ينتظر المسلمون حول العالم شهر رمضان “المقدس” لممارسة عادات اجتماعية ودينية مميزة، حيث يتسابق المسلمون للصلاة في المساجد، كما يكثر التزاور بين الأصدقاء والأقارب، فضلاً عن امتلاء الشوارع بموائد لإطعام الفقراء عند الإفطار مع وقت المغرب.

ولكن هذا العام، ألقت جائحة كورونا بظلالها القاتمة على الطقوس الدينية والاجتماعية التي اعتاد المسلمون ممارستها في رمضان، حيث تم تعديلها لتلائم توجيهات الصحة العامة بشأن الإبعاد الاجتماعي، ليتحول شهر الصوم والتأمل لدى 1.8 مليار مسلم حول العالم إلى شهر من العزلة والحظر والحجر المنزلي.

لن تُفتح المساجد هذا العام لأداء “صلاة التراويح” بعد صلاة العشاء، ليقضي الجميع أوقاتهم داخل حدود المنزل، كما تم حظر

حظر الولائم العامة الكبيرة ]موائد الرحمن[، التي تقدمها السلطات ورجال الأعمال والمتبرعون، لإفطار الصائمين من عابري السبيل أو الفقراء، حيث لا يزال حظر التجوال مفروضًا بشكل صارم.

قرار إغلاق المساجد بدأ مع تفشي المرض، وتم استبدال بعض عبارات “الآذان” لتتلاءم مع الوضع الجديد، حيث تم استبدال عبارة “حي على الصلاة” إلى “صلوا في رحالكم”.

قالت الدكتورة آ.هـ. هيلير، زميلة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “إن السلطات الدينية الإسلامية حول العالم تدعو إلى فرض قيود واسعة على التجمعات داخل أو خارج المساجد نتيجة لوباء”.

قبل بدء شهر الصيام، كان الجدل السائد في الدول الإسلامية حول إمكانية الصوم في ظل الظروف الراهنة، ومدى تأثيره على الوقاية من الفيروس، وعلى الرغم من أنه لم يتم حسم تلك المسألة بعد، مع وجود أدلة من بعض علماء المسلمين أن الصيام مفيد في الواقع، وآخرون أثبتوا العكس، فإن المسلمون استقروا على صيام الشهر.

رمضان في الحظر، هو رمضان مختلف تماماً عن الصفة الرئيسية لهذا الشهر، الذي يعتبره المسلمون مهرجاناً دينياً واجتماعياً وروحانياً، ولكن وبسبب فيروس كورونا، اختلف الوضع، ويرى الكثيرون أن الفقراء هم أكثر من سيدفع الثمن، بعد منع إقامة “موائد الرحمن”، ولكن من ناحية أخرى، التبرعات لا زالت قائمة.

على الناحية الدينية الروحانية، تم إغلاق المساجد في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – في مصر وتونس والمغرب والجزائر والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت وقطر والأردن والعراق والإمارات العربية المتحدة، وعليه فلن يكن هناك “اعتكاف” في المساجد كما جرت العادة كل عام.

بالإضافة إلى ذلك، مع توقف معظم الرحلات الجوية عبر العالم، يعاني البعض من مخاوف نقص المواد الغذائية في بعض المناطق، حيث قال المواطن بشار أبو سمرة، من مدينة طرابلس شمال لبنان: “هذه هي المرة الأولى التي يتعين علينا فيها القلق بشأن ذلك… قد لا نجد طعام في شهر رمضان، هل يمكنك أن تتخيل هذا؟”.

في سياق متصل، قامت بعض الولايات بتعديل أوقات حظر التجول لديها لتسهيل التسوق خلال ساعات الصيام. يُذكر أنه وبسبب حظر التجول، تم تعطيل تصوير العديد من البرامج والمسلسلات التليفزيونية التي كان من المقرر بثها في رمضان، ما تسبب في خسائر فادحة لشركان الإنتاج.

من ناحية أخرى، رأى البعض أن الوضع الحالي وفي رمضان تحديداً له العديد من المزايا، حيث شجعت الهيئات الدينية العائلات لاستغلال تلك التدابير لتقوية علاقاتهم وروابطهم الأسرية.

قال مفتي مصر، شوقي علام، في بيان صدر في وقت سابق من هذا الشهر: “يجب أن ننظر إلى الجوانب الإيجابية خلال هذه الأوقات الاستثنائية التي أجبرت العديد من الناس على الحجر الصحي في منازلهم وتحويل ذلك إلى فرصة للترابط والتسامح و استعادة روح الصفاء والتعاون”.

وفي شمال غرب سوريا، حيث قد يضع الصيام حداً للحرب المستمرة، قال المواطن أحمد مصطفى، صاحب متجر في إدلب “الشهر لا زال موضع ترحيب، ولا زلنا نأنس بوجوده”، وأضاف “الشهر تسبب في هدنة للحرب، ستمكن الجميع من التوقف والتأمل فيما يحدث، خاصة وأنه شهر عبادة… العالم يحتاج إلى تغيير، وربما يحدث هذه المرة بشكل حقيقي”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

اقرأ أيضًا: لوفيجارو الفرنسية: رمضان حزين في العالم الإسلامي بسبب كورونا