العدسة –ياسين وجدي:

في توابع الانحراف الفطري بحرمان رجال الكنائس من الزواج ، مازالت موجات جديدة من الهزات العنيفة تضرب الكنائس خاصة الكاثوليكية، غير أنها لم تتجاهل الكنيسة الأرثوذوكسية رغم حالات التكتم المرصودة .

“العدسة” يفتح الملف الأكثر تهديدا للكنائس في الشرق والغرب والذي ضرب الإيمان المسيحي المتبقي في مقتل وفق مراقبين .

زلازل عنيفة

زلزال عنيف ضرب الكنائس الأوروبية بحسب مراقبين ، بعدما كشفت دراسة حديثة قبل أيام عن أن آلاف الحالات الموثقة لانتهاكات جنسية تورط فيها قساوسة في الكنيسة الكاثوليكية الألمانية ، ووفق تسريب لمجلة “دير شبيغل” وصحيفة “دي تسايت” الأسبوعية فإن ألفا و670 رجل دين كاثوليكي اعتدوا على 3 آلاف و677 شخصا خلال الفترة من عام 1946 حتى عام 2014.

الخطير هذه المرة أن الدراسة أجريت بتكليف من الكنيسة، وكان من المقرر أن يتم تقديمها في مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الألمان في 25 سبتمبر الجاري، وهو ما أزعج مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الألمان ، واعترف رالف مايستار أسقف الكنيسة البروتستانتية  أن هناك تحدٍ أمام الكنيسة البروتستانتية والكاثوليكية، للنظر عمّا إذا كانت هناك أسباب منهجية سهّلت حدوث مثل هذه الانتهاكات، وووفقا للدراسة فإن معظم الضحايا كانوا من الذكور القُصّر “شذوذ” وأن أكثر من 50% من الضحايا دون سن 13 عاما، وأن حالة من كل ست حالات تتعلق باتهامات بالاغتصاب.

 

ومن ألمانيا إلى تشيلي ، كانت الفضيحة موثقة أكثر حيث قدّم جميع أساقفة كنيسة الروم الكاثوليك في تشيلي في يوليو ، وعددهم 34 أسقفاً، استقالة جماعية للبابا فرنسيس؛ بسبب فضائح اعتداءات جنسية على أطفال والتستّر عليها.

وقدّم الأساقفة استقالاتهم الجماعية في رسالة وجّهوها للبابا، بعد تسليمه  وثيقة من 10 صفحات تتّهم المسؤولين في كنيسة تشيلي بالتهاون في قضايا الاعتداءات الجنسية، ويُتّهم الأسقف خوان باروس، الذي عيّنه البابا فرنسيس منذ ثلاثة أعوام، باستغلال منصبه في الكنيسة الكاثوليكية لمحاولة عرقلة التحقيق في سلوك القسّ الكاثوليكي فرناندو كاراديما، أحد القساوسة البارزين، الذي أدانه الفاتيكان بالاعتداء جنسياً على أطفال، وحكم عليه بالتكفير عن الذنوب!!.

وفي استراليا اضطر البابا فرنسيس، في نهاية يوليو الماضي إلى قبول استقالة رئيس الأساقفة الاسترالي فيليب ويلسون، بعد أن وجدت محكمة استرالية أن رئيس الأساقفة كان مذنبًا بعدم إبلاغ الشرطة حول معرفته لاعتداء جنسي تم من قبل كاهن في سبعينات القرن الماضي.

اعترافات البابا !

البابا فرانسيس بابا الفاتيكان كشف في حوار شهير لصحيفة «لا ريبوبليكا» عن وصول نسبة القساوسة المولعين بممارسة الجنس مع الأطفال، إلى ـ2٪، ورغم محاولات التشكيك إلا المسألة وصلت إلى حد “الهوس” و”الولع” بحسب اعتراف البابا نفسه الذي أكد في بيانات أخرى أن “التحرش الجنسي جريمة قبيحة لأن القسيس الذي يفعل هذا يخون الكنيسة، مثل قداس شيطاني”بحسب تعبيره، فيما كشف بالأرقام عن أن نحو 8 آلاف قس من مجموع نحو 414 ألفًا في أنحاء العالم يتحرشون بالأطفال.

