العدسة – ياسين وجدي:

حمائم الموت تحوم حول أبناء الحجاز في عهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، بشكل بات دق نواقيس الخطر معه لا يتوقف من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان.

قبل يومين ارتقى الشيخ أحمد العماري، عميد كلية القرآن الكريم بجامعة المدينة المنورة سابقًا، جراء جلطة دماغية داخل السجن بالمملكة، واليوم وغدا ، قد يلحق به أعداد أخرى من نخبة المملكة الموقوفة ، بسبب سياسيات القتل البطيء المستمرة داخل السجون السعودية، وهو ما نتوقف عنده.

نموذج متكرر !

الحقوقيون صنفوا ماحدث للشيخ أحمد العماري من قتل بطيء متعمد بالنموذج المتكرر!.

وسبق “العماري” في تلك السياسية القاتلة طبقا للحقوقيين الداعية الشيخ سليمان الدويش، والذي ارتقى تحت التعذيب في 14 أغسطس 2018 ، بعد أن ظل في حالة إخفاء قسري منذ اعتقاله في 22 أبريل 2016.

حساب معتقلي الرأي في السعودية على “تويتر” من جانبه علق على قتل “العماري” قائلا :”  #قتلوا_العماري عندما اعتقلوه تعسفياً .. ثم قتلوه بالعزل الانفرادي 5 أشهر ..ثم قتلوه بالإهمال الطبي وحرمانه من الدواء والرعاية اللازمة فأصابه نزيف دماغي .. ثم تركوه حتى “مات دماغياً” ثم فارق الحياة “

وأضاف  الحساب في تغريدة أخرى أن “من قتل جمال خاشقجي وقطّع جسده، ولا يزال يتهرّب من المسؤولية، و من قتل سليمان الدويش بأبشع طريقة في السجن، لن يتوانى ولن يتردد في قتل شخصية بمكانة وقيمة د. أحمد العماري، سواء بشكل مباشر بحقنه بمادة سامة أو بشكل غير مباشر عن طريق الإهمال الطبي والصحي لشخص مسن مريض مثله “!!

وكان الحساب أطلق في مطلع العام وبالتحديد في 7 يناير الجاري نداءً حذر فيه من أن الشيخ العماري يواجه الموت بسجون السعودية، بعد أن دخل في غيبوبة تامة، إثر تعرضه لنزيف دماغي حاد نقل على إثره إلى العناية المركزة، جراء الإهمال الطبي خلال فترة اعتقاله في العزل الانفرادي ، وللتستر على الجريمة أبلغت السلطات السعودية عائلته أنه تم الإفراج عنه وإسقاط التهم ضده وأنهم يستطيعون رؤيته بعد التأكد من موته دماغيا بالسجن.

الأزمة بدأت لعالم الدين السعودي في أغسطس الماضي حيث اعتقلته السلطات السعودية مع أحد أبنائه بعد مداهمة منزلهم ، في سياق “حملة شرسة” ضد المقرّبين من الشيخ سفر الحوالي عقب أيام من انتشار كتاب نُسب إليه يتضمن نصائح للعائلة الحاكمة وهيئة كبار العلماء المقربة من السلطة، وكانت هذه جريمته التي تعرض فيها للتصفية البطيئة داخل السجن.

وتضم قائمة الضحايا بهذه الطريقة الممنهجة أسماء أخرى منذ العام 2013 ، ومنها :” شريف التشادي ، و خالد الرزني، ومشعل الحربي، وياسر الشهري، ومخلد العتيبي”.

قائمة المرشحين!

وفي مقدمة الحالات التي قد تواجه الموت، مع استمرار سياسات القتل البطيء ، الشيخ سفر الحوالي الذي يعاني من عشرات الأمراض التي أقعدته في الفراش والذي حذر كثيرون من موته في حال استمرار حبسه مع سنه الكبير.

ومن أبرز الحالات كذلك المعتقل السياسي الدكتور موسى القرني الذي نُقل مؤخرا إلى المستشفى بعد إصابته بجلطة ، ويحتجز الآن في مستشفى الأمراض العقلية بسبب ذلك ، وهناك مخاوف من موته !

الدكتور الشيخ المعتقل، عوض القرني أحد الضحايا البارزين في ملف الإهمال الطبي ويقبع في المستشفى منذ نحو شهر؛ بسبب تدهور حالته الصحية والنفسية جراء الإهمال، ومطالبة النيابة العامة بإعدامه”.

والمخاوف كذلك تلاحق المعتقل السياسي العقيد زايد البناوي المصاب بمرض السرطان، دون توفر معلومات عن حالته الصحية حاليا.

