يعيش المعتقلون وذووهم في مصر حالة من الرعب بعد تسرب أنباء أكدتها منظمات حقوقية لاحقا تتحدث عن انتشار متسارع لفيروس كورونا داخل عدد من السجون العمومية وأقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز المختلفة.
وظهرت في الآونة الأخيرة العديد من مقاطع الفيديو والصور التي تظهر الحالة المأساوية التي يعاني منها المعتقلون في ظل انعدام كامل لوسائل الحماية والوقاية من الفيروس، ومنع الأهالي من إيصال العلاج والأدوات الطبية اللازمة لعلاجهم، مما دفع العديد من المؤسسات الحقوقية لإطلاق نداءات استغاثة من أجل إنقاذ آلاف الأرواح من وقوع كارثة إنسانية محققة.
مقاطع مسربة
وأظهر مقطع مسرب نشره الناشط محمد حسانين على صفحته على فيسبوك، احتجاجات للمحتجزين داخل قسم شرطة منشأة القناطر بمحافظة الجيزة المصرية رفضا للإهمال الطبي وتردي أوضاع الاحتجاز.
وتضمن الفيديو هتافات للمحتجزين تطالب بعرضهم على النيابة والجهات القضائية. كما ظهر أحد الأشخاص فاقدا للوعي ويحاول الآخرين إفاقته وطلب النجدة من خلال الطرق على الأبواب.
من الانبوكس الان أحد السجون في مصر.
Publiée par محمد حسانين sur Jeudi 28 mai 2020
وظهر أحد المحتجزين في الفيديو ممن يحاولون إسعاف الشخص فاقد الوعي وهو يضع يده على أنفه، ما يشير إلى احتمال وجود إصابة بفيروس كورونا داخل قسم الشرطة.
واتهم أحد المحتجزين معاون مباحث القسم الرائد أحمد فرحات بالتسبب في المظالم التي يتعرضون لها.
فيما أطلق المحامي أحمد العطار تحذيراً لما أسماه كارثة بشرية على وشك الوقوع بعد إصابة 24 معتقلا سياسيا بسجن الجيزة العمومى (الكيلو عشرة ونص) منذ أول أيام العيد بأعراض فيروس كورونا من ارتفاع درجات الحرارة والقيء وضيق التنفس، ولازالت إدارة السجن تتجاهل الوضع الكارثي هناك
حيث لم توفر إدارة سجن الجيزة العمومى الأدوات اللازمة لحماية المعتقلين وتركتهم فريسة لهذا الفيروس القاتل، ولم تقم بتوفير الأدوات اللازمة للنظافة والحماية أو توفير الأدوية بل تتعنت فى إدخال ما يحاول أهالى المعتقلين إدخاله لحمايتهم حسب قوله. وتحدث العطار أيضاً عن وجود عدد من النزلاء ظهرت عليهم أعراض فيروس كورونا داخل حجز قسم شرطة عين شمس، من بينهم ستة حالات تدهورت حالتهم بفعل الإهمال وانعدام التهوية ومنع العلاج.
كورونا وصل السجون
من جانبهم، كشف حقوقيون مصريون وفاة الموظف في سجن طرة بالقاهرة، سيد أحمد أحمد حجازي الشهير بـ”سيد بونات”، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا الجديد، وهو المسؤول عن تسلم الأموال من المسجون أو ذويه، واستبدالها بـ”بونات” للحصول على الطعام من “الكانتين” (كافتيريا السجن)، محذرين من أن المتوفى خالط الكثير من الأهالي والنزلاء خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يتطلب إخضاعهم للتحليل الخاص بالفيروس.
وفي نفس السياق، قال فريق “نحن نسجل” الحقوقي إنه يرجح بالنسبة له انتقال العدوى لعدد من السجناء بسجن تحقيق طرة من خلال الموظف بوزارة الداخلية سيد أحمد أحمد حجازي، الذي يعمل بإدارة سجن تحقيق طرة، والمتوفى بتاريخ 29 أيار/ مايو، جراء الإصابة بفيروس كورونا.
ولفت، في بيان له، إلى أنه أشار سابقا لظهور “حالات اشتباه داخل عنبرين في سجن تحقيق طرة، بينما تم الاكتفاء بعزل بعض المصابين مع تعنت إدارة السجن في نقلهم للمستشفى وعمل التحاليل والفحوصات اللازمة، مما يرجح زيادة أعداد المصابين من السجناء”.
