في تصعيد جديد وخطير ضمن المواجهة المفتوحة بين إيران وإسرائيل، قُتل 8 إسرائيليين وأصيب أكثر من 280 آخرين، في هجمات صاروخية إيرانية استهدفت مدينتي تل أبيب وحيفا، مخترقةً المنظومات الدفاعية الإسرائيلية ومخلفة دماراً واسعاً في البنى التحتية المدنية والعسكرية.
اختراق نوعي للردع الإسرائيلي
الهجمات الإيرانية جاءت كرد على سلسلة هجمات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع داخل إيران خلال الأيام الماضية. إلا أن ما يميز هذا الهجوم الإيراني الجديد، وفق مصادر عسكرية ومحللين إسرائيليين، هو نجاح عدد من الصواريخ في اختراق منظومة “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود”، وهو ما شكل مفاجأة استراتيجية للقيادة الإسرائيلية التي لطالما اعتمدت على تفوقها التكنولوجي لصد الهجمات.
وأكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أن عدد القتلى ارتفع إلى ثمانية بعد العثور على ثلاث جثث في حيفا، في حين ذكرت معاريف أن عدد الجرحى وصل إلى 287 مصاباً، بعضهم في حالة حرجة، ما ينذر بارتفاع محتمل في أعداد الضحايا خلال الساعات المقبلة.
دمار غير مسبوق في تل أبيب الكبرى
بحسب هآرتس، فإن الهجمات استهدفت منشآت عسكرية، ومحطات للطاقة، وملاجئ مدنية في منطقة تل أبيب الكبرى، إضافة إلى بنى تحتية رئيسية. وأظهرت الصور الأولية من منطقة بتاح تكفا مبنىً سكنياً مدمراً بالكامل جراء إصابته المباشرة بصاروخ، فيما نقلت القناة 12 عن تحقيق أولي أن الملاجئ التي كانت تُعد خط الدفاع الأخير عن المدنيين لم تصمد أمام شدة الانفجارات.
وفي مؤشر على حجم الفوضى، قالت القناة 14 الإسرائيلية إن فرق الإنقاذ تعمل في ثلاث مناطق تضم عشرات العالقين تحت الأنقاض، وسط مخاوف من فقدان ستة أشخاص على الأقل.
السفارة الأميركية تتضرر ومجمع بازان في دائرة النار
الضربات لم تقتصر على المواقع الإسرائيلية، إذ أعلن السفير الأميركي لدى إسرائيل عن وقوع أضرار طفيفة في مبنى السفارة الأميركية في تل أبيب، نتيجة سقوط صاروخ قريب منها. كما أغلقت القنصلية الأميركية أبوابها اليوم، في مؤشر على عمق الأزمة الأمنية.
في حيفا، أكدت مصادر عبرية أن صواريخ إيرانية أصابت منشآت حيوية في مجمع “بزان” للكيماويات، وهو الأكبر في إسرائيل، ويزود أوروبا بكميات ضخمة من النفط المكرر. هذه الضربة وُصفت بأنها ضربة للبنية التحتية الاستراتيجية أكثر من كونها مجرد رد عسكري.
رد إيراني محسوب… لكن مؤلم
في بيان رسمي، وصف الحرس الثوري الإيراني الهجوم الأخير بأنه “الأكثر تدميراً والأدق” من حيث الأهداف، مشيراً إلى أن العملية استهدفت مراكز القيادة والسيطرة الإسرائيلية. وأكد البيان أن الهجمات استخدمت تقنيات جديدة وأسلحة موجهة بدقة عالية، وهو ما يفسر فشل الدفاعات الجوية الإسرائيلية في اعتراض عدد كبير من الصواريخ.
واعتبر البيان أن العملية جاءت في إطار مرحلة جديدة من الردع الاستراتيجي، وأنها تهدف لتصحيح “المعادلات الخاطئة” لدى الاحتلال، متوعداً بالمزيد في حال استمر العدوان الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية.
فشل استخباري أم خلل في الجبهة الداخلية؟
الصحف الإسرائيلية ربطت ما جرى اليوم بفشل استخباري مزدوج: الأول في عدم توقع الهجوم رغم التصعيد السابق، والثاني في فشل الجبهة الداخلية في تحصين المواقع الحساسة والملاجئ. إذ أشارت صحيفة معاريف إلى أن الملاجئ “لا تصلح للصمود أمام صواريخ دقيقة وذات رؤوس متفجرة كبيرة”، وهو ما جعل المدنيين في مرمى النار.
وذكرت القناة 13 أن إسرائيل تتعامل حالياً مع سيناريو كارثي في عدد من الأحياء في تل أبيب وغوش دان، حيث فشلت إجراءات الطوارئ في حماية السكان أو منع انهيار البنى التحتية.
حرب استنزاف مفتوحة.. وإغلاق المجال الجوي
في المقابل، تواصل إسرائيل شن هجمات انتقامية على أهداف داخل إيران. وأكدت وكالات أنباء إيرانية أن أنظمة الدفاع الجوي تم تفعيلها في طهران، مشهد، كرج، وبندر أنزلي، بعد تعرّضها لهجمات بطائرات مسيرة إسرائيلية.
كما أعلنت منظمة الطيران المدني الإيرانية تمديد إغلاق المجال الجوي، وسط تصاعد القلق من هجمات إسرائيلية جديدة.
طوارئ ممتدة.. وإعادة تقييم شامل
على الصعيد الإسرائيلي، لا تزال الجبهة الداخلية تعيش تحت حالة طوارئ، وأعلنت السلطات أنها ستستمر “لأسابيع إن لزم الأمر”. وتشير بعض التقديرات إلى أن هذا الهجوم قد يجبر تل أبيب على إعادة النظر في عقيدتها الدفاعية وأسلوب تعاملها مع إيران.
الهجوم الإيراني الأخير ليس مجرد رسالة نارية، بل هو إعلان عن قدرة طهران على خرق الدفاعات وزرع الرعب في العمق الإسرائيلي، في وقت يبدو فيه الاحتلال عاجزاً عن احتواء التداعيات أو فرض معادلة ردع فعالة.
اقرأ أيضًا : “ضربة مرعبة وموجّهة للاحتلال”.. دفعة صواريخ إيرانية جديدة تضرب تل أبيب وتخلّف دماراً واسعاً
اضف تعليقا