“وكأنه يعاني هموم الفلسطينيين يؤرقه ما آلت إليه قضيتهم”.. عاد القيادي المفصول من حركة فتح والهارب في دولة الإمارات، محمد دحلان، إلى المشهد السياسي الفلسطيني من جديد.
واستغل “دحلان”، جولة مستشار الرئيس الأميركي “دونالد ترمب”، لشؤون الشرق الأوسط “جاريد كوشنر”، في منطقة الشرق الأوسط، للترويج لقضية السلام التي تتبناها الإدارة الأمريكية، والتي باتت تعرف باسم “صفقة القرن”، عقد مؤتمر لمنتدى الغد للشرق الأوسط في العاصمة البريطانية تحت عنوان”المهمة المستحيلة” ( في إشارة لخطة ترامب).
وقال “كوشنر” في استعراضه للخطوط العريضة لـ”صفقة القرن”، إن المقترح سيتطلب تنازلات من كلا الجانبين(في إشارة لدولة الاحتلال والفلسطنيين”، مشيرا إلى أن أنه سيتم الإعلان عن خطة السلام بعد الانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها في التاسع من أبريل المقبل، ولم يقل ما إذا كانت ستشمل إقامة دولة فلسطينية.
“دحلان” الذي يحاول فرض نفسه مجددا على الساحة الفلسطينية بارتداء زي المناضل والمقاوم، اعتبر أن أي اتفاق يحتاج إلى مراعاة مصالح طرفي الصراع والاستماع إلى هواجسهما.
وقال إن الطريقة التي يجري التعامل بها لمعالجة البنود الواردة في صفقة القرن سواء فيما يتعلق بالأرض أو القدس واللاجئين، تسير نحو الفشل بسرعة قطار ياباني”.
وأكد القيادي الفتحاوي المفصول أن أي اتفاق يحتاج إلى موافقة الطرفين، إذا كان الهدف هو الوصول لاتفاق بالفعل، ولكن من الواضح أن الطريقة التي تصرفت بها الإدارة الأمريكية مع الشعب الفلسطيني تنحاز تمامًا إلى الجانب الإسرائيلي وتناصب العداء للجانب الفلسطيني.
وزاد “دحلان” قائلًا إن “الفلسطينيين لن يسمحوا بالتذاكي عليهم، ولن نقبل من الإدارة الأمريكية تحديد ما الذي سيوضع فوق طاولة المفاوضات وما الذي سينزع منها، وإذا لم يقدم حلا شافيا يساهم فيه الجميع، سينفجر الوضع الحالي وسيدفع الجميع الثمن سواء في غزة أو السلطة في رام الله وأيضا في إسرائيل”، لافتًا إلى أن هناك مصلحة إسرائيلية وفلسطينية لإعادة بناء نظام سياسي يسمح لمليوني فلسطيني في بالعيش في كرامة”.
لعبة شطرنج
ولكن ما يقوم به “دحلان” ستار للعبة تقوم بها دول “مصر ، وإسرائيل، والإمارات والسعودية”، تهدف إلى استعادة السيطرة على غزة من حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وفصائل المقاومة، وفق مايرى مراقبون.
فـ”دحلان” الذي تحولت أدواره في منطقة الشرق الأوسط منذ طرده من حركة فتح في 2011، بعدما أدانته لجنة تحقيق بالتورط في قضايا جنائية ومالية موثقة، بعدما توجه لدولة الإمارات، يهدف للعودة مجددا للوطن لتنفيذ خطط أولاد زايد.
ولا يستطيع دحلان التغريد منفردا دون الرجوع للكفيل الإماراتي، حيث تسعى أبوظبي للتخلص من أي حضور للإسلام السياسي في المنطقة وخاصة جماعة الإخوان المسلمين.
وتعتبر الإمارات الإخوان المسلمين العائق الأهم في وجه التقارب مع إسرائيل أمنيا واستخباريا، والجزء الآخر مواجهة إيران ومحاصرة أذرعها في غزة وحماس أولا، والجهاد الإسلامي تاليا.
فالصورة التي ظهر “دحلان” في المؤتمر، وهو يغازل حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ومهاجمة “صفقة القرن”، ماهي إلا لعبة.