 

بابا الفاتيكان لم يجد حيلة في ظل هذا المناح للصمت ، بعد أن تعرّض لانتقادات في تشيلي؛ لتعيينه أسقفاً متّهماً بالتستّر على اعتداءات جنسية ارتكبها قسّ، واضطر للتصريح قال في يناير الماضي، إنه يشعر “بالألم والعار” بخصوص الفضيحة التي هزّت أركان الكنيسة الكاثوليكية في تشيلي.

وفي أغسطس الماضي ، واصل بابا الفاتيكان ، العزف في مسلسل “الحزن والخزي” واعرب عن “خجله وألمه” حيال فشل السلطات الكنسية في مواجهة “الجرائم البشعة” لكهنة في إيرلندا سُجلت بحقهم انتهاكات جنسية بحق أطفال، قائلا : “إنّ فشل السلطات الكنسية من أساقفة ومسؤولين دينيين وكهنة ومن سواهم، في مواجهة هذه الجرائم البشعة بطريقة ملائمة، قد أثار بالضبط الغضب، وما زال سبباً للألم والخجل للجماعة الكاثوليكية”.

انتهاكات مستمرة !

كانت الشرارات الأولى التي أشعلت فتيل فضائح الاعتداء الجنسي على الأطفال في الكنائس بحسب مراقبين في أيرلندا والولايات المتحدة الأمريكية ثم ظهرت أستراليا ونيوزيلندا وكندا، وبلدان في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا ، وفي عام 2001، برزت قضايا رئيسية في الولايات المتحدة وأيرلندا أيضا، والتي تكشف أن بعض الكهنة قد اعتدى جنسيا على أطفال قصر وأن رؤساءهم قد تآمروا لإخفاء جرائمهم خوفا من الفضيحة التي قد تمس الكنائس والتحريض على خلاف ذلك من سوء السلوك الإجرامي.

وفي عام 2004، وثق تقرير أمريكي مجموعة من 4392 من القساوسة والكهنة والشمامسة في الولايات المتحدة من الذين تورطوا في الاعتداء الجنسي، وفي العام 2009 أعلن رئيس للأساقفة يدعي سيلفانو توماسي تمكن الفضائح من الكنائس الغربية قائلا : “ونحن نعلم الآن أنه في السنوات ال 50 الماضية في مكان ما بين 1.5 ٪ و5 ٪ من رجال الدين الكاثوليك شاركوا في حالات الاعتداء الجنسي“، ووفقا لمجلة ذا إيكونومست أشارت إلى أن 45 من القساوسة والكهنة من مجموع 850 في مالطا أتهموا بالاعتداءات الجنسية ووصفت المشكلة على أنها مشكلة “واسعة النطاق على نحو مخيف.

 

مسؤولو الكنيسة الكاثوليكية الإيرلندية كذلك يواجهون تهمة التستر على مئات الكهنة المشتبه في ارتكابهم جرائم جنسية بحق آلاف الأطفال طوال عقود، وكشف عدد من الأساقفة عن حجم ممارسات التبنِّي غير الشرعي لأطفال مولودين من نساء غير متزوجات، والتي قامت بها الدولة الإيرلندية بالتواطؤ مع الكنيسة الكاثوليكية.

وبحسب مرصد للتوثيق عرض عدد كبير من الأطفال لاعتداءات جنسية على أيدي راهبات كاثوليك، بعد نشر كتاب لبادي دويل وهو ضحية سابقة كشف فيه عن المعاناة التي عاشها في إصلاحيَّة تابعة للكنيسة الإيرلنديَّة، حيث بدأت رحلة تعرّضه لإعتداءات جنسيَّة متكررّة من راهبات.

