في خطوةٍ رمزية لا تخلو من الرسائل السياسية والدينية، بدأ السفير الأمريكي الجديد لدى الاحتلال الإسرائيلي، مايك هاكابي، مهامه الدبلوماسية بأداء “صلاة” عند حائط البراق في القدس المحتلة، حاملاً معه دعاءً مكتوبًا بخط يد الرئيس دونالد ترامب، بالتزامن مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غـــ.ـــزة وتكثيف الاقتحامات والاعتداءات على المسجد الأقصى والضفة الغربية.
وبهذه البداية، يُعيد هاكابي التأكيد على التماهي التام بين الإدارة الأمريكية الحالية ومشاريع الاحتلال التوسعية، في امتدادٍ مباشر لسياسات ترامب التي اعترفت بالقدس عاصمة للاحتلال، ونقلت السفارة الأمريكية إليها، وأقرت بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل.
صلاة سياسية في حائط متنازع عليه
▪️ وقف هاكابي أمام حائط البراق، الذي يسميه الاحتلال “حائط المبكى”، ليُعلن بفخر:
“يا له من شرف عظيم أن أكون هنا لأُقدم دعاء الرئيس ترامب من أجل سلام القدس”، مؤكدًا أن ترامب طلب منه شخصيًا أن يبدأ مهامه بوضع هذه الصلاة.
▪️ لم تكن الرسالة مقتصرة على الدين، بل حملت مضامين سياسية واضحة، إذ قال:
“أتيتُ بدعاءٍ أن يعود جميع الأسرى (الإسرائيليين في غزة) إلى ديارهم الآن، سنُعيدهم، هذه دعوة الرئيس أيضًا”، في إشارة إلى التزام الإدارة الجديدة بملف تبادل الأسرى ورفض وقف الحرب إلا بشروط الاحتلال.
▪️ ومن المقرر أن يُقدّم هاكابي أوراق اعتماده رسميًا لرئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ يوم الإثنين، في خطوة شكلية يُتوقع أن تتبعها تصريحات داعمة للحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب.
منبر دبلوماسي لتمجيد الاحتلال
▪️ لم ينس هاكابي أن يُشيد بسلفه وموجهه السياسي دونالد ترامب، واصفًا إياه بأنه
“الرئيس الأمريكي الوحيد الذي زار الحائط، وأظهر حبًا استثنائيًا لشعب إسرائيل”، كما استعرض “إنجازاته” من الاعتراف بالقدس إلى دعم الضم.
▪️ في المقابل، رحب حاخام حائط البراق، شموئيل رابينوفيتز، بالسفير الأمريكي، شاكرًا ترامب على مواقفه “التاريخية”، في مشهد يُكرّس تحالفًا دينيًا – سياسيًا يُعزز من شرعنة الاحتلال والتهويد.
▪️ ويُعرف هاكابي بتأييده الاستيطان في الضفة الغربية، ورفضه مصطلحات مثل “الاحتلال” أو “الضفة”، داعيًا صراحة إلى ضم المناطق الفلسطينية إلى “إسرائيل الكبرى”.
التوقيت.. تواطؤ علني وسط التصعيد
زيارة هاكابي، وصلاة ترامب على أسوار المسجد الأقصى، تأتي في وقت:
-
يتواصل فيه العدوان الإسرائيلي الشرس على قطاع غـــ.ـــزة منذ أكثر من عام ونصف.
-
وتُسجل فيه مجزرة اقتحامات غير مسبوقة للمسجد الأقصى، تجاوز عدد المشاركين فيها 6 آلاف مستوطن منذ بداية الأسبوع، بحماية جنود الاحتلال وتحويل الأقصى إلى ثكنة عسكرية.
-
وتُمنع فيه آلاف العائلات الفلسطينية من دخول المسجد، وتُحتجز بطاقاتهم، وتُلاحَق المرابطات والمرابطون.
▪️ كما أطلقت حركة حـــ.ـــماس تحذيرات شديدة اللهجة من تداعيات هذه الاقتحامات، داعية الشعوب العربية والإسلامية إلى التحرك نصرة للمسجد الأقصى والمرابطين.
سفير بغطاء ديني.. ودبلوماسية منحازة بلا قناع
1. هاكابي ليس مجرد دبلوماسي، بل داعية أيديولوجي
ظهوره الأول يؤكد أنه جاء بمهمة سياسية/دينية مزدوجة، تعزز السردية الصهيونية وتُعيد إنتاج مشروع “إسرائيل الإنجيلية الكبرى”.
2. أمريكا تُمارس دبلوماسية اللا حياد
الصلاة العلنية والتهنئة بالعيد اليهودي وتجاهل المجازر الجارية في غـــ.ـــزة، كلها رسائل دعم غير مشروط لحكومة نـــتـــنـــياهـــو، واستمرار للسياسات التي أعطت الاحتلال كل الغطاء الممكن للتمدد والقتل والإفلات من العقاب.
3. التاريخ يسجل.. والمشهد يزداد تعقيدًا
تزامن ظهور هاكابي مع اقتحامات الأقصى وتهويد القدس ليس مصادفة، بل تأكيد أن التحالف الإسرائيلي–الأمريكي لا يعترف بالحدود أو القوانين الدولية، وإنما يواصل فرض وقائعه بقوة السياسة والرمزية الدينية.
في مشهد تراجيدي، تبدأ مهمة السفير الأمريكي بالصلاة على أنقاض المدينة المقدسة، في وقت يغرق فيه غـــ.ـــزة بالدماء، وتُنهش فيه الضفة بحوافر الاستيطان.
ومع كل خطوة كهذه، تتآكل شرعية واشنطن كوسيط، وتنكشف أكثر حقيقة دورها كراعٍ مباشر للاحتلال وجرائمه.
اقرأ أيضا: غزة تحت سلاح التجويع.. حماس تحذّر من كارثة إنسانية والمقاومة تتوعد بإفشال مخططات الاحتلال
اضف تعليقا