“هاجمت الإمارات مصنعا للمنتجات الغذائية، دون دليل على وجود أهداف عسكرية فيه. عدم التحقق من أن العمال هناك كانوا مدنيين ومن عدم وجود هدف عسكري مشروع يُظهر التهور والمعلومات الاستخبارية الخاطئة”، هذا ما ورد في تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، بشأن الهجوم الإماراتي على مصنع ليبي أواخر عام 2019.

ووفقًا لتقرير “هيومن رايتس ووتش” فإن المنظمة تحققت من قيام دولة الإمارات بشن هجوم غير مشروع بطائرة مسيرة على مصنع للبسكويت، في منطقة وادي الربيع، جنوب العاصمة الليبية طرابلس.

ما أسفر عن مقتل 8 مدنيين وإصابة 27 بجروح، وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

وقد ألحقت الغارات أضرارًا بالمبنى ودمّرت شاحنة وسيارة. كما توقّف المصنع عن العمل بعد الهجوم.

وحسب بيان المنظمة طالبت فيه أبوظبي بإجراء تحقيق شفاف في هذا الحادث، ونشر النتائج علنا.

كما طالبت المنظمة بتعويض الضحايا أو أسرهم، مشيرة إلى أنها لم تتخذ إجراءات تُذكر لتقليل الأذى اللاحق بالمدنيين في هجومها.

وأكد مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في هيومن رايتس ووتش “إريك جولدستين”: أنه “هاجمت الإمارات مصنعا للمنتجات الغذائية، دون دليل على وجود أهداف عسكرية فيه. عدم التحقق من أن العمال هناك كانوا مدنيين ومن عدم وجود هدف عسكري مشروع يُظهر التهور والمعلومات الاستخبارية الخاطئة”.

وقد زارت باحثة من “هيومن رايتس ووتش” مكان الهجوم، في ديسمبر/كانون الأول 2019، ووثّقت الأضرار المادية التي ألحقتها الصواريخ الموجهة التي أطلقتها طائرات مُسيّرة بالمصنع.

وكان موقع الهجوم الإماراتي، بحسب بيان “رايتس ووتش”، هو مجمّع صناعي يضم عدة عنابر صناعية تُستخدم في الغالب كمستودعات لتخزين المواد الخام والمعدات تابع لمصنع “السنبلة” للبسكويت.

وأكد باحثون تابعون للمنظمة أنهم لم يشاهدوا أي علامة على وجود جماعات مسلحة في المنشأة.

وأكدت المنظمة أنها لم تجِد أي أهداف عسكرية في المنطقة.

وقال البيان إن المنظمة عثرت في موقع الغارة على بقايا أربعة صواريخ على الأقل من طراز “بلو آرو – 7” (Blue Arrow-7) الموجهة بالليزر التي أطلقتها طائرة مُسيّرة من طراز “وينج لونج – 2” (Wing Loong-II)، مضيفا: “وحدها الإمارات تستخدم هذا الطراز من الطائرات المُسيّرة والصواريخ في ليبيا”.

ونقلت المنظمة عن موظف إداري كان في المصنع يوم الغارة، قوله إن خمسة صواريخ سقطت على المصنع في غضون دقائق خلال دوام العمل.

وأوضح الموظف أن الصاروخ الأول سقط بالقرب من مستودع،و رغم تضرر المبنى، لم تُسجَّل وفيات أو إصابات بين العمال، لكنه قال إن مجموعة من العمال في المستودع خافوا وهربوا إلى الخارج، فاستهدفهم الصاروخ الثاني وقتل ثلاثة منهم.

أما الصاروخ الثالث، بحسب الموظف، فقد أصاب مجموعة أخرى من العمال الهاربين موقعا بينهم قتيلا واحدا، واستهدف الصاروخ الرابع شاحنة اسمنت في المجمّع وأودى بحياة شخص، مضيفا أن الصاروخ الخامس سقط قرب سيارة كان سائقها يستعد لنقل عامل بنجلادشي إلى المستشفى، ما أسفر عن مقتلهما معا.

وقال عامل آخر، من تشاد، يبلغ من العمر 31 عاما، والذي أصيب في ركبته وكاحله الأيسر بشظايا من الصاروخ الثاني، إنه هرب من المصنع مع مجموعة من العمال بعد سقوط الصاروخ الأول.

ويضيف: “هربت مجموعة منا خارج المصنع باتجاه المساحات المفتوحة بسبب الخوف بعد سقوط الصاروخ الأول. كنا مجموعة من سبعة أو ثمانية أشخاص، وبينما كنا نركض، سقط الصاروخ الثاني وأسفر عن مقتل ثلاثة ليبيين”.