الراهبات أيضا !!

الأمر لا يخص الأطفال فقط كما هو رائج بل طال الراهبات ، وتؤكد العديد من التقارير التي كتبها أعضاء كبار في الجمعيات النسوية الدينية وقسيس أمريكي أن الانتهاك الجنسي الذي تتعرض له الراهبات على يد القساوسة، بما في ذلك الاغتصاب، بات مشكلة حرجة خاصة في إفريقيا وأجزاء من دول العالم النامي.

 

وتحدثت راهبات إيطاليات لوكالة أسوشيتد برس، عما شاهدته من استغلال جنسي لراهبات بكنائس كاثوليكية بإفريقيا، وقالت الأخت باولا موجي: “لقد رأيت الكثير من الراهبات اللاتي يتحدثن علناً عما يحدث لهن، وكذلك رأيت كثيرات أخريات يبررن للأساقفة استلاهم الجنسي لهن”، فيما كشف التقرير عن أن إحدى الراهبات بالهند قامت مؤخراً بتقديم بلاغ للشرطة المحلية متهمة أسقف باغتصابها، وهو عمل لم يجرؤ على فعله الكثير من الراهبات في الماضي، حيث تؤكد تقارير الاستغلال الجنسي للراهبات أنها موجودة منذ سنوات طويلة، ولكن احتاج الأمر وقت حتى تمكن بعض الراهبات من التقدم للحديث عن تجاربهن مع التحرش والاستغلال الجنسي.

الكنيسة الأرثوذوكسية كذلك

ولم يكن الأمر قاصر علي الكنسية الكاثولكية ، فقد طال الكنسية  الأرثوذكسية في مصر ، حيث تدوالت تقارير متواترة في العام 2015 فضائح  جنسية لأحد كهانها، بعد ثبوت ممارسته الفجور والزنا مع نساء مترددات عليه في الكنيسة للاعتراف.

 

وفي ابريل 2018 ، كشفت تقارير عن فضائح جنسية لأسقف بالكنيسة الأرثوذوكسية في فلسطين ، ونشرت وسائل الإعلام اليونانية مؤخرا تفاصيل فضيحة جنسية بطلاها امرأة يونانية متحولة جنسيا، وأسقف كنيسة كابيتالياس بالقدس، الوكيل البطريكي العام كيريوس ايسخيوس، ووثقت التقارير الفضيحة بفيديو يظهر فيه الأسقف رفقة المرأة في وضع حميمي، قد انتشر على مواقع الانترنت، ما سبب إحراجا كبيرا للكنيسة الأرثوذوكسية في القدس.

 فقدوا الثقة !

مجلة التايم الأمريكية في تقرير مطول لها عن أحد ضحايا القساوسة ، أكد لقد ألقت الآلاف من الحالات بظلال من الشك على كنيسة الروم الكاثوليك وعلى القساوسة الأمريكيين الذين سمحوا لهذا المرض بأن يستفحل .

وفقا لمجلة الإيكونومست فإن الكثير من الكاثوليك يتركون الكنيسة في ألمانيا بسبب فضائح الأعتداءات ألجنسية، حيث وصل عدد التاركين للكنيسة في شهر واحد من عام واحد إلى 472 في أبرشية ميونيخ منذ بداية عام 2010، بالإضافة إلى ذلك تراجع الألمان ثقة البابا إلى حد كبير، وفي نهاية آذار/مارس عام 2010 أصبح 39 ٪ فقط من الألمان الكاثوليك يثقون بالبابا في حين كانت النسبة 62 ٪ في يناير 2010، فيما قالت صحيفة واشنطن بوست : إن الموجة الجديدة من فضائح الاعتداءات الجنسية هزت لكنيسة الكاثوليكية الرومانية ووضعت البابا فرانسيس أمام أكبر أزمة فى بابويته”