، ويعقد فيها اجتماعاً مع “مجلس يشع”، الهيئة التي تمثل المستوطنين الإسرائيليين.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية وصفت الزيارة بأنها لحظة تاريخية، لكنها أيضاً لحظة تكشف عن انحياز أميركي غير مسبوق لصالح إسرائيل، وتحديداً للمستوطنين الذين يمثلون جوهر الصراع.
مايك هاكابي، المعروف بتوجهاته الدينية المتشددة، لم يكتفِ بالزيارة فقط، بل أطلق تصريحات مثيرة للجدل، حيث “أشاد” بالمستوطنين، مشيراً إلى “أحقيتهم التوراتية في الأرض”، بل واعتبر أن معارضيهم “لا يؤيدون الله”.
هذه التصريحات لم تكن مجرد آراء شخصية، بل جاءت لتعكس توجهاً سياسياً واضحاً لإدارة أميركية ترى في المستوطنات الإسرائيلية جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل، متجاهلةً بذلك قرارات الشرعية الدولية التي تعتبر المستوطنات غير قانونية.
تعزيز التطرف الاستيطاني
زيارة هاكابي، والتصريحات التي أدلى بها، تعزز من موقف المستوطنين المتطرفين، الذين يسعون إلى توسيع نفوذهم في الأراضي الفلسطينية، ويستخدمون الدعم الأميركي لتبرير اعتداءاتهم اليومية على الفلسطينيين.
وفقاً لتقارير صحفية، قام السفير بتلاوة صلاة إسرائيلية خلال زيارته، ودعا لإطلاق سراح الجنود الإسرائيليين، متجاهلاً بشكل كامل ما يتعرض له الفلسطينيون من قتل واعتقال وتهجير يومي.
هذا الانحياز الأميركي للمستوطنين ليس جديداً تماماً ففي عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، شهدت السياسة الأميركية تحولاً واضحاً، حيث اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، كما أوقف الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
لكن زيارة هاكابي تأخذ هذا الدعم خطوة أخرى نحو الأمام، من خلال التطبيع مع المستوطنات وتقديم الدعم المعنوي والسياسي لسكانها.
عواقب وتداعيات
إن هذه الخطوة الأميركية تحمل عواقب وخيمة على عملية السلام في المنطقة، فهي تشجع المستوطنين على مزيد من التوسع، وتغذي الصراع من خلال إضفاء شرعية دولية على المستوطنات غير القانونية.
بل وتزيد من إحباط الفلسطينيين الذين يرون في هذا الدعم الأميركي تخلياً كاملاً عن حقوقهم المشروعة.
من الواضح أن الولايات المتحدة، بقيادة شخصيات مثل مايك هاكابي، لم تعد ترى في نفسها وسيطاً نزيهاً في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، بل أصبحت شريكاً مباشراً في دعم التطرف الإسرائيلي.
هذه السياسة الأميركية لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد والتوتر، وقد تدفع الفلسطينيين إلى تبني مواقف أكثر تشدداً في ظل انسداد أفق الحلول السياسية.
ختاماً، فإن زيارة السفير الأميركي لمستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية ليست مجرد زيارة دبلوماسية، بل هي إعلان صريح بدعم الولايات المتحدة لتطرف المستوطنين، وتخليها عن أي دور إيجابي في تحقيق السلام.
إن واشنطن، بدلاً من لعب دور الوسيط، باتت تتخذ موقف المدافع عن الاحتلال، وهو ما سيترك آثاراً طويلة الأمد على مستقبل الصراع في المنطقة.
اقرأ أيضًا : صراع السحاب بين الاحتلال وتركيا.. لماذا تأجلت زيارة نتنياهو لأذربيجان؟
اضف تعليقا