كشف وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عن تعرضه لمحاولة اغتيال قبل سنوات، عبر تسميمه بمادتين سامتين، الزرنيخ والزئبق. وجاء الإعلان خلال مقابلة أجراها مع قناة محلية مساء الجمعة، حيث أوضح فيدان أن الحادثة وقعت قبل أربع أو خمس سنوات، أثناء توليه رئاسة جهاز الاستخبارات التركية (MIT)
وأكد فيدان أنه تلقى العلاج في ذلك الوقت، لكنه فضل عدم الكشف عن الواقعة أو التطرق إليها إعلاميًا.
وأوضح فيدان، الذي يعد من أبرز الشخصيات السياسية والأمنية في تركيا، أنه يختار الكشف عن هذه الحادثة الآن، رغم تحفظه على تفاصيل الجهة التي تقف وراء محاولة الاغتيال.
وقال: “دعونا لا ندخل في هذه التفاصيل، فهناك أعداء في كل مكان، وليس فقط في الداخل”. هذه التصريحات أثارت تساؤلات حول الجهات المحتملة التي قد تكون متورطة في محاولة اغتيال شخصية بمكانة فيدان، خصوصًا في ظل تاريخه الحافل في مواجهة الجماعات المناهضة للحكومة التركية.
فيدان ورجل الظل: تاريخ حافل بالمواجهات الأمنية
تولى هاكان فيدان رئاسة جهاز الاستخبارات التركية لأكثر من 13 عامًا، وهي الفترة التي شهدت اضطرابات سياسية وأمنية كبيرة في تركيا.
وكان لفيدان دور محوري في إفشال محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في يوليو 2016، والتي اتهمت الحكومة التركية جماعة فتح الله غولن، المعروفة باسم “الخدمة”، بالوقوف وراءها.
وقد قاد فيدان حملة تطهير واسعة داخل مؤسسات الدولة، لإزالة نفوذ الجماعة المتهمة بمحاولة تقويض النظام السياسي التركي.
وأشار فيدان في مقابلته إلى أن استهدافه الشخصي ومحاولات اغتياله لم تكن مجرد حادثة فردية، بل تأتي في إطار سلسلة من الحملات التي شنتها جماعات معادية، بينها منظمة غولن الإرهابية.
وأوضح قائلا: “نتعرض بشكل كبير للاستهداف والاغتيال السياسي من خلال استهدافي الشخصي، وفي مقدمة من يستهدفوننا منظمة غولن الإرهابية والمنظمات الأخرى، وقد شنوا حملات لا تزال مستمرة بحقي وبحق عائلتي”.
تصريحات فيدان تعكس حجم الضغوط الأمنية والتهديدات التي واجهها خلال مسيرته في جهاز الاستخبارات.
وأضاف: “لم يسبق أن شُوهد في أي مكان في العالم الدعاية التي روجها أعضاء منظمة فتح الله غولن وغيرها من جماعات الجريمة المنظمة ضدي وضد عائلتي”.
هذه التصريحات تكشف عن جانب مظلم من حياة رجل الاستخبارات السابق، حيث واجه عمليات تشويه وتخوين، إلى جانب محاولات اغتيال جسدية.
من رجل الظل إلى وزير الخارجية: مسيرة حافلة بالأحداث
في عام 2023، عين هاكان فيدان وزيرًا للخارجية في حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجديدة، خلفًا لمولود تشاويش أوغلو.
وشكل هذا التعيين تحولًا لافتًا في مسيرته، حيث انتقل من العمل الاستخباراتي السري إلى الساحة الدبلوماسية العلنية، مستفيدًا من خبراته الواسعة في الملفات الأمنية والاستخبارية التي تعد جزءًا من السياسات الخارجية التركية.
ويعرف فيدان في الأوساط السياسية التركية بـ”رجل الظل”، بسبب دوره المؤثر لكن غير الظاهر في السياسة والأمن.
وخلال فترة رئاسته للاستخبارات، قاد عمليات نوعية داخل تركيا وخارجها، شملت مكافحة الإرهاب وتفكيك الشبكات المعادية للدولة، سواء من تنظيم غولن أو منظمات أخرى.
الكشف عن محاولة اغتيال فيدان يعيد إلى الأذهان الصراعات الخفية التي تدور بين الأجهزة الأمنية والجماعات المناهضة في تركيا، خاصة تلك التي اتهمت بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
كما يثير تساؤلات حول قدرة تركيا على حماية قياداتها الأمنية والسياسية في مواجهة هذه التهديدات المستمرة.
ويبقى السؤال الأهم: هل كان إعلان فيدان عن محاولة اغتياله رسالة ضمنية للأطراف التي ما زالت تستهدف تركيا من الداخل والخارج؟ وهل ستكشف الأيام المقبلة عن تفاصيل جديدة حول هذه المحاولة أو الجهات التي تقف وراءها؟
اقرأ أيضا : حملة إسرائيلية – إماراتية منسقة ضد قطر: تصعيد متعدد المسارات يستهدف دور الدوحة الإقليمي
اضف تعليقا