تصريحات إسرائيلية مفاجئة: لماذا تعزز مصر جيشها؟

في خطوة غير مسبوقة، أبدى داني دانون، مندوب إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة، قلقه العلني من استمرار مصر في تعزيز قدراتها العسكرية، متسائلًا عن سبب شراء الجيش المصري معدات عسكرية متطورة رغم غياب التهديدات المباشرة للبلاد، وفق تعبيره. تصريح دانون، الذي أدلى به خلال مقابلة مع إذاعة “كول بارما” الإسرائيلية، يعكس تغيرًا في الخطاب الإسرائيلي تجاه القاهرة، حيث انتقل من التنسيق الأمني المشترك إلى التساؤل العلني عن نوايا الجيش المصري، رغم العلاقات المتينة بين النظامين.

تحليل الموقف الإسرائيلي: قلق من المستقبل وليس من الحاضر

رغم أن العلاقات بين النظام المصري الحالي والاحتلال الإسرائيلي تُوصف بأنها الأقوى منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، إلا أن تصريحات دانون تشير إلى قلق إسرائيلي أعمق يتجاوز الوضع الراهن. إسرائيل تعلم جيدًا أن استمرار النظام المصري في موقعه هو عامل استقرار استراتيجي لها، لكنه ليس ضمانًا دائمًا، خصوصًا في ظل احتمالات التغير السياسي في مصر مستقبلاً. لذا، فإن القلق الإسرائيلي ليس بالضرورة من التحديثات العسكرية الحالية، وإنما من تغير موازين القوى في المستقبل.

دانون لمّح إلى أن تل أبيب “تعلمت درسها” بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي نفذته المقاومة الفلسطينية، مشددًا على ضرورة “الاستعداد لكل السيناريوهات”. هذه الإشارة تحمل أبعادًا أعمق، فإسرائيل تدرك أن أي جيش عربي قوي، حتى لو لم يكن في حالة عداء معها، يظل مصدر قلق استراتيجي لها، خاصة في حال حدوث تحولات سياسية غير متوقعة.

هل تسعى إسرائيل إلى تحجيم القوة العسكرية المصرية؟

تصريحات دانون قد تعكس توجهًا إسرائيليًا لمحاولة الضغط على مصر لتقليص تسلحها أو على الأقل ضبط مستوى تحديث جيشها. فإسرائيل، التي لطالما سعت إلى التفوق العسكري المطلق في المنطقة، قد ترى في أي تقدم عسكري مصري تهديدًا محتملاً، حتى لو لم يكن ذلك تهديدًا مباشرًا في الوقت الراهن.

ورغم أن مصر لم تتخذ أي موقف يشير إلى تغيير سياستها تجاه الاحتلال، إلا أن تل أبيب تدرك أن المشهد السياسي قد يتبدل في أي وقت. ولذلك، فإن الاستراتيجية الإسرائيلية قد تتجه نحو تحجيم أي قوة عسكرية عربية قد تصبح في يوم من الأيام خارج سيطرتها، بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم.

ختامًا.. هل تخشى إسرائيل من عودة موازين القوى؟

من الواضح أن إسرائيل لا تنظر إلى مصر اليوم فقط، بل إلى مصر الغد. فإسرائيل التي استطاعت عبر عقود الحفاظ على تفوقها العسكري بفضل الدعم الأمريكي غير المحدود، لا تريد لأي قوة عربية أن تمتلك جيشًا قويًا يمكن أن يعيد رسم معادلات القوة في المنطقة. لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستظل مصر تتبع النهج الذي يطمئن تل أبيب، أم أن موازين القوى قد تشهد تغيرًا مفاجئًا في المستقبل؟