العدسة – معتز أشرف:

أطلق معتقلو الرأي في البحرين نداء استغاثة للعالم للتدخُّل والتصدي للانتهاكات المستمرة ضدَّهم في مقار الاحتجاز التي باتت- بحسب وصفهم وتوثيق الحقوقيين- سلخانات تعذيب ومقابر مفتوحة!.

“العدسة” يرصد أبرز الانتهاكات التي يتعرَّض لها معتقلو الرأي في البحرين.

أرقام خطيرة!

عدد المعتقلين في سجون البحرين بحسب منظمات حقوقية قد فاق حاليًا 4000 سجين منهم 12 امرأة، وقد بلغ مجموع حالات الاعتقال التعسفي منذ العام 2011 أكثر من 12 ألف حالة، بينهم 330 امرأة، و968 حالة لأطفال بينهم 3 طفلات، فيما تعرض أكثر من 4000 مواطن للتعذيب أو لإساءة المعاملة والحاطة بالكرامة الإنسانية. إلى جانب ذلك تؤكّد المعلومات اكتظاظ الزنازين بنحو يتجاوز 50% من طاقتها الاستيعابية.

منظمة أمريكيون للديمقراطية وحقوق الإنسان وثّقت في أبريل الماضي أكثر من 1000 حالة تعرضت لانتهاكات عديدة في سجون البحرين، وقالت: إنَّ حوالي 77% منهم تعرضوا للتعذيب بمختلف أنواعه، و83% منهم إلى الاعتقال التعسفي، وأنَّ هناك 400 طفل ضمن المعتقلين في وقت التوثيق.

وبحسب المؤشرات الحقوقية المستقلة، تبوّأت المنامة المركز الأول عربيًا في نسبة عدد السجناء؛ إذ وصل رقمهم في السجون حوالي 4 آلاف سجين، بمعدل 301 من كل مائة ألف من السكان، وذلك بحسب المركز الدولي لأبحاث السياسات الجنائية حول أوضاع السجون في العالم..

وبلغت الانتهاكات التي رصدتها المنظمات الحقوقية في البحرين حتى 2017، نحو 1253 حصيلة انتهاكات حرية التعبير والرأي: 59 حالة استدعاء وتحقيق، 21 حالة تعذيب وحرمان من الحقوق، 22 حالة اعتقال، 32 حكم قضائي، 40 حالة تأجيل حكم، 186 عالميًا، وفي ذيل القائمة خليجيًا في حرية الصحافة.

وأعلنت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان أنها رصدت أكثر من 50 حالة انتهاك بحق معتقلين سياسيين ونشطاء حقوقيين خلال شهر أبريل 2018، فيما قال منتدى البحرين لحقوق الإنسان: إنَّه رصد 1668 انتهاكًا لحقوق الإنسان خلال مارس الماضي، بمعدل زيادة يقترب من الثلث عن الشهر الذي يسبقه، مع إسقاط الجنسية عن 24 مواطنًا شيعيًا بتهمة تشكيلً “جماعة إرهابية”.

وذكر المنتدى أنه تمّ تسجيل 115 اعتقالًا تعسفيًا، في هذا الشهر بينهم 31 طفلًا و42 حالة اختفاء قسري، كما رصد التقرير 489 مادة إعلامية ورسائل تحرّض على الكراهية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين.

 

انتهاكات متنوعة!

ومن أبرز الانتهاكات تلك التي طالت معتقلات الرأي، حيث يتعرَّضن لانتهاكات خطيرة، من بينها الاعتداءات الجسدية والكلام البذيء والتهديد بالاغتصاب من قبل ضباط في جهاز الأمن الوطني أو وزارة الداخلية.

جريمة التعذيب من أخطر الانتهاكات في السجون البحرينية، وفق المدافِعة البارزة عن حقوق الإنسان ابتسام الصائغ، التي أوضحت أنَّ أجساد ضحايا التعذيب في البحرين تخرج مشوَّهة جراء تفنُّن المعذبين في إخفاء آثار التعذيب من خلال التركيز على أماكن غير ظاهرة في حين تظهر آثارها الخفية بشكل أمراض خطيرة تنخر في أجساد السجناء وتأهلهم للموت البطيء بعد تجاهل آلامهم.

 

ويعد القتل البطيء من الانتهاكات الممنهجة، بحسب حقوقيين، حيث أكدت تقارير حديثة أنه تم رصد وتوثيق أنَّ سجناء الرأي كانوا يتمتعون بصحة جيدة قبل اعتقالهم وإدخالهم السجن، في حين تحولوا لمرضى، كما يعاني المعتقلون المرضى وخصوصًا أولئك المصابين بأمراض مستعصية ومزمنة من عدم توفير الرعاية الطبية الكافية والعلاج الملائم لحالاتهم للحيلولة دون تفاقم وتردّي أوضاعهم الصحية، رغم توصية الأمم المتحدة باعتماد القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

وبحسب مركز الخليج لحقوق الإنسان فإنَّ معاملة البحرين للنشطاء الحقوقيين أو المعارضين المعتقلين “قد ترقى في بعض الحالات إلى المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة”.