وأوضح أن “الشرطي المتوفى من المخالطين بشكل يومي للمساجين والضباط وأفراد الشرطة، وأن السجن المشار إليه كغيره من السجون المصرية لا تتوافر به أي وسائل للحماية أو تقييد انتشار الفيروس”.
وكانت منصة “جوار”، وهي منصةٌ إعلاميةٌ تهتم بالمعتقلين السياسيين في مصر، قد أعلنت أن أحد سجون مجمع طرة تحول إلى بؤرة لوباء كورونا، بعد ظهور أعراض المرض على المساجين فيه، مشيرة إلى أن “الأعراض اجتاحت جميع الزنازين، من سخونة وخدر في الجسم، والبعض لديه رشح وصداع والتهاب حلق وأذن، وفقد حاسة الشم، بالإضافة إلى السعال المستمر، ومشاكل معوية عند معظم السجناء”.
كذلك كشفت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عن إصابة رئيس مباحث سجن “برج العرب” في محافظة الإسكندرية العقيد عماد الشاذلي بفيروس كورونا، ونقله إلى أحد مستشفيات العزل لتلقي العلاج برفقة عائلته، مشيرة إلى إصابة معاونه كذلك الرائد محمد البنهوي بالعدوى، وعزله في نفس المستشفى، وسط تواتر أنباء عن إصابة 20 معتقلاً نتيجة اختلاطهم داخل السجن.
نداءات حقوقية
وانطلقت نداءات حقوقية إقليمية ودولية وحملات إلكترونية عدة نادت جميعها بضرورة الإفراج عن السجناء في مصر، خوفًا من تفشي وباء كورونا المستجد داخل السجون وأماكن الاحتجاز المصرية، إلا أن نظام الحكم في مصر لا زال يصم آذانه عن تلك النداءات، بل يزيد قبضته الأمنية، ويشن حملات اعتقال في محافظات عدة.
ويواصل النظام المصري تجاهله الحديث عن وضع السجون المصرية، وتكدسها، وسبل حمايتها من تفشي الوباء داخلها، واكتفت مصلحة السجون بمنع الزيارات عن السجون المصرية وأماكن الاحتجاز الأخرى منذ ظهور وباء كورونا في مصر وحتى الآن بحجة الحفاظ على السجناء، كما يتم التجديد للمحبوسين احتياطيا على ذمة القضايا المختلفة دون حضور المحامين أو المتهمين بحجة وباء كورونا أيضًا، وفق ناشطين حقوقيين.
وكانت منظمة العفو الدولية قد دعت السلطات المصرية إلى إطلاق سراح سجناء الرأي وغيرهم من المعتقلين المعرضين للخطر بسبب التفشي الحالي لوباء كورونا، كما طالبت منظمة العفو سلطات القاهرة بالإفراج ودون قيد أو شرط عن جميع النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين لمجرد التعبير عن آرائهم سلميا، والنظر أيضا في الإفراج عن المحتجزين دون محاكمة، وغيرهم من المحتجزين المعرضين بشكل خاص للمرض، فضلا عن كبار السن والذين يعانون من حالات طبية كامنة.
كما وقعت منظمات حقوقية عدة علي بيان مشترك طالبت فيه السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، خوفا من انتشار فيروس «كورونا» الجديد في السجون، وقالت المنظمات الحقوقية في بيان لها، إنها تتابع بقلق بالغ الانتشار الواسع لفيروس «كورونا»، خاصة بعد الإعلان عن وجود حالات مصابة في مصر، وتأكيد وفاة أول مصاب، ونوهت أنه على السلطات المصرية الانتباه إلى التكدس المرتفع داخل زنازين السجون ومقار وأماكن الاحتجاز، فضلا عن ضعف التهوية، وانخفاض مستوى النظافة، مع تواجد الكثير من الحالات التي تُعاني من حالات مرضية مزمنة مختلفة.
وفي الوقت الذي لم تلق فيه هذه النداءات أي صدى عند النظام، يستمر النظام العسكري في التعمية على الأوضاع غير الإنسانية التي يعيشها المعتقلون في السجون، بل ويتوسع في شن العديد من حملات الاعتقال والإخفاءات القسرية للعديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، مما ينذر بكارثة وخيمة حال تفشي كورونا في السجون لاسيما مع عجز القطاع الطبي حاليا في مواجهة الوباء وزيادة الأعداد بوتيرة مضطردة يوميا.
اقرأ أيضاً: إنسايد آرابيا: كورونا.. سلاح جديد في يد النظام المصري لترسيخ الحكم العسكري
اضف تعليقا