فكما للإمارات أهدافها، فإن للسعودية أهدافها أيضا؛ حيث تريد تمرير انتقال الحكم من الملك سلمان إلى ولي العهد “محمد”، دون أي اعتراض أميركي، بل ودعم ذلك إذا اقتضى الأمر، وتعلم السعودية أن ثمن ذلك هو تنفيذ المبادرة السعودية التي أعلنت في قمة بيروت عام 2002 أولاً، ثم الانتقال للجزء الأهم وهو التطبيع مع إسرائيل، وقبول “صفقة القرن”.
وفي أبريل الماضي، كشفت القناة العبرية العاشرة، أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أخبر مسؤولين يهودًا أمريكيين، بأن أمام الفلسطينيين خيارين: إما القبول بعملية السلام، التي باتت توصف بـ”صفقة القرن”، وإما “التوقف عن الشكوى”.
وسبق أن كشفت صحيفة “ميدل إيست آي” البريطانية أن ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، لوّح للرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، باستبداله بالمفصول من حركة “فتح” محمد دحلان، من أجل إقناع عباس بالخطة التي تعدها الإدارة الأميركية.
كما سبق وكشف رئيس جهاز المخابرات في السلطة الفلسطينية، “ماجد فرج”، في ديسمبر الماضي، أن “المصالحة المصرية” تسعى للتصالح بين فتح وحماس بقطاع غزة، تمهد الطريق لعودة القيادي الفتحاوي المفصول “محمد دحلان” إلى قطاع غزة ورأس الهرم بالسلطة الفلسطينية”.
ولكن هذه المحاولات تصطدم بالكثير من العقبات؛ حيث تسيطر حركة “حماس” بشكل كبير على قطاع غزة، وكذلك تيار عباس يسيطر على مفاصل فتح والسلطة بشكل شبه تام في الضفة المحتلة.
وكانت حركة حماس الفلسطينية أحد أكبر المتضررين من وجود القيادي المفصول من حركة فتح “محمد دحلان” خلال فترة رئاسته لجهاز الأمن الوقائي، إذ سعى خلال هذه الفترة لإنهاء وجودها، وتصفية قياداتها، وتجميد أموالها بكافة المصارف الفلسطينية.
ومؤخرا ارتهنت تطلعات “دحلان” السياسية وقدراته اللامحدودة في تسويق نفسه لحلفاء جدد، بتنفيذ عملياتِ اغتيال بحق خصومه السياسيين، وتشكيل فرق مسلحة كـ”فرقة الموت” لمحو قائمة من الرموز السياسية شكلت حاجزًا حيال سلوكه السلطوي، وتطلعات حلفائه من الدول العربية.
ولعب دحلان دورا كبيرا في توسيع استثمارات دولة الإمارات التجارية والعسكرية داخل الدول الأوروبية الواقعة بمنطقة أوروبا الشرقية، وهو ما حقق لدحلان أموالًا طائلة نتيجة هذه الوساطة، وتمتعه بالجنسية الصربية هو وعائلته مكأفاةً من الدولة الأوروبية على خدماته ووساطته.
وقدرت صحيفة “هآرتس” العبرية في عام 1997، أرصدته في المصارف الإسرائيليّة بمقدار 53 مليون دولار، بينما راج عنه خلال عضويته بحركة فتح توليه مسئولية التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل، وشراء التمور من المستوطنات، وتجارة سلاح مع سكان 48.
دحلان الذي يرتدي ثياب البطولة والدفاع عن القضية الفلسطينية، سعى بمساعدة الإمارات لشراء منازل الفلسطينيين في القدس المحتلة وبيعها لصالح الصهاينة.
وفي يونيو الماضي، قال الشيخ كمال الخطيب إن “رجل أعمال إماراتي مقرب جدا من محمد بن زايد يعمل على شراء بيوت وعقارات في البلدة القديمة، وخاصة البيوت الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك، بمساعدة رجل أعمال مقدسي محسوب على محمد دحلان”.
“الخطيب”، أكد أن “رجل الأعمال هذا عرض على أحد سكان القدس مبلغ ٥ ملايين دولار لشراء بيت ملاصق للمسجد الأقصى وعندما رفض العرض وصل المبلغ إلى عشرين مليون دولار لنفس البيت”
اضف تعليقا