طارق صالح هو المخرج السويدي المصري الذي أخرج فيلم “حادث النيل هيلتون” عام 2017، الذي تناول بصورة ذكية الفساد الرسمي في مصر الذي أشعل فتيل ثورة يناير 2011 في ميدان التحرير.

وبعد أكثر من عقد من الزمان، تحول فيه الربيع العربي إلى ذكرى -حلوة ومرة- عاد ينافس صالح اليوم بفيلم جديد عن فساد مؤسسات الدولة المصرية، ويسلط الضوء على الأدوات التي تستخدمها الأجهزة الأمنية المصرية من أجل قمع أي شكل من أشكال المعارضة.

فيلم “صبي من الجنة” ينتقد بصورة ساخرة فساد المؤسسات الدينية والعلمانية التابعة للدولة، عبر مزيج مثير للاهتمام من الاحتقار والبارانويا، جنبًا إلى جنب مع التوق إلى الشخصيات الفردية التي تحاول الحفاظ على هويتها وفي نفس الوقت تنزلق وراء مغريات الحياة.

القصة تدور حول آدم (توفيق برهوم)، شاب مصري، نجل صياد في بلدة المنزلة (شمال البلاد)، الذي تعتريه سعادة غامرة لتلقي أخبار من إمامه المحلي يفيد بأنه حصل على منحة حكومية لدراسة الفكر الإسلامي في جامعة الأزهر المرموقة في القاهرة.

بمجرد وصوله إلى الجامعة، ورغم نشوى الفخر التي شعر بها عند مغادرته بلدته، ينزعج آدم من الانضباط والصرامة والتقوى المبالغة من جهة، ومن جهة أخرى يشعر بالانزعاج عندما يقدم له زميله سيجارة – من بين كل الأشياء المضحكة – ويدعوه لقضاء ليلة علمانية في المدينة.

سرعان ما دبت الإثارة في حياة آدم في القاهرة، بدأت بوفاة إمامه في الأزهر بعد سقوطه ميتًا بنوبة قلبية أثناء مخاطبته للطلبة، وعلى الفور ظهرت المناورات السياسية من الأئمة الآخرين حول من يتولى المنصب ذو النفوذ السياسي الهائل.

تتفاقم حيرة آدم وضيقه عندما شاهد صديقه الجديد يقتل على يد مهاجمين ملثمين، وسرعان ما اتصل به عميل استخبارات أشعث وساخر، العقيد إبراهيم (يجسده فارس فارس- الشرطي في فيلم حادث النيل هيلتون) الذي يباغت آدم بحقيقة صديقه المقتول.

كان صديق آدم المتوفى مخبراً تم تجنيده من قبل جهاز أمن الدولة، ويقدم تقارير سرية للحكومة حول الآراء السياسية للأئمة، والتي بطبيعة الحال تعتبرها الدولة آراءً تخريبية.

كان هذا الشاب القتيل مثل آدم نفسه، تلقى منحة دراسية من الدولة تُمنح للمقيمين المطيعين الذين سيأخذون الأوامر من أسيادهم الحقيقيين.

الآن يجب أن يعمل آدم كجاسوس لضمان استمرار المنحة وحصوله على وظيفة مرموقة في الدولة، وإذا ساءت الأمور ولم يؤد الدور المطلوب منه، فليس هناك ما يضمن أن آدم لن ينتهي به الأمر مثل صديقه.

يخلق صالح مشاهد متوترة للغاية حيث يتعين على آدم التسلل إلى مجموعات مختلفة وحشود في الجامعة، والحصول على ثقتهم وتهدئة شكوكهم من خلال الاشتراك معهم في أي فعالية أو نشاط، كل هذا من خلال المقعد الدراسي في المؤسسة الدينية.

بالرغم من أن الفيلم معاد بجرأة لرجال الدين، ويسلط الضوء على الفساد والنفاق الذي يعتري كثير منهم، إلا أن الجزء الأخير من الفيلم كان واضحاً من أن الدولة العلمانية أكثر فساداً من المؤسسة الدينية التي هي في الواقع ذراع من أذرع النظام، ولم يدب فيها الفساد إلا بسبب محاولة الدولة السيطرة عليها.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا