بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول 2021 نشر “الإيكونوميست” تحقيقاً مطولاً بعنوان “فخ ديون دبي” حول الفساد المالي في دبي، يتناول بصورة خاصة محنة رجل الأعمال البريطاني ريان كورنيليوس الذي اعتقل عام 2008 من مطار دبي بصورة تعسفية، وبعد فترة اتضح أنه اعتقل على خلفية ديون اقترضها من بنك دبي الإسلامي مع آخرين لتطوير بعض المشاريع التنموية في الإمارة، وبالرغم من الاتفاق على جدولة هذه الديون على مدار ثلاث سنوات، وتمكنه من تسديد دفعتين، تم اعتقاله والزج به السجن والحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.

رغم انقضاء السنوات الثلاث، لم يتم الإفراج عن كورنيليوس، الذي كان يبلغ وقتها 54 عاماً، بدلاً من ذلك، تم تمديد عقوبته أكثر من مرة، حيث استخدم القضاء الأثر الرجعي للقانون 37 الذي تم سنه بعد اعتقال كورنيليوس، وهو قانون يتعلق بمكافحة غسيل الأموال، ومن المقرر أن يطلق سراحه وهو في الخامسة والثمانين من عمره.

كورنيليوس هو مجرد واحد من آلاف الأجانب الذين تم سجنهم في دبي بعد أن وقعوا في قبضة النظام القانوني القاسي للإمارة والأشخاص الأقوياء أصحاب النفوذ الذين يتلاعبون به، أو الذين هم أحرارًا من الناحية النظرية، ولكنهم غير قادرين على المغادرة.

يُحتجز كورنيليوس الآن في سجن شديد الحراسة في دبي، حيث ظروف قاسية ومروعة وغير إنسانية، السعة الاستيعابية للزنزانة الواحدة 6 أفراد، لكن يتم تكديسها بحوالي 10 أفراد دون توفير أي وسائل المعيشة الأساسية من أغطية أو وسادات.

لا يتم الحصول على أي شيء داخل سجون دبي إلا مقابل مبالغ مالية كبيرة، الأشخاص المحظوظون الذين يملكون أموالاً في الخارج أو أصدقاء وأقارب قادرون على تغطية نفقات السجن هم فقط من يحصلون على أدوات النظافة وغيرها من الأدوات الأخرى.

الطعام المقدم في السجن لا يكفي لسد جوع أي انسان، يُقدم بكميات قليلة وبجودة رديئة، ومع الوقت، أصبحت الجودة تزداد رداءة.

درجات الحرارة في الزنازين منخفضة إجبارياً طوال الوقت، يتم فتح المكيفات ذات الصوت المزعج على مدار اليوم من قبل إدارة السجن، مع أنابيب المياه التي تقطر باستمرار على السجناء، بالإضافة إلى ذلك، تُترك الأضواء مفتوحة على مدار 24 ساعة في اليوم، ويتم التعامل مع تعليق أي شيء لتعتيم الضوء على أنه أمر يعاقب عليه القانون: فقد يحجب الكاميرات التي تراقب السجناء… كتب أحد السجناء السابقين أن “المراحيض المتوفرة تعتبر نوع من أنواع الوحشية والطرق اللاإنسانية في التعذيب النفسي”. وأخيراً، لا يسمح لهم بالتريض ومغادرة الزنزانة إلى لمدة 45 دقيقة فقط كل فترة.

أصيب كورنيليوس في السجن بارتفاع مزمن في ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول، وفي أواخر عام 2019، تم تشخيص إصابته بالسل بعد إصابة سجين في زنزانة مجاورة بالمرض، وعلى الرغم من المناشدات المنتظمة، انتظر 18 شهرًا لتلقي العلاج والأدوية، ولحسن الحظ فإن مرضه السل كامن، تم إرساله إلى مستشفى حكومي أكثر من مرة خلال تلك الفترة، ولكن في كل مرة كان يُعاد إلى السجن دون فحص، إما لأن الأطباء ادعوا عدم معرفتهم به أو لأن الأوراق لم تكن سليمة.

من ناحية أخرى، قدمت الحكومة البريطانية إلى كورنيليوس الحد الأدنى من المساعدة منذ اعتقاله وسجنه، وبعد مناشدات عديدة من أسرته، ساعده مساعد قنصلي – من مواطني دبي – في النهاية على زيارة طبيب لمرض السل، لكن أفادت الأسرة أنه غالبًا ما يصعب الوصول إلى المساعد: تذهب المكالمات مباشرة إلى البريد الصوتي وصندوق البريد الخاص بها ممتلئ في بعض الأحيان.

تقول “رادها ستيرلنغ- من مجموعة محتجزون في دبي “عادةً ما يقوم موظفو القنصلية البريطانية بتزويد الأشخاص بقائمة من المحامين المحليين، ويزورون النزلاء بتواتر غير متسق ويساعدون في نقل الاتصالات مع عائلاتهم”، لكن السلك الدبلوماسي أبدى القليل من الاهتمام بقضية كورنيليوس، وبعد عدة طلبات، زاره مسؤول من مكتب الخارجية قبل عامين، وتحدث معه كورنيليوس من خلال وثائق تتعلق باستخدام دبي غير القانوني بأثر رجعي للقانون 37 لإبقائه في السجن، قال المسؤول إنه سينظر في الأمر، لكن الأسرة لم تسمع شيئًا منذ ذلك الحين.

في النهاية، وبالرغم من الإيجابية التي يتمتع بها كورنيليوس -حسبما تقول عائلته- لقد فقد الأمل في أن تتركه المملكة الخليجية وشأنه وأن يرى النور مرة أخرى، ولم يعد أمامه سوى اللعب على إحراج حكومة دبي عالمياً من أجل إطلاق سراحه.

في نظره، الإمارات العربية المتحدة ليست مثل روسيا، انها واعية جدا للعلاقات العامة، ومع وجود معرض “اكسبو 2020” المقام حالياً في دبي، والذي بدأ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2021 ويستمر حتى مارس/آذار 2022، تسعى دبي لدفع أي انتقادات قد تؤثر على صورتها، بل ترى حكومة الإمارة أنه فرصة ذهبية الترويج لدبي كوجهة استثمارية وسياحية.

في الواقع، شوه الأسبوع الافتتاحي للمعرض ما تم الكشف عنه من عمليات غش برعاية الدولة: قضت محكمة بريطانية بأن عملاء يعملون نيابة عن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد اخترقوا هاتف زوجته السابقة: الأميرة هيا بنت الحسين.

الجدير بالذكر أنه في عام 2014، حظر قانون جديد في دولة الإمارات العربية المتحدة سجن المتعثرين في سداد الديون الذين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا، وسيصل كورنيليوس إلى هذا العمر في أبريل/نيسان 2024، لكن نظرًا لمقاضاته التي طال أمدها داخل النظام القانوني في دبي، فهو غير مؤهل للسماح له بمغادرة السجن.