في ظل تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان عالميًا، لا تزال السعودية تتصدر مشهد الاستغلال المنهجي للعمال المهاجرين، خصوصًا القادمين من شرق إفريقيا.

يُعاني هؤلاء العمال من ظروف عمل قاسية، واضطهاد قانوني، وعنف جسدي، مما يكشف عن عجز المملكة عن توفير بيئة عمل إنسانية تتماشى مع المعايير الدولية.

تُعد العمالة المهاجرة العمود الفقري لاقتصاد السعودية، حيث يشكل المهاجرون 39% من إجمالي السكان. ورغم أهميتهم، فإن نظام الكفالة يجعلهم تحت رحمة أصحاب العمل، الذين يتمتعون بسيطرة مطلقة على حياتهم.

يمنع هذا النظام العمال من تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد دون موافقة الكفيل، مما يؤدي إلى استغلال واسع النطاق يشمل مصادرة جوازات السفر، وعدم دفع الأجور، وظروف عمل غير آمنة.

انتهاكات رؤية بن سلمان

رؤية 2030، التي تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي، تعتمد بشكل كبير على العمالة المهاجرة، ومع ذلك، فإن هذه المبادرة لم تقدم إصلاحات شاملة لتحسين أوضاعهم.

الإصلاحات التي أُدخلت في مارس 2021، والتي وعدت بتخفيف القيود، استثنت العمالة المنزلية وغيرها من الفئات الهشة، مما عزز استغلالهم. إضافة إلى ذلك، تُظهر القوانين الجديدة التي تحظر مصادرة جوازات السفر ثغرات واسعة في التنفيذ، التمييز ضد العمال المهاجرين واضح، حيث يتعرض القادمون من إفريقيا وجنوب آسيا لأقسى أشكال الاستغلال.

يعمل هؤلاء في قطاعات منخفضة الأجر، مثل الزراعة والتنظيف والخدمات المنزلية، ويُحرمون من أي حماية قانونية، العمال الإثيوبيون، على سبيل المثال، يُجبرون على العمل في ظروف قاسية لتسديد ديون التوظيف التي تراكمت عليهم.

فظائع مراكز الاحتجاز

في مراكز الاحتجاز، تكون الظروف غير إنسانية، حيث يُحتجز العمال في زنازين مكتظة تفتقر إلى الغذاء والماء والرعاية الصحية. تقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش توثق انتهاكات تشمل التعذيب والاعتداءات الجسدية. الأطفال والنساء الحوامل ليسوا بمنأى عن هذه الانتهاكات، حيث يُحتجزون مع أطفالهم في ظروف مزرية.

العمال القادمون من شرق إفريقيا، خصوصًا إثيوبيا، يعانون من ظروف مروعة. يُهاجر العديد منهم بسبب الصراعات في بلدانهم، ليجدوا أنفسهم في قبضة نظام استغلالي في السعودية. الطريق الشرقي، الذي يعبر من اليمن إلى السعودية، يشكل رحلة محفوفة بالمخاطر تشمل الاستغلال من قبل المهربين، والعنف الجنسي، وحتى القتل على أيدي حرس الحدود السعوديين.

تُظهر تقارير حقوقية أن حرس الحدود السعوديين استخدموا القوة المفرطة ضد المهاجرين، بما في ذلك إطلاق النار العشوائي والقصف المدفعي، مما أدى إلى مئات الوفيات. هذه الانتهاكات، التي قد تصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، تعكس سياسات ممنهجة تستهدف القضاء على المهاجرين غير النظاميين.

رغم محاولات السعودية لتقديم نفسها كدولة رائدة في مجال حقوق الإنسان، فإن استثماراتها في الفعاليات الرياضية والثقافية لا تخفي الواقع المظلم لانتهاكاتها. الإصلاحات القانونية الأخيرة لم تفكك نظام الكفالة، ولم تقدم حماية حقيقية للعمال المهاجرين. بدلاً من ذلك، تُستخدم هذه الإصلاحات كأداة دعائية لتحسين صورتها دوليًا.

الخلاصة أن الانتهاكات المستمرة ضد العمال المهاجرين في السعودية تكشف عن نهج متعمد لاستغلال الفئات الأكثر ضعفًا لتحقيق مكاسب اقتصادية. وبينما تسعى المملكة إلى تعزيز صورتها عالميًا، فإن هذا لا يمكن أن يكون على حساب حقوق الإنسان. الحل يكمن في تبني إصلاحات جذرية تنهي التمييز وتضمن العدالة والكرامة للجميع.

اقرأ أيضًا : انتهاكات السعودية في حق المعارضين مزدوجي الجنسية تكشف الوجه الحقيقي لبن سلمان.. سعد الماضي مثال