واستخدمت السلطات البحرينية الحبس الانفرادي كعقوبةٍ لفترات طويلة، مع استمرار سوء المعاملة وعدم كفاية الرعاية الطبية، خاصة في سجن الحوض الجاف وسجن جو، ما أدَّى إلى هروب 10 سجناء من سجن جو في وقت سابق.

ووثق نشطاء شكاوى متواترة للمعتقلين على وسم ” #سجون_البحرين_مقبرة_الأحياء ” في حملة إعلامية قبل أيام حول إجبار المعتقلين على البقاء في الزنازين وحرمانهم من التنفس أو ممارسة الرياضة لمدة ٢٣ ساعة في اليوم، وهو ما أثر سلبًا على صحة المعتقلين الجسدية كإصابتهم بالجرب والحساسية أو صحتهم النفسية كإصابتهم بالاكتئاب ومحاولة بعضهم للانتحار.

كما وثّق النشطاء شكاوى عددٍ كبير من السجناء السياسيين من مضايقات يتعرضون لها من سجناء جنائيين ومن شرطة بجنسيات عربية أو آسيوية تصل لحدّ الضرب المبرح كما شكوا الزجّ بهم في السجن الانفرادي بلا مبرر.

رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان باقر درويش لفت الانتباه إلى استمرار النظام البحريني في ترويج الأكاذيب عن سجناء الرأي، وقال على حسابه ضمن حملة تضامن مع سجناء الرأي: “قبل أن يخرج أحد من المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ويحاضر زورًا عن احترام البحرين لمبادئ حقوق الإنسان، فليجرِّب شرب الماء في قنينة كلوركس كما يحدث لسجناء الرأي”.

حالات صارخة!

وفي السجون ومقار الاحتجاز قصص إنسانية مروِّعة، ومن أبرز حالات الانتهاكات معاناة المعتقل البحريني إلياس فيصل الملا المصاب بمرض السرطان، حالة يصفها كثيرون بأنها مأساة متحركة؛ حيث إنه “مصاب بالسرطان المرحلة الثالثة” وتقول حملة الإفراج عنه: “مكانه المستشفى وليس السجن”، ولكن دون جدوى.

ومن حالات الانتهاكات المعروفة ما تعرضت له الناشطة زينب الخواجة من تعذيب نفسي ومادي والحكم بسجنها ثلاث سنوات، وتغريمها 3 آلاف دينار، ويعدّ سجن جو المركزي في البحرين من أبرز سلخانات التعذيب، ووثقت لين معلوف، مديرة البحوث في المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيان في وقت سابق قيام السلطات بمعاقبة نزلاء سجن جو بشكل جماعي وتعسفي، ودعت إلى ضمان معاملة جميع السجناء معاملة إنسانية، وحصولهم على العلاج اللازم الذي يحتاجون إليه”.

وقبل أسبوعين شنَّت قوات سجن جو عمليات واسعة من الهجوم على المعتقلين، وأفادت تقاريربأن القوات أخرجت قرابة 100 معتقل خارج مباني السجن، وأجبرتهم على البقاء تحت أشعة الشمس لعدَّة ساعات متواصلة، بجانب حملات تفتيش واسعة ومهينة وسرقة لمتعلقات الموقوفين.

وتعرَّض الطالب علي محمد حكيم العرب للتعذيب طيلة مدة التحقيق معه على مدى 26 يومًا، وفق توثيق منظمة العفو الدولية، في فبراير ومارس، بما في ذلك نزع أظافر قدميه، وصعقه بالصدمات الكهربائية، وضربه، ثم إجباره على التوقيع على “اعتراف”.

وكشفت المعتقلة هاجر منصور عن وصول التعذيب النفسي إلى مصادرة صور أطفالها، مؤكدة أنه استهداف لا مبرِّر له سوى الانتقام، فبعد أن حرمت من أن أكون بينهم ظلمًا والآن أحرم من الاحتفاظ بصورهم كعقاب، وتسأل في رسالة مسرَّبة لها: لماذا تصادر  الصور طالما تمّ إدخالها بعد أن تم الموافقة عليها وفق شروط السجن؟

ومن القصص الإنسانية التي يتداولها نشطاء في البحرين قصة الشاب أحمد خلف الذي أفرج عنه 18 يوليو الجاري بعد أن أنهى محكوميته بالسجن خمسة أعوام، بعد وفاة والديه وهو بالسجن ولم يسمح له بحضور جنازتهما، ليخرج للنور دون أن يجدهما أو يزورهما.