ونقل الباحثون عن موظفين قولهم إن أقرب وجود عسكري في وقت الهجوم كان مستشفى ميداني في مسجد آخر يبعد 1.5 كيلومترا على الأقل.

وقال أربعة من الموظفين إن سبعة من العاملين معهم قُتلوا على الفور وأن الثامن – من بنغلادش – توفي متأثرا بجراحه بعد عشرة أيام في مستشفى في طرابلس.

لم تُعلّق الإمارات علنا على دورها في الهجوم ولم تعرض تعويضات عن الخسائر المدنية.

ووفقا لوسائل إعلام والأمم المتحدة وتقارير أخرى، شنّت الإمارات خمس غارات أخرى، على الأقل، أودت بحياة مدنيين منذ أبريل/نيسان 2019، من ضمنها هجوم، في يوليو/تموز، ضد مركز لاحتجاز المهاجرين في تاجوراء، قرب طرابلس، وهو الهجوم الذي أودى بحياة 50 مهاجرا وطالب لجوء على الأقل من جنسيات مختلفة.

وقالت “هيومن رايتس ووتش” إنها وثقت مخلّفات صواريخ من طراز بلو آرّو-7 الموجهة بالليزر، أطلقتها المسيرة الإماراتية (صينية الصنع).

واستشهدت المنظمة بتقرير فريق الخبراء، الذي يساعد “لجنة الجزاءات المعنية بليبيا”، نشرته مجلة “جاينز ديفنس وويكلي”، والذي يؤكد أن “صواريخ بلو آر-7 هي قيد الاستخدام التشغيلي فقط في ثلاث دول هي الصين وكازاخستان والإمارات”.

وبحسب تقرير فريق الخبراء، يشغل موظفون إماراتيون هذه الطائرات دعما لقوات “حفتر”، وأكدت تحقيقات فريق “هيومن رايتس ووتش” أن هذه الطائرات المسيرة لم تصل إلى ليبيا عبر المصنّع أو بلد التصنيع مباشرة، ولكن عبر الإمارات.

وبحسب تقارير، استُخدمت الطائرات المسيّرة والصواريخ من الطراز نفسه في هجوم 5 يناير/كانون الثاني على كلية عسكرية في الهضبة في طرابلس، الذي أودى بحياة 30 طالبا عسكريا وأصاب 33 آخرين بجروح.

ولفتت “هيومن رايتس وتش” إلى أنه، وبحسب تقارير فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا، وبالإضافة إلى الطائرات المسيرة، زودت الإمارات قوات اللواء المتقاعد “خليفة حفتر” بالأسلحة والذخائر ومواد قتالية أخرى، مثل المركبات المدرعة، منتهكة حظر الأسلحة الذي فرضه “مجلس الأمن الدولي” التابع للأمم المتحدة في 2011 والذي يحظر عمليات النقل هذه.

وقال البيان إن دعم الإمارات العسكري المتواصل للقوات المسلحة العربية الليبية، جماعة مسلحة في شرق البلاد لها سجل مُثبت من انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب وحقوق الإنسان، يهدد بجعل الإمارات متواطئة في هذه الانتهاكات وقد يُعرّضها للتدقيق في التحقيقات الدولية.

وطالبت “رايتس ووتش”، “مجلس حقوق الإنسان” الأممي في جنيف، خلال دورته القادمة في يونيو/حزيران، بإنشاء لجنة تحقيق دولية لتوثيق الانتهاكات في ليبيا، وتحديد المتورطين فيها، بما في ذلك الجهات الخارجية، وحفظ الأدلة كلما أمكن لاستخدامها في إجراءات جنائية مستقبلا.

ومساء الإثنين، أعلن اللواء المتقاعد “خليفة حفتر”، نصيب نفسه حاكما لليبيا، واعتبر أن اتفاق الصخيرات، الموقع في 2015 لتنظيم العملية السياسية في ليبيا، منته، دون استناد إلى أي شرعية معترف بها داخليا أو دوليا، مما أثار ردود أفعال دولية، أغلبها رافضة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2015، وقعت الأطراف الليبية اتفاقا سياسيا في مدينة الصخيرات المغربية، أنتج تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب، وإنشاء مجلس أعلى للدولة، لكن “حفتر” سعى طوال سنوات إلى تعطيله وإسقاطه.

وتنازع مليشيات حفتر، حكومة الوفاق، على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط، وتواصل هجوما بدأته في 4 أبريل/ نيسان 2019، للسيطرة على العاصمة طرابلس، مقر الحكومة.

اقرأ أيضاً: مقابل دعم مالي وعسكري .. الإمارات تطلب من حميدتي آلاف المرتزقة لإنقاذ حفتر