استفاقت إسرائيل على وقع أعنف هجوم صاروخي تتعرض له منذ عقود، بعدما شنت إيران عملية عسكرية وصفتها بـ”الرد الحاسم”، رداً على اغتيال عدد من قادتها وعلمائها على يد إسرائيل في الأسابيع الماضية.

الصور القادمة من قلب تل أبيب ومدن أخرى أظهرت مشاهد دمار شاملة، دفعت المراقبين للحديث عن “نقلة نوعية” في ميزان الردع بالمنطقة.

مشاهد الرعب: تل أبيب تحت النار

مع حلول الساعة الثالثة فجراً، دوّت صافرات الإنذار بشكل متزامن في تل أبيب، القدس، حيفا، وبئر السبع، أعقبها أصوات انفجارات هائلة هزّت الأرض وكسرت صمت الليل. 

عائلات بأكملها هرعت إلى الملاجئ في حالة من الذعر، بينما اشتعلت النيران في عدد من المباني والسيارات بعد سقوط صواريخ مباشرة وسط المناطق السكنية.

وفي رامات غان، أحد أرقى أحياء تل أبيب، انهارت تسعة مبانٍ سكنية بالكامل. كما تضرر برج سكني مكون من 32 طابقًا في مركز المدينة، مما اضطر السلطات لإجلاء مئات السكان الذين وجدوا أنفسهم بلا مأوى بين ليلة وضحاها. 

المشاهد التي تداولها الإسرائيليون على وسائل التواصل، رغم تحذيرات الجيش بعدم النشر، أظهرت ألسنة لهب تتصاعد من الأبنية المحطمة وسيارات متفحمة في الشوارع.

خسائر بشرية ومادية فادحة

أعلنت طواقم الإسعاف الإسرائيلية مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة 172 آخرين، بينهم عشرات في حالة حرجة. المستشفيات في تل أبيب أعلنت حالة الطوارئ، وسط نقص في الدم والمعدات. وذكر أحد مسعفي “نجمة داوود الحمراء” أن بعض الإصابات وقعت نتيجة انهيار المباني على سكانها، بينما أُصيب آخرون بشظايا الزجاج والحطام المتطاير.

على مستوى البنية التحتية، لحقت أضرار كبيرة بخطوط الكهرباء والمياه، وحدثت أعطال في شبكات الإنترنت والاتصالات، خصوصًا في المناطق الأكثر تضررًا وسط تل أبيب وحيفا.

عملية “الوعد الصادق 3”: حجم الضربة الإيرانية

الهجوم الإيراني، الذي أُطلق عليه اسم “عملية الوعد الصادق 3”، شمل عشرات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيّرة، استهدفت مواقع عسكرية وأمنية، إضافة إلى أهداف مدنية. 

وبحسب مصادر إيرانية، فإن العملية كانت “رسالة متعددة المستويات”، موجهة لإسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء، مفادها أن “الردع التقليدي انتهى”.

وتؤكد صور الأقمار الصناعية الأولية أن الصواريخ أصابت بنى تحتية عسكرية في الجنوب، ومقرات أمنية شمالي تل أبيب، إضافة إلى استهداف مباشر لمركز قيادة في حيفا.

أنظمة الدفاع الجوية… محدودة الفعالية؟

رغم تأكيد الجيش الإسرائيلي على نجاح منظومات “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” في اعتراض جزء من الصواريخ، إلا أن العدد الكبير للصواريخ ونوعيتها سمح باختراق الدرع الدفاعي والوصول إلى أهداف داخل المدن. 

مسؤولون عسكريون أقرّوا لاحقًا بأن الدفاعات الجوية “تعرضت لاختبار قاسٍ وغير مسبوق”، وأن الدعم الأميركي ساعد في التصدي للهجوم، لكنه لم يمنع سقوط خسائر كبيرة.

تغيير قواعد الاشتباك؟

اللافت في هذه الضربة، وفق محللين، هو انتقال إيران من الرد غير المباشر عبر وكلائها الإقليميين إلى توجيه ضربة مباشرة وعلنية لإسرائيل من أراضيها. هذه الخطوة غير المسبوقة تحمل دلالات استراتيجية، أبرزها أن طهران لم تعد تقبل بأن تكون ساحة الصراع محصورة في سوريا أو لبنان أو العراق.

كما أن الضربة كشفت عن هشاشة البنية الأمنية في العمق الإسرائيلي، وهو ما عبّر عنه قائد شرطة لواء تل أبيب الذي وصف ما جرى بأنه “حدث واسع واستثنائي” استهدف البنية الحضرية والعسكرية بشكل مباشر.

الخوف من القادم… هل كانت هذه البداية فقط؟

في الوقت الذي ما تزال فيه صفارات الإنذار تدوي بين الحين والآخر، يزداد القلق في أوساط الإسرائيليين من احتمال دخول البلاد في موجة تصعيد مفتوحة مع إيران. وقال أحد المحللين في القناة 12 الإسرائيلية: “إذا كانت هذه فقط المرحلة الأولى، فنحن أمام سيناريو إقليمي خطير غير مسبوق”.

مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية عقدوا اجتماعًا طارئًا في مقر وزارة الدفاع، وسط مطالبات شعبية بـ”رد قوي”، بينما تدعو أطراف دولية لضبط النفس.

ختامًا: “هجوم نوعي”… ومرحلة جديدة

الهجوم الإيراني على إسرائيل هذه المرة لا يُقاس فقط بحجم الدمار، بل بما يحمله من رسائل عسكرية وسياسية. فهو كشف عن قدرة إيران على إيذاء العمق الإسرائيلي، وكسر ما كانت تسميه تل أبيب “التفوق الأمني”.

ومع مشاهد الحطام التي تملأ شوارع تل أبيب، يزداد الحديث عن دخول الشرق الأوسط مرحلة جديدة من التصعيد، قد تُعيد رسم حدود الردع والتحالفات، وتغيّر مستقبل الصراع بشكل جوهري.

اقرأ أيضًا : “ضربة مرعبة وموجّهة للاحتلال”.. دفعة صواريخ إيرانية جديدة تضرب تل أبيب وتخلّف دماراً واسعاً