وتحدث عبدالله العودة -نجل الداعية السعودي المعتقل سلمان العودة– عن تدهور وضع والده الصحي في محبسه ، مؤكدا أن مشكلة ارتفاع ضغط الدم لدى والده عادت بعد نقله إلى سجن بالرياض في ظروف سيئة جداً، ما يلقي بظلال من الخوف على حياته.

القتل البطيء العمدي ، ظهر له مؤشر منذ العام 2013 ، حيث كشف حساب “اعتقال” المتخصص في قضايا الاعتقال التعسفي، عن وصول التعذيب في السجون السعودية لمستوى غير مسبوق لدرجة حقن معتقلين سياسيين بفيروس الكبد الوبائي.

ونشر الحساب  قائمة بأسماء من حقن بفيروس الكبد الوبائي في سجون الداخلية، من الذين تعرف عليهم، وهم بحسبه،  خالد العميريني وإبراهيم الجديعي وسمير أبوعنق.

الإفراج المبكر عن الضحية كان وسيلة للسلطات السعودية كذلك للنجاة من الاتهامات بالقتل ، وبحسب حقوقيين ، فقد تأكد أن سبب الإفراج الحقيقي عن الدكتور الحقوقي إبراهيم المديميغ مؤخرا هو إصابته بمرض السرطان داخل السجن وانتشار المرض بشكل كبير في جسمه ما يجعله عرضة للوفاة في أية لحظة، وذلك نتيجة لما تعرض له من صنوف التعذيب الجسدي والنفسي.

التعذيب كذلك جريمة بارزة تسهم في القتل البطيء كما حدث مع الشيخ العماري، ومن أبرز الذين تعرضوا للتعذيب في الفترة الأخيرة الدكتور علي العمري يعاني حاليا من حروق وإصابات شديدة في كل أنحاء جسمه بسبب تعرضه لتعذيب جسدي وحشي بالضرب والصعق بالكهرباء وإطفاء أعقاب السجائر طيلة فترة اعتقاله في العزل الانفرادي التي استمرت 15 شهرا”.

وبحسب حساب معتقلي الرأي في السعودية فإن الذي ينجو من الموت تحت التعذيب من معتقلي الرأي في السعودية، فإنه يخرج بإعاقة دائمة.

المنظمات تحذر

العديد من المنظمات الحقوقية حذرت من استمرار سياسات القتل البطيء في السجون برعاية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين فورا .

معهد باريس للحريات-وهو منظمة حقوقية دولية-  أطلق تحذيرا مؤخرا أعرب فيه عن قلقه إزاء الإهمال الطبي المتعمد الذي تمارسه السلطات السعودية بحق المئات من معتقلي الرأي الذين وصل عددهم إلى 2613 معتقلاً، بينهم محامون وقضاة وأكاديميون وعلماء وإعلاميون بارزون.

وأكد المعهد الحقوقي أن الإهمال الطبي بحق معتقلي الرأي في السعودية جريمة حقوقية كبرى يجب عدم الصمت عليها، ويجب على جميع المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية التحرك العاجل لوقف هذه الجريمة موضحا أن الإهمال الصحي لمعتقلي الرأي في السعودية ينتهك نظام الإجراءات الجزائية، وجميع المواثيق الحقوقية الدولية التي تكفل حقوق المعتقل، وتضمن رعاية صحية تامة له.

وأوضح المعهد أن الإهمال الطبي الممارس بحق هؤلاء يرتقي إلى جريمة قتل بطيء، في تصعيد للخصومة السياسية والأعمال الانتقامية بحق المعارضين السياسيين ومعتقلي الرأي، ويمثل محاولة إضافية لترهيب كل النشطاء والمعارضين، وخاصة المرضى منهم وكبار السن، ليس من الحبس فقط، وإنما أيضاً من شبح القتل البطيء خلف جدران السجون.

 

وفي نداء مشترك وعاجل دعت “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة القسط لحقوق الإنسان في السعودية” و”منظمة الكرامة لحقوق الإنسان” و”منظمة العفو الدولية” و”الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان” و”المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب” مؤخرا بإطلاق سراح المعتقلين ومن بينهم أعضاء في جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية المعروفة بـ(حسم)”ووقف سياسيات القتل البطيء، مستنكرة ملاحقة من قام برصد انتهاكات حقوق الإنسان ومساعدة الضحايا وأقربائهم في اتخاذ إجراءات قضائية ضد السلطات المسؤولة.