العدسة- باسم الشجاعي:

منذ 2012، ويخشى النظام المصري من عودة حضور الجماهير للمباريات، ولم تعد أبواب الاستادات والملاعب مفتوحة كسابق عهدها، ولكن مع قرب إعلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “الكاف” عن البلد المضيف لكأس أمم أفريقيا 2019، تسعى القاهرة لتخطي تلك العقبة.

وفي هذا الإطار أعلنت مصر عن تأسيس شركة أمن لتنفيذ منظومة حجز التذاكر إلكترونيا، لتأمين عودة حضور الجماهير إلى الملاعب مرة أخرى.

جاء ذلك خلال اجتماع عقده وزير الدولة للإنتاج الحربي، اللواء “محمد سعيد العصار”، مع سفير إستونيا بالقاهرة، “ساندر سون”، نهاية الأسبوع الماضي.

وتباحث الجانبان، حول تطورات تنفيذ المنظومة بالشراكة مع الهيئة القومية للإنتاج الحربي وشركة “فالكون” للأمن وشركة “دومينيك” الإستونية العاملة فى هذا المجال.

هذا التحرك صاحبه تساؤلات كبيرة حول الأهداف الخفيه وراء تلك الخطوة، خاصة في ظل توقف حضور الجماهير لدواعٍ أمنية منذ 2012، إلا في بعض المباريات.

الكابوس

من المؤكد أن “عودة الجماهير للملاعب تمثل عودة الروح للرياضة المصرية”، ولكن يخشى النظام القائم من تلك العودة لأسباب تتعلق بالمخاوف الأمنية خاصة لدى قائد الانقلاب “عبد الفتاح السيسي”.

ويمنع الجماهير من من دخول المدرجات، عقب مجزرة بورسعيد التي وقعت في فبراير 2012 بين مشجعي ناديي “الأهلي” و”المصري”، في ستاد بورسعيد، وسقط نتيجه 72 قتيلاً كلهم من أعضاء “ألتراس الأهلاوي” وألتراس “ديفلز”.

ولكن حاليًا يسمح الأمن المصري بحضور أعداد محدودة من الجماهير تفاديًا لتكرار ما وقع أيضا في 8 فبراير 2015 حين سقط 22 مشجعًا نتيجة التدافع والاختناق بالغاز الذي أطلقته الشرطة على مشجعي نادي “الزمالك”، باستاد الدفاع الجوي (شرقي القاهرة).

وطبقا لقرار الأمن المصري ووزارة الشباب والرياضة، فقد تم السماح بحضور خمسة آلاف مشجع يتم توزيعهم بواقع 3000 مشجع للنادي المضيف، و500 للنادي الضيف، و1500 من طلاب الجامعات وذوي الاحتياجات الخاصة، بناء على أوامر رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

كخطوة أولى لتحجيم عودة الجماهير وقع “السيسي” في يونيو 2016، لى قانون جديد للرياضة يشدد العقوبات على شغب الملاعب، يتضمن عقوبات بالحبس تصل إلى عامين، وغرامات تصل لـ20 ألف جنيه على من يقوم بأفعال من بينها السب أو القذف، أو استخدم العنف أثناء ممارسة النشاط الرياضي، أو أنشأ أو نظَّم روابط رياضة مخالفة للقانون.

قبضة أمنيه

هذه الخطوة لم تكن كافية، فكان لابد من احكام السطيرة على المدرجات؛ وذلك لخوف السلطات المصرية من روابط “الألتراس” التي تعتبرها منذ ظهورها على أنها “مليشيات” تسعى إلى التخريب والشغب، ومن ثم كانت معاملة الشرطة لهم عنيفة.

وتواجه روابط مشجعي كرة القدم في مصر اتهامات، ينفونها دائمًا، بإثارة الفوضى؛ بسبب مواقفها المعارضة للحكومات المتعاقبة منذ ثورة 25 يناير 2011، ما دفع العديد من أعضائها إلى استبدال المدرجات بالمقاهي.

وفي هذا الصدد أبدى عدد من المراقبين تحوفهم من هذه تلك الخطوة؛ حيث سيتم السماح للمشجعين بحضور المباريات مقابل أن يسجلوا بياناتهم كاملة.

وفي هذه الحالة سيكون سهلا على قطاعي الأمن الوطني والأمن العام بوزارة الداخلية مراجعتها وفحصها، والتأكد من أن المشجع ليس عضوا فاعلا بروابط المشجعين “الألتراس”، أو يكون من الذين تم اعتقالهم في المظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري الذي شهدته مصر في صيف 2013 على الرئيس “محمد مرسي”، أو الذين صدرت بحقهم أحكام في قضايا سياسية.

كما توقع خبراء بأنه في هذه الحالة ستكون رد فعل الأجهزة الأمنية عنيفا وموجهة بدقة إذا ارتكبت الجماهير أي مخالفات في المدرجات، حتى تكون رسالة بأنها لن تسمح لأي تجاوزات يمكن أن تتنقص من هيبتها، أو تكون سببا في عودة عقارب الساعة للوراء، من وجهة نظرها.

إقبال ضعيف

وعلى الرغم من أن القرار سيقضي على ظاهرة على السوق البديلة (السوداء) للتذاكر ويسهل عملية البيع ، إلا أنه  سيكون له تأثير سلبي على مشاركة الجماهير في المباريات، خاصة من روابط “الأولتراس” التي تخشى الملاحقات الأمنية.

هو ما سيزيد من معاناة أندية الدوري الممتاز التي تعتمد على دخول الجمهور، فليس كل الأندية لديها أموال فائضة كالأندية الكبرى، وتعول على إيراد المباريات.

صعوبات

التجربة رغم جوانبها الإيجابية، فإن نجاحها يظل رهين توفر جملة من التجهيزات التقنية داخل الملاعب، فضلا عن الإجراءات التنظيمية لإحكام دخول الجماهير في الأماكن المخصصة لهم عند اقتناء تذاكرهم، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة.

و وفق خبراء فإن التجربه قد تصطدم بعراقيل تقنية وتنظيمية، خاصة أن معظم الملاعب المصرية تفتقد إلى أجهزة كاميرات المراقبة، كما أنه من الصعب جدا تعميم التجربة على كل الملاعب المصرية لأن دخول المشجعين يتم غالبا بطريقة عشوائية.