اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح الجمعة، بمقتل جنديين وإصابة 5 آخرين بينهم ضابطان في حالة حرجة خلال اشتباكات عنيفة في شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في تأكيد جديد على تصاعد الخسائر البشرية في صفوفه رغم الادعاء بإنهاء “المرحلة البرية”.

الاعتراف يأتي في أعقاب هجمات نوعية نفذتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ضد وحدات متقدمة من قوات النخبة الإسرائيلية خلال محاولاتها تفجير منازل وتأمين محاور جديدة شرق رفح.

الهجوم المزدوج: كمين مُحكم لقوات الاحتلال

بحسب بيان الجيش الإسرائيلي، فإن الجندي يشاي أورباخ قُتل، وأصيب زميل له من كتيبة الهندسة بجروح خطيرة خلال تنفيذ عملية ميدانية لم يُفصح عن تفاصيلها.

وفي “حدث منفصل”، قتل الجندي يام فريد، وأُصيب ضابط من لواء غولاني، وضابط وجندي من كتيبة الهندسة 605 التابعة لتشكيل “باراك” (188)، أحد أهم تشكيلات المدرعات في الجيش.

لكن رواية كتائب القسام تكشف جانبًا من المعركة التي لا يعلنه الإعلام الإسرائيلي: فقد أكدت القسام أنها استهدفت قوة هندسية إسرائيلية مكونة من 12 جنديًا بقذيفتين، واحدة مضادة للأفراد وأخرى مضادة للدروع، خلال محاولتهم تفخيخ أحد المنازل شرق رفح.

كما أعلنت القسام أنها فجّرت عبوة شديدة الانفجار بقوة راجلة مكونة من 7 جنود إسرائيليين في حي التنور، وهو ما يُرجح أنه الحادث الثاني الذي اعترف به جيش الاحتلال دون تفاصيل.

 رفح تبتلع جنود الاحتلال: الهجوم يتحول إلى كمين

على الرغم من كثافة القصف الإسرائيلي وسلسلة المجازر التي طالت رفح خلال الأيام الأخيرة، فإن تقدم القوات البرية واجه مقاومة شرسة وعمليات تفخيخ ميدانية دقيقة.

ووفق تقارير ميدانية، فإن القسام تحوّلت إلى استراتيجية الكمائن والعبوات المتطورة، مُستغلة معرفة دقيقة بتضاريس المدينة وأزقتها الضيقة، ما جعل دخول قوات الاحتلال أشبه بالدخول إلى “كمائن استنزاف مفتوحة”.

النتيجة: مقتل وإصابة جنود من وحدات يُفترض أنها متقدمة ومدرّبة جيدًا، وسط عجز إسرائيلي عن منع الاختراقات أو السيطرة الكاملة على المنطقة.

 تكتيك المقاومة: “لا خطوط حمراء في رفح”

ما يميز هذه العمليات أنها استهدفت قوات إسرائيلية في محيط مناطق قُدمت على أنها “مؤمنة” وفق الخطاب الإسرائيلي الرسمي.

وهو ما يُظهر أن المقاومة لم تنهار كما روّجت الحكومة الإسرائيلية، بل غيّرت تكتيكاتها من المواجهة المفتوحة إلى حرب استنزاف بالكمائن والقنص والتفخيخ.

وبات واضحًا أن رفح، رغم الإبادة والتهجير، لم تُخضعها إسرائيل عسكريًا، وأن التقدم البري فيها مكلف ويُعيد مشهد نفق الشجاعية ومعارك خانيونس بصورة جديدة.

 أزمة الرواية الإسرائيلية

تزايد خسائر جيش الاحتلال، خاصة من صفوف النخبة، يُعمّق أزمة الثقة داخل المجتمع الإسرائيلي تجاه جدوى العملية في غزة.

ورغم الرقابة العسكرية المشددة، بدأت التسريبات عن حجم الإصابات تتزايد، إلى جانب احتجاجات أهالي الجنود ضد استمرار العمليات، خاصة في ظل الفشل في تحرير الأسرى.

خسائر الاحتلال في رفح ليست فقط بالأرقام، بل في المعنويات والتكتيك. اعترافه بمقتل جنديين وإصابة ضباط من قواته الخاصة، في عمليات دقيقة نفذتها “القسام”، يفتح الباب أمام سؤال استراتيجي مزعج لتل أبيب:

هل لا تزال غزة “قابلة للسيطرة”، أم أن الاحتلال دخل مستنقعًا بلا مخرج؟

اقرأ أيضا: الغارديان: بريطانيا مستمرة في تصدير الأسلحة لإسرائيل رغم تعليق التراخيص وتواطؤ حكومي في تغطية الجرائم بغزة