في تصريح لافت جديد يعكس حجم القلق في أوساط رجال الأعمال المصريين، وجّه رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس انتقادات حادة للجيش المصري بسبب تدخله الواسع في النشاط الاقتصادي، معتبرًا أن هذه الهيمنة تضر بمناخ الاستثمار وتخلق منافسة غير عادلة، في وقت تقود فيه دول أخرى، مثل تركيا، نموذجًا مختلفًا من خلال تطوير الصناعات الدفاعية والتكنولوجية.

▪️ مقارنة لاذعة بين الجيش المصري والتركي

وخلال حوار أجراه أثناء زيارته لجامعة هارفارد، استنكر ساويرس انشغال الجيش المصري بقطاعات استهلاكية مثل البسكويت والجمبري والمياه المعدنية، في مقابل تركيز الجيش التركي على تصنيع الطائرات المسيّرة، والمدرعات، والدبابات.

واعتبر ساويرس أن دخول المؤسسة العسكرية في مشاريع استثمارية وتجارية يخيف المستثمرين المحليين والأجانب، خاصة وأن هذه الكيانات تستفيد من إعفاءات ضريبية وامتيازات غير متاحة للقطاع الخاص.

▪️ لا منافسة عادلة.. والدولة خصم وحكم

وأوضح ساويرس أن “المنافسة غير عادلة منذ البداية”، نظرًا لأن الشركات التابعة للجيش أو الحكومة لا تدفع ضرائب أو جمارك، في حين يتحمل رجال الأعمال أعباء التشغيل الكاملة.

كما جدد دعوته إلى ضرورة فصل الدولة عن النشاط التجاري، وأن تقتصر مهامها على تنظيم السوق فقط، لا أن تكون لاعبًا اقتصاديًا ينافس المواطنين على أرزاقهم.

▪️ طموحات السيسي الاقتصادية وتوسّع الجيش

تأتي تصريحات ساويرس في وقت تتسع فيه رقعة الاقتصاد العسكري في مصر، حيث تسند الدولة للمؤسسة العسكرية عقودًا ضخمة في مشاريع البنية التحتية والمدن الجديدة.

ويُذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي صرّح سابقًا بأن اقتصاد الجيش يشكل 2% من الاقتصاد الوطني، لكنه عبّر عن أمنيته في أن يرتفع إلى 50%، وهو ما يُثير تساؤلات حول مستقبل القطاع الخاص في مصر.

▪️ غياب الشفافية ومخاوف الاستثمار

من الجدير بالذكر أن الوضع المالي للجيش المصري محاط بالسرية التامة، ولا تُنشر أي أرقام رسمية حول حجم الإنفاق أو العائدات، ما يزيد من الضبابية لدى المستثمرين.

وفي هذا السياق، قال ساويرس: “أنا نفسي لا أشارك في أي مناقصات تتنافس فيها شركات تابعة للدولة، لأن ميدان المنافسة حينها لا يكون متكافئًا”.

▪️ الحريات السياسية وخيبة الأمل بعد الثورة

أما عن الجانب السياسي، فقد تحدّث ساويرس عن تجربته بعد ثورة يناير، مشيرًا إلى أنه أسّس حزب “المصريين الأحرار” إيمانًا بدور الشباب، إلا أن الحماس السياسي خفت بعد سقوط نظام مبارك.

وأضاف: “الشباب كانوا مهتمين بإسقاط النظام، لكن لم يكن لديهم تصور لما بعد ذلك”، موضحًا أن حزبه لم ينجح في تحقيق حضور قوي في البرلمان الذي تهيمن عليه القوى المؤيدة للسيسي.

 تصريحات ساويرس ليست مجرد انتقاد اقتصادي، بل تعكس مأزقًا مزدوجًا في مصر: اقتصاد يزداد عسكرة، ومناخ سياسي يغيب فيه التنوع والتنافس الحر. وبينما تمضي تركيا في تطوير أدوات الردع الذاتي، تستنزف مصر مواردها في مشروعات استهلاكية يديرها العسكر، وسط بيئة طاردة للاستثمار وغياب شبه تام للشفافية.

اقرأ أيضا: خارطة بيع مستمر منذ 2014.. كيف فرط السيسي في الأصول المصرية؟