مع تصاعد الأدلة على تورط النظام الإماراتي في تأجيج الأزمات العربية والتحالف مع قوى الاحتلال، تتزايد الدعوات داخل الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية إلى عزل هذا النظام عن المنظومة العربية، بعد أن أثبت سلوكًا عدائيًا تجاه الأمن القومي العربي، وخيانة متكررة للقضية الفلسطينية.
فمن دعم الميليشيات الانقلابية في السودان، إلى تمويل الحرب في ليبيا، إلى الانخراط العلني في التحالف مع إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، بات واضحًا أن النظام الإماراتي يسعى لتوسيع نفوذه الإقليمي عبر نشر الفوضى والاحتراب، على حساب وحدة الشعوب واستقرار الدول.
السودان: تدخلات دموية ودعم مباشر للميليشيات
واحدة من أبرز ساحات العبث الإماراتي كانت السودان، حيث كشفت وثائق رسمية وتقارير صحفية عن دعم كبير قدمه النظام الإماراتي لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). هذا الدعم شمل تمويلًا مباشرًا، وتسليحًا عبر مخازن أسلحة داخل الأراضي السودانية، وتهريبًا منظمًا للذهب السوداني لتمويل العمليات العسكرية.
وقد أكدت الحكومة السودانية أن استمرار دعم الإمارات للميليشيات يعرقل جهود السلام، ويساهم في تفتيت الدولة من الداخل. وبعد سقوط مشروعها العسكري المباشر، انتقلت أبوظبي – بحسب مصادر سودانية – إلى المرحلة الأخطر: تفجير الداخل مجددًا، من خلال تحريك “وكلاء” مموّلين داخل السودان بهدف إغراقه في الفوضى، والاحتفاظ بنفوذها عبر الحرب بالوكالة.
فلسطين: تطبيع وتحالف ضد القضية
خيانة النظام الإماراتي للقضية الفلسطينية لم تبدأ اليوم. فمنذ اتفاقيات “أبراهام” في 2020، دخلت الإمارات في تحالف استراتيجي مع إسرائيل، تجاوز العلاقات الدبلوماسية إلى تعاون عسكري وأمني واقتصادي.
وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، كان النظام الإماراتي من أبرز الداعمين لخطة أمريكية إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من غزة نحو سيناء أو الأردن، وهو موقف يتعارض جذريًا مع الإجماع العربي. ففي الوقت الذي أدانت فيه دول عربية المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة، التزم النظام الإماراتي الصمت، بل وتورط – وفق مصادر غربية – في تقديم دعم استخباراتي مباشر لتل أبيب.
بل واصل طيرانه المدني التحليق إلى مطارات الاحتلال حتى أثناء الحرب، في موقف لاقى غضبًا شعبيًا واسعًا.
ليبيا: من دعم حفتر إلى إفشال المصالحة
في ليبيا، اتُّهم النظام الإماراتي بأنه الداعم الأول لحملة اللواء المتقاعد خليفة حفتر للسيطرة على طرابلس. زودت أبوظبي قوات حفتر بطائرات مسيرة وأسلحة، في انتهاك واضح لقرارات الأمم المتحدة بحظر تسليح الأطراف الليبية.
هذا الدور التخريبي أجهض جهود التسوية السياسية، وزاد من حالة الانقسام، مما أخر تعافي الدولة الليبية لسنوات، وعزز وجود الميليشيات على حساب المؤسسات الشرعية.
مصر: دعم نظام القمع واستهداف الديمقراطية
منذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، قدمت الإمارات دعمًا غير محدود للنظام المصري. مليارات الدولارات صُرفت لدعم السلطة الحاكمة، ولتمويل سياسات القمع السياسي وإغلاق المجال العام.
وفي كل محطات التحول الديمقراطي في المنطقة، ظهر النظام الإماراتي كعدو شرس لأي حراك شعبي يطالب بالعدالة والكرامة، معتبرًا أن أي تجربة ديمقراطية حقيقية في المنطقة قد تهدد بنيته السلطوية وتحالفاته الإقليمية.
تحالف ثلاثي: الإمارات – إسرائيل – واشنطن
ما يجمع كل هذه السياسات هو سعي النظام الإماراتي للعب دور “الشرطي الإقليمي” لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.
تحالف استراتيجي يقوم على تقديم الخدمات الاستخباراتية واللوجستية والعسكرية للغرب، مقابل ضمان استمرار نفوذ أبوظبي، وتغاضي القوى الكبرى عن ملفها الأسود في حقوق الإنسان، داخليًا وخارجيًا.
يقول المحلل السياسي خالد الجار الله:
“الإمارات لم تعد مجرد دولة تسعى للتطبيع، بل تحوّلت إلى أداة متقدمة في تنفيذ أجندة الاحتلال، سواء في فلسطين أو السودان أو ليبيا. هذا ليس سلوك دولة عربية، بل تصرف وكيل استعماري.”
نحو مساءلة إقليمية قبل الانفجار الكبير
إن الدور المتنامي الذي تلعبه الإمارات في ملفات الصراع داخل المنطقة العربية لم يعد يحتمل التأويل أو التبرير. من السودان إلى فلسطين، مرورًا بليبيا ومصر، تتكشف خيوط مشروع واضح يسعى لإعادة رسم الخارطة السياسية في العالم العربي على أساس من التفكك والارتهان لمحاور خارجية.
هذه السياسات لا تهدد فقط استقرار الدول المستهدفة، بل تضرب عمق الأمن القومي العربي، وتفتح الأبواب أمام مزيد من التدخلات الأجنبية والانقسامات الداخلية.
لقد حان الوقت لإعادة النظر في موقع بعض اللاعبين داخل المنظومة العربية، ومساءلتهم عن خياراتهم وتحالفاتهم، لا بُغية الإقصاء، بل من أجل صون ما تبقى من السيادة، والكرامة، والحق في تقرير المصير بعيدًا عن أجندات التوسع والسيطرة.
اضف تعليقا