في وقت سابق من هذا الأسبوع نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تحقيقًا صادمًا فضح وقوف البحرين وراء حملات التشهير القضائية والإعلامية ضد دولة قطر في فرنسا.
وحسب التحقيق، جندت البحرين النائب فيليب لاتومبي من فندي، والصحفي الفرنسي المغربي رشيد مباركي من قناة BFM لقيادة حملة التشهير التي دعمتها بالأموال الطائلة والرشاوى الأخرى من أجل تشويه صورة قطر في الأوساط الأوروبية.
بدأ الأمر في ديسمبر/كانون الأول 2022 حين تسلم المدعي العام المالي الفرنسي وثائق ومستندات حول شبهة فساد مالي ضد قطر، تقدم بها النائب من فيندي فيليب لاتومبي الذي عمل عن كثب من أجل توريط قطر في تهم وفضائح مالية وتهرب ضريبي.
الشكوى أثارت الشكوك حول صحة المعلومات الواردة فيها وحول من يقف ورائها، وحسب الصحيفة الفرنسية فإنها تضمنت عقود ومستندات لشراء عقارات بالنيابة عن “قطريين” قالت الشكوى إنها من “المكاسب غير المشروعة” مصدرها “سلوك يوصف بالفساد واستغلال النفوذ”.
هنا جاء دور الإعلامي الفرنسي من أصول مغربية رشيد مباركي، والذي قاد حملة شرسة ضد قطر عبر قناته BFM معتمدًا على هذه الشكوى القضائية، لتكون القناة حسب التحقيق هي الجهة الوحيدة التي كانت على علم بتفاصيلها ومهتمة بفحواها.
رشيد مباركي استغل منفذه الإعلامي للتشهير بالنائب العام القطري السابق علي بن فطيس المري متهمًا إياه باستغلال منصبه للتربح غير المشروع خاصة في فرنسا، لكن ما أغفله البرلماني عن كتابته في شكواه، وما نسي تلفزيون BFM الإشارة إليه هو أن المادة 40 نفسها التي اعتمدت عليها الشكوى ستكون، بحسب التحقيق، تتويجًا لعملية تأثير كبير نفذتها بلد أجنبي داخل فرنسا.
تحقيق ليبراسيون قال إن العملية برمتها خُطط لها في البحرين، إذ اتخذ قرار البدء في الهجوم القضائي الذي يهدف إلى مهاجمة قطر والمدعي العام السابق، بالإضافة إلى شخصيتين أخريين. مباركي دُرب جيدًا على دوره، وأُمد بعشرات الأخبار والمعلومات لبثها عبر برنامجه بغض النظر عن صحتها، ما يلفت النظر إلى الحجم النفوذ التي تتمتع به البحرين في فرنسا، والذي سمح لها بتمرير مثل هذه المعلومات دون التأكد من دقته وصحتها، حسبما أفادت مجلة بوليتكو.
لماذا تستمر مملكة البحرين في عدائها لقطر، وإن كان بشكل غير مباشر؟ كيف تمكن نائب فرنسي من تقديم هذه الشكوى بهذه المستندات؟ من الذي مكن الإعلامي الأبرز في ـ BFM TVمن هذه المعلومات بهذه الطريقة؟ – كانت هذه هي الأسئلة التي اعتمد عليها تحقيق ليبراسيون للوصول إلى نتائجه النهائية، والتي كشفت الغطاء عن وجود موظفين فرنسيين يعملون في الظل جنبًا إلى جنب جماعات الضغط المرتزقة وشركات المحاماة القوية وحساب تويتر مجهول الهوية هدفه الترويج لأجندة البحرين.
عداء تاريخي
الهجمة التي أدارتها البحرين ضد قطر تعود لأصول عداوة تاريخية بين البلدين، بدءً من الخلاف الذي نشب بين الطرفين على “جزر حوار” الواقعة على حدودهما، والتي قررت محكمة العدل الدولية أنها لصالح البحرين في نهاية المطاف عام 2001 بعد عشر سنوات من النزاع، وهو قرار شابته الكثير من الشبهات حول نزاهته وحياده.
ظن الكثيرون أن الخلاف انتهى هنا، وأن مشاكل البحرين مع قطر قد نامت للأبد، لكنها استيقظت من جديد عام 2017 مع انضمام البحرين لإعلان السعودية والإمارات ومصر حصارًا شاملًا ضد قطر، وهو حصار جاء في الوقت المناسب بالنسبة للبحرين كما يقول خبراء ومحللين، وأضاف محام، طلب عدم ذكر اسمه، بأن ملك البحرين لم يكن أبدًا على وفاق مع قادة قطر، وبالتنسيق مع السعوديين والإماراتيين، بدأت حكومة المنامة في رقع الملفات ضد قطر واحدة تلو الأخرى، من بينها ترسيم الحدود.
مكاتب محاماة قوية
هذه هي الطريقة التي وصل بها الملف إلى باريس، الاستعانة مكاتب المحاماة الكبيرة والمشهورة بقدرتها على التلاعب بالحقائق، بتكليف من مستشار من البحرين ودفع رواتب من وزارة الخارجية في المنامة.
وظفت البحرين شركات محاماة كبيرة، يشغل كبار المحامين فيها مناصب دولية مختلفة، في البداية كان الأمر من أجل قضية “ترسيم الحدود” بين قطر والبحرين، وفحص قرارات “محكمة العدل الدولية”، بعد ذلك تطور الأمر إلى الاتهامات بالفساد المالي والتشكيك في نزاهة المسؤولين القطريين والادعاء بأنهم يستخدمون نفوذهم من أجل التأثير على قرارات المحاكم الدولية من جهة، ومن جهة أخرى لمضاعفة ثرواتهم عبر الكسب غير المشروع.
جماعات الضغط المرتزقة والإجراءات السرية
ميشال تاوب، غالبًا ما يُدعى الرجل إلى CNews أو France Info، ولكن ليس لديه بصفته صحفيًا، ويفضل أن يقدم نفسه على أنه “محرر” – كما قال لليبراسيون- بدلاً من كونه صحفيًا.
مقالات تاوب غالبًا ما تُنشر بتمويل من جماعات الضغط المرتزقة، والتي يكون فحواها مهاجمة قطر وتلميع دول الخليج التي تعاديها، مثل الإمارات والبحريم.
ابتكر تاوب من أجل البحرين عرض أسعار “سري”، تمكنت ليبراسيون من الرجوع إليه، لقد عرض مقابل 85000 يورو نشر مقالة يومية على موقعه من أجل دعم المملكة الصغيرة لمدة شهرين، وفي بعض الأحيان كان يُنشر مقالين في اليوم، وبالطبع مقابل أموالًا أكثر، ومن بين هذه المقالات ” كيف أفسدت قطر العدالة الدولية”، وكذلك الترويج لـ “يهود البحرين” ومدح زيارة “البابا” إلى المنامة رغم كل الانتقادات الحقوقية.
من جانبها، قررت جماعات الضغط الفرنسية الممولة من قبل البحرين توزيع منشورات على المواطنين تلمع صورة البحرين وتدافع عن نظامها، جنبًا إلى جنب مع رشيد مباركي وإعلاميين آخرين نشروا “صورًا وفيديوهات وأخبار” حصرية لا يمكن أن تصل إليهم إلا بالتنسيق المسبق مع المسؤولين في البحرين، وعلى الرغم من عدم دقة هذه المعلومات أو حتى صحتها، فإن جماعات الضغط استغلت نفوذها جيدًا من أجل الترويج لهذه الأكاذيب التي فضحها تقرير ليبراسيون.
للاطلاع على النص الأصلي كاملًا من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا