في تطور خطير على صعيد حرية التعبير في الفضاء الرقمي داخل كبرى شركات التكنولوجيا، كشفت تقارير تقنية عن قيام شركة مايكروسوفت بحظر رسائل البريد الإلكتروني التي تحتوي على كلمات مثل “فلسطين”، “غزة”، و”إبادة جماعية” من الوصول إلى مستلمين داخل وخارج الشركة.

▪️ هذا الحظر، الذي لم تُعلن عنه الشركة بشكل رسمي في البداية، اكتشفه موظفون لاحظوا أن رسائلهم التي تتضمن كلمات تتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة لم تصل إلى وجهتها، ليتبين لاحقًا أن آلية رقابة داخلية نشطة تقف خلف منع تمرير هذه الكلمات.

▪️ ورغم تأكيد مايكروسوفت أن هذه السياسة جاءت لتقليل “الرسائل السياسية”، إلا أن توقيتها، ومضمون الكلمات المستهدفة، يؤكدان أن الأمر لا يتعلق بـ”الحياد”، بل بموقف سياسي غير معلن يحاول قمع الخطاب الداعم لفلسطين داخل بيئة العمل.

البعد السياسي والتقني:

  1. الرقابة باسم الحياد:

    مايكروسوفت، مثلها مثل شركات تكنولوجية أخرى، لطالما تباهت بحماية “حرية التعبير”، لكنها الآن تمارس رقابة انتقائية على مفردات ترتبط بالقضية الفلسطينية، مما يطرح تساؤلات جدية حول ازدواجية المعايير وتسييس منصات التقنية.

  2. توقيت يفضح النوايا:

    يأتي قرار الحظر بعد احتجاجات واسعة داخل الشركة ضد تورطها في تزويد جيش الاحتلال الإسرائيلي بتقنيات الذكاء الاصطناعي والخدمات السحابية، مما يعزز الانطباع بأن مايكروسوفت تحاول كتم الأصوات المعارضة داخليًا قبل أن تتحول إلى موجة ضغط مؤسسي.

  3. تحقيق شكلي وتواطؤ معلن:

    رغم إعلان مايكروسوفت عن فتح تحقيق داخلي — عبر شركة خارجية لم تُفصح عن اسمها — حول استخدام تقنياتها في استهداف المدنيين، أكدت في بيانها أنها لم تجد أدلة، لكنها في المقابل اعترفت لأول مرة بأنها قدّمت مساعدة “طارئة” لإسرائيل بعد 7 أكتوبر، وهو اعتراف خطير بوجود تعاون تقني مباشر في سياق حرب متهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

  4. غياب الفلسطينيين عن البيان:

    ربما كان أكثر ما أثار الغضب الحقوقي هو أن بيان مايكروسوفت لم يتضمن كلمة “فلسطينيين” إطلاقاً، في تجاهل صارخ لضحايا الحرب، وهو ما وصفه موظفون ونشطاء داخل الشركة بأنه “مسح مقصود للضحايا لصالح رواية القوة”.

 الرقابة الرقمية سلاح جديد في معركة الرواية

في الوقت الذي يُقتل فيه آلاف الفلسطينيين وتُمنع عنهم المساعدات، تتحول الساحات الرقمية داخل شركات كبرى مثل مايكروسوفت إلى مساحات مقموعة لا يُسمح فيها حتى بذكر كلمة “غزة”.

ومع هذا الحظر الصامت، تتحول التكنولوجيا من أداة تمكين إلى أداة قمع، تُدار وفق مصالح جيوسياسية وتوازنات اقتصادية، لا وفق قيم الحريات والعدالة.

تتصرف مايكروسوفت وكأن “الحياد” يعني الصمت على الإبادة، وكأن الذكاء الاصطناعي معفى من الأخلاق، لكن الحقيقة أن الرقابة على الكلمات لا تُخفي الجرائم، بل تفضح الشراكة فيها.

اقرأ أيضا: مايكروسوفت.. عملاق التكنولوجيا في خدمة الاحتلال الإسرائيلي