كشف تقرير نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب منحت موافقة مبدئية على صفقة تسليح ضخمة للمملكة العربية السعودية، بقيمة 3.5 مليارات دولار، تشمل تزويد سلاح الجو السعودي بألف صاروخ جو-جو متطور من طراز AIM-120C-8، إلى جانب معدات توجيه ودعم فني وتقني، على أن تُنتج هذه الصواريخ في منشآت شركة RTX الأمريكية بولاية أريزونا. الصفقة تأتي قبل أسابيع من الزيارة المرتقبة للرئيس ترامب إلى السعودية، والتي من المتوقع أن يعلن خلالها عن حزمة تسليحية أشمل قد تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، وفق ما نقلته رويترز سابقًا.

الصحيفة الإسرائيلية لفتت إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق توطيد العلاقات بين ترامب والنظام السعودي، إذ أعلنت الرياض عزمها ضخ 600 مليار دولار كاستثمارات مباشرة داخل السوق الأمريكي خلال السنوات الأربع المقبلة، فيما يبدو أنه محاولة مدروسة لاسترضاء ترامب وضمان استمرار الشراكة الوثيقة معه خلال ولايته الثانية، تمامًا كما جرى في ولايته الأولى عام 2017 حين اختار السعودية كمحطة أولى له خارجيًا، في كسر واضح للتقليد السياسي الأمريكي الذي اعتاد أن تبدأ الزيارات الرئاسية من كندا أو بريطانيا أو المكسيك.

التقرير أشار إلى أن ترامب عبّر مؤخرًا عن تفاؤله بإمكانية تطبيع سريع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل، مؤكدًا أنه يتوقع انضمام المملكة قريبًا إلى “اتفاقيات أبراهام”، التي سبق أن رعاها خلال ولايته الأولى وشملت آنذاك أربع دول عربية. ورغم أن ترامب لن يزور إسرائيل في جولته الحالية، فإن زيارته للسعودية والإمارات وقطر تعكس حجم التفاهم العميق بينه وبين أنظمة الخليج، التي يرى فيها شريكًا اقتصاديًا وسياسيًا قادرًا على خدمة مصالحه ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة، دون أن يشترط ذلك أي التزام حقيقي بمعايير حقوق الإنسان أو المساءلة عن الجرائم السابقة.

تقرير تايمز أوف إسرائيل أبرز أن صفقة الصواريخ الجديدة ستُعرض على الكونغرس الأمريكي، في خطوة شكلية كما جرت العادة، رغم استمرار الجدل داخل الأوساط التشريعية حول دعم واشنطن المتواصل لنظام متورط في انتهاكات مروعة، من بينها العدوان المستمر على اليمن منذ 2015 والذي تسبب في مقتل آلاف المدنيين، إضافة إلى جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، وهي الجريمة التي خلصت أجهزة الاستخبارات الأمريكية إلى أنها تمت بأوامر مباشرة من ولي العهد محمد بن سلمان، رغم محاولات التهرب من المسؤولية التي تتبناها الرياض حتى اليوم.

ترامب، بحسب المقابلة التي أجراها الشهر الماضي مع مجلة تايم الأمريكية، أعرب عن إعجابه الشديد بولي العهد السعودي، ووصف السعودية بأنها شريك اقتصادي متميز، مشيرًا إلى أنها وافقت على استثمار تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي. هذا الإطراء يأتي رغم سجل النظام السعودي الملطخ بالانتهاكات، مما يعكس بوضوح ازدواجية المعايير التي تحكم سياسة ترامب الخارجية، حيث يتم التغاضي عن جرائم موثقة مقابل المال والمصالح التجارية.

الصفقة الجديدة تُضاف إلى سلسلة من الاتفاقيات العسكرية التي أبرمتها إدارة ترامب الحالية منذ عودته إلى الحكم، ومنها صفقة طائرات مسيّرة هجومية لقطر بقيمة تقارب ملياري دولار، في وقت تُمنع فيه الأصوات الحقوقية والإعلامية من توجيه أي انتقادات للسياسات السعودية أو للقيادة التي تحتكر القرار في الخليج. الإدارة الحالية لا تكتفي فقط بتجاهل هذه الانتهاكات، بل تسعى لتكريس علاقات استراتيجية مع أنظمة قمعية تخدم مصالحها، ولو على حساب الشعوب التي تُسحق في الداخل والخارج.

التقرير يعيد تسليط الضوء على العلاقة المريبة بين النظام السعودي والولايات المتحدة في عهد ترامب، وهي علاقة تقوم على المال والصفقات والتغطية السياسية، دون أي اعتبار للضحايا أو للقانون الدولي. وبينما تُحاصر غزة ويُجوَّع الشعب الفلسطيني، يجري التحضير لإطلاق شراكة علنية جديدة بين الرياض وتل أبيب، في ظل دعم أمريكي غير مشروط، يمر عبر بوابة التسليح والدفاع، ويُغلف بشعارات فارغة عن الاستقرار والتنمية الاقتصادية.