بعد سنوات من العلاقات السرية بين إسرائيل وبين السعودية والإمارات والبحرين، أعلن الجانبين الإسرائيلي والعربي عن وجود علاقات قوية بينهما وظهر ذلك واضحًا في التصريحات المتبادلة التي تتبادل فيها تلك الدول التهاني مع دولة الكيان الصهيوني، إذ اعتبر ذلك بمثابة الإعلان الرسمي عن عمق العلاقات وحرص الدول على تمديدها وتقوية أواصرها، بما يعد تجاوز صريح للقيم الوطنية العربية والإسلامية وتنازل عن الحقوق الشرعية والتاريخية للدولة الفلسطينية.
لأول مرة.. السعودية تهنئ اليهود برأس السنة العبرية
تداول مراسل قناة “إن بي سي” الأمريكية، جوش ليدرمان، على حسابه في “تويتر”، اليوم الأربعاء، صورة تظهر بطاقة تهنئة لليهود الأمريكيين بتوقيع سفيرة الرياض لدى الولايات المتحدة، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود، إذ جاء في الرسالة الرسمية السعودية: “نتمنى لكم بمناسبة روش هشاناه (عيد رأس السنة الجديدة العبرية) سنة جديدة سعيدة، وجاء ذلك بعد أسبوع من تهنئة إسرائيل السعودية بعيدها الوطني، ضمن جهود الدولة العبرية لتطبيع علاقاتها مع جيرانها العرب.
سبق السعودية في تهنئة “إسرائيل” وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، حين كتب عبر صفحته الرسمية بموقع التغريدات القصيرة “تويتر”، “Shana Tovah”؛ أي سنة جديدة مليئة بالخير والبركة، وهي عبارة يرددها اليهود في هذه المناسبة، مما أشعل منصات التواصل الاجتماعي غضباً بعدما غرّد محتفياً برأس السنة العبرية، التي احتفل بها اليهود، الأحد (29 سبتمبر 2019).
يذكر أنه وبحسب التقويم العبري هذه هي السنة “5780”، ودأب اليهود في جميع أنحاء العالم على الاحتفال بالسنة العبرية على مدار يومين، حيث تقام طقوس وصلوات خاصة في المعابد اليهودية.
العلاقات السعودية الإسرائيلية
يذكر أن العلاقات السعودية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تطورت في الفترة الأخيرة، حي تمت زيارات متبادلة واتفاقيات وصفقات عسكرية بينهما، كان أبرزها شراء الرياض منظومة “القبة الحديدية” الدفاعية العسكرية من “تل أبيب”، في سبتمبر الماضي.
وفي 28 أكتوبر الماضي، عن إتمام السعودية صفقة شراء أجهزة تجسس عالية الدقة والجودة من “إسرائيل” قيمتها 250 مليون دولار أمريكي، نقلت للرياض وبدأ العمل بها بشكل رسمي بعد أن تم تدريب الطاقم الفني المسؤول عن إدارتها وتشغيلها، كما شهد عام 2018 سلسلة زيارات ولقاءات تطبيعية بين “إسرائيل” والسعودية في مجالات عدة؛ إذ كشفت وسائل إعلام عبرية عن زيارة اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودي المقال، دولة الاحتلال عدة مرات في مناسبات مختلفة، وفق ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
الإمارات تقود التطبيع مع إسرائيل من بوابة الأديان
أظهرت الإمارات تقدمًا غير مسبوق في دعم الديانة اليهودية ضمن خططها للتطبيع مع “إسرائيل”؛ عندما أعلنت (22 سبتمبر 2019)، عن موعد إنشاء أول معبد يهودي رسمي في البلاد، سيكتمل في ثلاث سنوات ويفتتح عام 2022، حيث تعمل الإمارات على الظهور في مقدمة الدول الراعية لـ”التسامح” و”التعايش”، الذي غاب عن سياساتها مع دول عربية عدة، في وقت يتهمها مراقبون بدعم انتشار أديان أخرى غير الإسلام في منطقة الجزيرة العربية.
وأكدت وكالة الأنباء الإماراتية “وام”، الأحد (22 سبتمبر)، أن المعبد اليهودي سيقع ضمن نطاق مجمع للأديان يطلق عليه “بيت العائلة الإبراهيمية” في أبوظبي، الذي دشنه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، في فبراير الماضي، بحضور إمام الجامع الأزهر في مصر أحمد الطيب، وبابا الفاتيكان فرانسيس.
ورغم أن المعبد اليهودي سيكون الأول في الإمارات فإن مجموعة صغيرة من الوافدين اليهود تستخدم بيتًا في دبي لإقامة الشعائر الدينية، كما باركت “إسرائيل في الخليج”- أحد حسابات الخارجية الإسرائيلية على “تويتر”- خطوة الإمارات، مؤكداً أن حكومتها توجت “احترامها للأديان” بوجود كنيس بمدينة دبي.
تظهر صور تصميم المشروع أنه من 3 مبانٍ ضخمة بنفس الحجم والشكل، وبعد إنجاز الكنيس سيكون الأول والأكبر في جزيرة العرب منذ أن طَرد الرسول الكريم ﷺ اليهود في السنة السابعة الهجرية، كما سيخصص كل مبنى منها على حدة لعبادة ديانة، في إطار مدخل منفصل من الحديقة الرئيسة للمجمع، إلى جانب مبنى رابع غير تابع لأي ديانة سيشمل فعاليات للجميع، وفق ما قال ديفيد أجايي، رئيس شركة “أجايي وشركاه” ومصمم الموقع.
حاخامات إسرائيل يباركون خطوات الإمارات
قال الحاخام بروس لوستيج، كبير الحاخامات في المجمع العبري بواشنطن، وعضو اللجنة الإماراتي: إن “هذه فرصة مهمة لجميع من يثقون بقوة الإيمان والقيم البشرية، حيث ستسهم في مد جسور التواصل بين رجال الدين وأفراد المجتمعات، وتعزيز السلام والتآلف، لا سيما ونحن نعيش في عصر تسوده أشكال الفرقة”، وأضاف لوستيج: “يشرفني أن أكون جزءاً من هذه النخبة الموقرة، حيث يجمعنا العمل لهدف واحد؛ وهو إعلاء قيم الحب على الكراهية، والعدل على الظلم، والإيمان على الخوف”.
وسبق ذلك في فبراير الماضي، لقاء، حضره وزير التسامح الإماراتي نهيان بن مبارك آل نهيان، والحاخام اليهودي الأمريكي مارك شناير، رئيس مؤسسة “اليهودية الإسلامية المشتركة بين الأديان” في الولايات المتحدة، ومستشار العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، وهو ما فسره البعض حينها بأنه تمهيد لافتتاح أكبر كنيس يهودي، خصوصاً في ظل تقارب أبوظبي مع “إسرائيل”.
وقال الحاخام مارك شناير خلال اللقاء: إن “اليهود في دبي يجتمعون أيام السبت في فيلا سرية لأداء الطقوس الدينية اليهودية”، كما اعتبر اللقاء مع نهيان بن مبارك “اعترافاً رسمياً من قبل الحكومة الإماراتية بوجود الجالية اليهودية في البلاد، حيث سيفتح المجال أمام الجالية اليهودية لإقامة كنيس، ومطعم يحرص على تقديم الأكل الحلال وفق شريعة اليهود (كوشير)، وربما مغطس لليهود.
وأضاف شناير أن الجالية اليهودية قدمت خدمات اقتصادية ستساهم في ازدهار البلاد، وستظهر نتائجها خلال “عام التسامح” الذي أعلنته الإمارات هذا العام، كما أردف قائلًا، “لا أحد يعرف كم عدد اليهود الذين يعيشون في دبي، سمعت أن هناك 150 عائلة ونحو 2000 يهودي”، كما ثمّن الحاخام شناير زيارة البابا إلى الإمارات، قائلًا، إنها “تساهم كثيراً في وضع (إدخال) اليهود في الدول الإسلامية”.
من جانبه قال الحاخام اليهودي ميخائيل شودريخ، كبير حاخامات بولندا، في مقابلة مع صحيفة “ذي ناشيونال” الإماراتية، إن الجالية اليهودية في الإمارات لم تعد سراً، وإن وجودها يمكن أن يساعد في تخفيف حدة التوتر بين الإسلام واليهودية، وأوضح الحاخام الذي كان في زيارة للإمارات بالتزامن مع وجود البابا وشيخ الأزهر، “أن الجالية اليهودية في الإمارات والمواطنين المسلمين يجب أن يعملوا معاً من أجل التعايش السلمي والتسامح”، مضيفاً: “لقد عاش اليهود والمسلمون معاً بسلام لمدة ألف عام، لكننا لم نصل إلى هذا التوتر الهائل إلا في القرن الماضي، دعونا نقلل التوتر”.
وأشار شودريخ إلى “وجود جالية يهودية صغيرة ونابضة بالحياة تعيش هنا (في الإمارات)، وتريد أن تكون يهودية وتشعر بالراحة لكونها يهودية، وهذا شيء لم يكن واضحاً قبل ثلاث إلى خمس سنوات”، معتبراً أن “حقيقة وجود مجتمع يهودي جديد قائم في بلد عربي هو خبر عظيم ومبشر لما هو أهم في المستقبل”.
اضف تعليقا