تتدهور العلاقات بين الجزائر والمغرب بشكل متزايد، خاصة منذ التقارب بين الرباط ودولة الاحتلال الإسرائيلي، ومؤخرا نددت الجزائر بما وصفته بالأعمال العدائية المتواصلة التي ترتكب ضدها من قبل جارها العربي.

كما أن التصريحات الإعلامية التي أطلقها دبلوماسيو البلدين زادت الطين بلة، وأججت مخاطر مراجعة العلاقات بين الجارتين بما في ذلك إعادة النظر في تأشيرات التنقل بين البلدين وتقليص التعاون الاقتصادي في وقت تحتاج فيه المملكة والجزائر إلى التعاون الاقتصادي والتجاري.  

ووفقا لصحيفة “لاكروا” الفرنسية التوتر بين الجزائر والمغرب أصبح في ذروته هذا الصيف، إذ أعلن المجلس الأعلى للأمن الجزائري (HCS)، وهو هيئة استشارية بين رئيس الجمهورية والجيش وأجهزة الأمن، يوم الأربعاء 18 أغسطس/ آب في بيان أن “الأفعال العدائية المتكررة من طرف المغرب ضد الجزائر (تطلبت) إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية”.

وقالت: إن الحدود البرية المغلقة بين البلدين منذ 1994، والحرب الدبلوماسية المستمرة حول قضية الصحراء الغربية، أضيف لها قضية القبايل في الأشهر الأخيرة وكذلك التقارب المذهل للمغرب مع إسرائيل.

وفيما اتهم الرئيس عبد المجيد تبون المغرب بدعم منظمة حركة استقلال منطقة القبايل “ماك”، المصنفة منذ مايو/ أيار على أنها إرهابية من قبل (HCS)، اتهمت السلطات الجزائرية منظمتي “ماك” و “رشاد” بالوقوف وراء الحرائق بمنطقة القبايل ومناطق عديدة بالبلاد.

و”رشاد” هي حركة إسلامية محافظة مقرها في لندن، وهي على غرار “الماك” محظورة في الجزائر ومصنفة أيضًا كـ “إرهابية” توضح الصحيفة. 

وتتمتع الجزائر، وهي أكبر بلد في أفريقيا، بـ4,1 ملايين هكتار من الغابات، مع معدل إعادة تشجير ضئيل يبلغ 1,76 في المئة.

ويتأثر شمال البلاد كل عام بحرائق الغابات لكن هذه الظاهرة تتفاقم. وعام 2020، دمرت الحرائق قرابة 44 ألف هكتار من الغابات وهو رقم سيتم تجاوزه بشكل كبير في العام 2021.

وبحسب السلطات الجزائرية فإن الأعمال العدائية التي قام بها المغرب ضدها، بشكل غير مباشر، هي الحرائق التي أودت بحياة 92 شخصًا وتشريد الآلاف في البلاد بين 9 و16 أغسطس/ آب الماضي، حتى لو كان لا يوجد دليل مادي على هذه الاتهامات.

لكن الصحيفة ذكّرت بأن الرباط، في إطار حربها الدبلوماسية ضد الجزائر الداعمة لحركة استقلال الصحراء الغربية “البوليساريو”، تجاوزت “الخط الأحمر” في منتصف يوليو/ تموز الماضي بدعوة ممثلها الدبلوماسي في نيويورك، إلى “حق تقرير المصير لشعب القبايل”.

وتقول اليومية الفرنسية: إن التنديد الأخير لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أعقبه بعد ذلك تهديد ضمني مفاده أن المملكة المغربية قد تجد نفسها في مواجهة مطالبة انفصالية في منطقة الريف الناطقة باللغة البربرية في شمال البلاد وهي في صراع متكرر مع الحكومة المركزية.

 ويؤكد دبلوماسي جزائري سابق أنه كان هناك “اتفاق غير مكتوب بين النظامين الجزائري والمغربي على عدم استخدام منطقة القبايل أو الريف كامتداد لصراعهما على الصحراء الغربية، لكن يجب أن نعتبر الآن هذا الاتفاق قد انتهى”.

وتشير الصحيفة إلى أنه إذا كان الدعم المالي المغربي لقيادة حركة “ماك” بالخارج “فيه مجال للشك” بالنسبة للعديد من المنشقين عن المنظمة الذين ولدوا في أعقاب الربيع الأسود للقبائل عام 2001 (126 قتيلاً)، فإننا لا نعرف حتى الآن عن الإجراءات الجزائرية لدعم حراك الريف.

ويضيف الدبلوماسي الجزائري السابق “لكن ذلك يمكن أن يتغير بموجب أحكام البيان الصحفي الصادر عن مجلس الأمن الأعلى”.

 

عندما تتدخل إسرائيل

ومما فاقم الوضع في هذا السياق، إعلان يائير لابيد، وزير الخارجية الإسرائيلي، من الرباط، في 12 أغسطس/ آب، عن “مخاوف” بلاده تجاه الجزائر بسبب “قربها من إيران” وهو ما قد تعتبره الجزائر “إعلان حرب” وفقا للدبلوماسي السابق.

وترى الصحيفة أن “تقارب” المغرب من إسرائيل – وهو الأمر الذي جعلته قضية برامج التجسس بيغاسوس أكثر ترجيحًا – غذى اتهامات الحكومة في الجزائر تجاه الحرائق، حيث ذكرت على وجه الخصوص الطائرات بدون طيار الشبحية – التي قدمتها إسرائيل في المغرب – والتي ذكرت أنها ساعدت في نشر اندلاع النيران بمنطقة القبايل.

 

مخاطر التأشيرات

وأكدت أن هناك مخاوف من أن تتفاقم مخاطر “مراجعة العلاقات” المشار إليها في البيان الصحفي لـ HCS بما في ذلك إعادة النظر في تأشيرات التنقل بين البلدين وتقليص التعاون الاقتصادي، بإعادة تسليح الجزائر للبوليساريو التي أعلنت أنها لم تعد معنية بوقف إطلاق النار وأنها في حالة حرب ضد الوجود المغربي في الصحراء الغربية منذ نوفمبر/ تشرين ثاني 2020.

 بيد أنه في إشارة قد توحي بأن البلدين لا يرغبان في سلوك طريق التصعيد، تعاقد نادي مولودية وجدة لكرة القدم التابع للمدينة الحدودية مع الجزائر، مع المدرب الجزائري نبيل نغيز للإشراف على الفريق خلال الموسم المقبل خلفًا للفرنسي برنار كازوني.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا