في مثل هذا اليوم، 17 يونيو من عام 2019، رحل الرئيس المصري الأسبق الدكتور محمد مرسي داخل قاعة محكمة في العاصمة القاهرة، في مشهد هزّ الضمير الإنساني، وأعاد إلى الواجهة واحدة من أكثر المحطات السوداء في تاريخ مصر الحديث.
مرسي، الذي جاء إلى الحكم في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، كأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا في البلاد، لم يُمهل طويلًا، حيث أُطيح به بعد عامٍ واحد فقط عبر انقلاب عسكري دموي في 3 يوليو 2013، قاده وزير دفاعه آنذاك عبد الفتاح السيسي، بدعم علني وتمويل سخي من دولة الإمارات والسعودية، وفقًا لتقارير إعلامية وتسريبات موثقة.
اعتقال وعزل وحصار إعلامي
عقب الانقلاب، تعرض مرسي للاعتقال في ظروف غير إنسانية، عُزل عن العالم الخارجي بالكامل، ومنع من التواصل مع أسرته أو محاميه لأشهر طويلة. وُضع في زنزانة انفرادية في سجن طره سيئ السمعة، وتعرض لمحاكمات وصفتها منظمات حقوقية بأنها “مسيسة وغير عادلة”، وسط صمت دولي مريب.
الإهمال الطبي المتعمّد.. والقتل البطيء
خلال سنوات اعتقاله الست، حُرم مرسي من حقه في العلاج رغم إصابته بعدة أمراض مزمنة، بينها السكري وارتفاع ضغط الدم. وأكدت تقارير خبراء من الأمم المتحدة أن ظروف اعتقاله كانت “تعسفية وغير قانونية”، وأن الإهمال الطبي الممنهج “قد يرقى إلى جريمة قتل تعسفي من قبل الدولة”.
في يوم وفاته، انهار الرئيس مرسي داخل قاعة المحكمة، دون أن يُسمح بنقله إلى المستشفى أو إنقاذه، مما أدى إلى وفاته على الفور، وسط ذهول العالم وسخط المنظمات الحقوقية.
تورّط إقليمي في الانقلاب
الانقلاب العسكري الذي أطاح بمرسي جاء في إطار مشروع إقليمي تقوده أبوظبي والرياض لمواجهة موجة “الربيع العربي” ومحاصرة أي تجربة ديمقراطية قد تلهم الشعوب، وهو ما أكدته وثائق استخباراتية وشهادات مسؤولين غربيين.
وقد لعب الإعلام الممول خليجيًا دورًا مركزيًا في شيطنة حكم مرسي وتبرير الانقلاب عليه، في حين تم ضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد المصري لدعم سلطة ما بعد الانقلاب، وشراء شرعية زائفة للنظام العسكري الجديد.
إرث من الكرامة.. وقضية لا تموت
رغم كل محاولات التشويه، لا تزال ذكرى محمد مرسي حاضرة في قلوب الملايين، كرمزٍ للنزاهة والصمود والشرعية الدستورية. لم يساوم على مبادئه، ورفض الاعتراف بشرعية الانقلاب حتى لحظاته الأخيرة، وقال عبارته الشهيرة:
“أنا الرئيس الشرعي للبلاد، وسأظل كذلك حتى آخر نفس في حياتي.”
في ذكراه السادسة، تتجدد المطالب بفتح تحقيق دولي مستقل في ظروف وفاته، ومحاكمة المتورطين في اعتقاله وتعذيبه وقتله البطيء، مع التأكيد على أن العدالة لا تسقط بالتقادم، وأن صوت الشعوب لا يُخرَس بالدبابات.
اقرأ أيضا: بعد حوار مع معارض مصري.. علاء مبارك يعتذر عن الإساءة للرئيس محمد مرسي
اضف تعليقا