بقلم: محمد القحطاني

في خضم التصعيد الخطير بين الهند وباكستان مؤخرًا، عادت قضية كشمير إلى الواجهة بقوة، لتكشف مرة أخرى حجم الظلم التاريخي الذي يتعرض له المسلمون في هذا الإقليم المحتل، تحت سطوة حكومة هندية متطرفة لم تتورع يومًا عن ممارسة أبشع أنواع الانتهاكات بحقهم.

لقد دأبت الهند منذ احتلالها العسكري لكشمير على قمع الأغلبية المسلمة بكل الوسائل الممكنة: من القتل والاعتقال والتعذيب، إلى تهجير السكان، وتغيير التركيبة السكانية بشكل ممنهج. وما جرى في الأيام الماضية من تعليق الهند لمعاهدة مياه السند – معاهدة حيوية حفظت التوازن النسبي بين الجارتين النوويتين لعقود – ليس إلا امتدادًا لهذا النهج العدواني الذي يرى في مسلمي كشمير “أعداءً داخليين” يجب إخضاعهم أو إفناءهم.

إعلان رئاسة الوزراء الباكستانية أن أي محاولة هندية لوقف أو تحويل تدفق مياه نهر السند “ستُعتبر إعلان حرب” ليس موقفًا تصعيديًا بقدر ما هو دفاع مشروع عن الحقوق الوطنية والقانونية والإنسانية. فمحاولات الهند المتكررة لاستخدام المياه كسلاح ضغط سياسي يهدد حياة ملايين الباكستانيين ويكشف الوجه الحقيقي للحكومة الهندوسية المتطرفة بقيادة ناريندرا مودي، التي لم تعد تتورع عن اللعب بالنار، حتى لو أدى ذلك إلى كارثة إقليمية لا تُحمد عقباها.

منذ بداية احتلالها لكشمير، تتعامل الهند بعقلية استعلائية استعمارية، متجاهلة كل القرارات الدولية التي تؤكد حق الشعب الكشميري في تقرير مصيره. وبدلًا من منح الكشميريين حقوقهم، تواصل الحكومة الهندية إغراق الإقليم بالقوات العسكرية، وإطلاق يد جنودها في ارتكاب الانتهاكات الفظيعة بحق المدنيين العزل، فيما يحظى كل ذلك بصمت دولي مخزٍ.

اليوم، بوضعها خطوطًا حمراء واضحة، بعثت باكستان برسالة مهمة: أن صبرها على الاستفزازات الهندية قد نفد، وأن التلاعب بمعاهدة المياه، مثلما هو التلاعب بمصير شعب بأكمله، لن يمر بلا حساب. فالمياه بالنسبة لباكستان ليست مجرد مصدر طبيعي، بل شريان حياة لا يمكن المساومة عليه.

إن المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي: إما أن يتحرك لوقف الانتهاكات الهندية المتكررة بحق كشمير وشعبها المسلم، وإما أن يظل متواطئًا بالصمت، تاركًا المنطقة تنزلق نحو صراع كارثي قد يتجاوز حدود شبه القارة الهندية.

في ظل هذا المشهد، تبقى كشمير جرحًا مفتوحًا في ضمير الإنسانية، وشاهدةً على أن الاحتلال مهما طال، فإن إرادة الشعوب لا تُكسر، وأن الحق مهما حورب سيظل صامدًا، ينتظر فجرًا ينهي الظلم ويعيد لأصحاب الأرض كرامتهم وحريتهم المسلوبة.