في واحدة من أقوى المواقف الدينية الصادرة عن مؤسسة إسلامية منذ بدء الحرب على غزة، أطلق شيخ الأزهر الشريف، الإمام الأكبر أحمد الطيب، نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي مطالبًا بتحرك فوري وفعّال لوقف الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، واصفًا الحصار بأنه انتهاك صريح للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية.

▪️ في بيانه الرسمي الصادر الخميس، وجّه الطيب انتقادات لاذعة للمجتمع الدولي الذي يكتفي، بحسب وصفه، بـ”النداءات الكلامية” بينما تموت غزة ببطء تحت الحصار، مؤكدًا أن الأديان جميعها، وفي مقدمتها الإسلام، ترفض التجويع الممنهج واستهداف المدنيين.

▪️ اعتبر الإمام الأكبر أن استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الطبية والغذائية يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية كبرى، داعيًا إلى كسر هذا الجمود الإنساني، وفتح المعابر فورًا دون قيد أو شرط.

▪️ اللافت في الخطاب، أنه لم يكن مجرد نداء روحاني أو ديني، بل حمل لهجة سياسية قانونية واضحة، حيث وصف الحصار بأنه “جريمة مكتملة الأركان” تستوجب الإدانة الدولية والمحاسبة القضائية، في تصعيد نادر من مؤسسة الأزهر التي تميل عادة إلى الخطاب الدبلوماسي الهادئ.

▪️ كما أدان شيخ الأزهر الهجوم الإسرائيلي الأخير على وفد دبلوماسي ضم أكثر من 25 سفيرًا خلال زيارتهم لمدينة جنين، معتبرًا ذلك انتهاكًا فاضحًا لأعراف القانون الدولي ومؤشرًا على استهتار الاحتلال بكل القوانين الإنسانية.

 قراءة في الأبعاد:

  1. تحول لافت في لغة الأزهر:

    البيان الأخير للأزهر يبتعد عن لغته التقليدية المحايدة، ويقترب من خطاب حقوقي صريح، ما يعكس تصاعد الغضب الشعبي العربي والإسلامي من تراخي المجتمع الدولي أمام الجرائم المتواصلة في غزة.

  2. تحييد الفصائل والتركيز على المدنيين:

    ركز شيخ الأزهر في نداءه على المدنيين دون التطرق لأي فصيل سياسي، مما يعزز الخطاب الإنساني المحايد الذي يصعب مهاجمته دوليًا ويمنح البيان شرعية أوسع.

  3. الأزهر كفاعل دولي أخلاقي:

    إعادة تفعيل صوت الأزهر في ملفات سياسية وإنسانية حساسة قد يُعيد توظيفه كقوة ناعمة عالمية تعبر عن ضمير الأمة الإسلامية، في ظل تقاعس حكومات عربية وإسلامية عديدة.

  4. هل يُترجم النداء إلى ضغط دولي؟

    يبقى السؤال الأهم: هل تتحول هذه التصريحات إلى وسيلة ضغط دبلوماسي حقيقية؟ وهل تتلقفها دول ومنظمات دولية لتشكيل تحالف إنساني لكسر الحصار؟ أم تُترك غزة مجددًا وحدها في العراء؟

 في ظل تزايد التقارير الأممية عن دخول القطاع مرحلة المجاعة الكاملة، بات صوت الأزهر ليس فقط ضرورة دينية، بل صرخة ضمير عالمي قد تُحرّك الجمود الدولي إذا ترافقت مع تحركات جماعية أخرى.

اقرأ أيضا: 100 شاحنة لا تكفي.. الاحتلال يواصل سياسة التجويع لغزة بتواطؤ مصري