فوجئ المعارض البحريني محمد التاجر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن جهاز الآيفون الخاص به تم استهدافه من قبل حكومة دولة عبر برنامج تجسس اخترق الهاتف.

محمد التاجر، هو محامي بحريني بالغ من العمر 55 عامًا، معروف بين المعارضين بدفاعه “الشجاع” عن قادة المعارضة والمتظاهرين بعد أحداث 2011 في الدولة الخليجية الصغيرة، والتي قمعتها السلطات بالقوة بمساعدة القوات السعودية، وهو الموقف الذي عرضه للاعتقال والتهديد من قبل الأمن البحريني.

فحص الطب الشرعي لهاتف التاجر الذي أُجري من قبل باحثين في مركز Citizen Lab بجامعة تورنتو وجد أن هاتف المحامي قد تم اختراقه في مناسبات متعددة في سبتمبر/أيلول 2021 من قبل حكومة البحرين، عملية شركة NSO، صانع برامج التجسس الإسرائيلي.

“كنت رئيسًا لمرصد البحرين لحقوق الإنسان، وكان لدي نشاط في مجال حقوق الإنسان داخل البحرين، ومع الأمم المتحدة”، كان هذا تصريح التاجر لـ Red Line for Gulf وهي مجموعة غير ربحية من الصحفيين والنشطاء الذين يركزون على الأمن الرقمي وحرية التعبير في دول الخليج وعملت مع Citizen Lab في التحقيق الأخير.

وتابع “أسوأ ما في الأمر والأكثر ضرراً حقاً، هو أنك تشعر أنك لست آمنًا… بدلاً من أن يكون هاتفك صديقك، فهو الآن عدوك… أنت لا تعرف ما هي المعلومات الخاصة التي حصلت عليها الدولة… وهذا مؤلم”.

بالإضافة إلى ما حدث للتاجر، كشف تحقيق “مشروع بيغاسوس” الذي أجراه عدد من المؤسسات الإعلامية والحقوقية البارزة بما فيهم الغارديان ومؤسسة Forbidden Stories الفرنسية غير الربحية، أن حوالي 20 مسؤولاً بحرينياً مقربين من الحكومة ربما يكونون مستهدفين للمراقبة أيضاً، حيث تم التعرف على أرقام هواتفهم بمساعدة علي عبد الإمام، الباحث في Red Line for Gulf.

ظهرت أرقام الهواتف المحمولة – بما في ذلك أرقام الموالين المقربين من الأسرة الحاكمة في البحرين – على قاعدة بيانات مسربة يعتقد تحقيق “مشروع بيغاسوس” أنها تحتوي على أرقام هواتف الأفراد الذين تم اختيارهم كأهداف مراقبة محتملة من قبل عملاء شركة NSO.

ظهر أيضاً في قاعدة البيانات المسربة الهاتف المحمول لمسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية كان يتمركز في البحرين وقت اختيارها، وتعليقاً على ذلك قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تدين المضايقات والمراقبة التعسفية، أو غير القانونية للصحفيين، أو نشطاء حقوق الإنسان، أو غيرهم من منتقدي النظام.

وتابع المتحدث: “بينما لا نناقش البروتوكولات أو الإجراءات أو القدرات الأمنية، يمكننا القول إننا قلقون للغاية بشأن مخاطر التجسس والأمن المضادة التي تشكلها هذه الأنواع من برامج التجسس التجارية على موظفي الحكومة الأمريكية”.

أضافت إدارة بايدن شركة NSO إلى القائمة السوداء لوزارة التجارة العام الماضي، مستشهدة بأدلة على استخدام التكنولوجيا من قبل الحكومات الأجنبية “لاستهداف خبيث” للعاملين بالسفارات والصحفيين والنشطاء، من بين آخرين.

في حين أن ظهور رقم الهاتف المحمول لشخص ما ليس دليلاً على تعرض الشخص للاختراق، فإن عشرات الأفراد – بمن فيهم صحفيون ونشطاء حقوقيون – تظهر أرقامهم في قائمة تحقيق “مشروع بيغاسوس”- تم استهداف هواتفهم أو اختراقها من قبل عملاء NSO ، وفقًا لباحثين أمنيين في منظمة العفو الدولية قاموا بفحص الأجهزة بالطب الشرعي.

ومن بين الأفراد الذين تم اختيارهم كأهداف محتملة للمراقبة 20 عضوًا من مجلس نواب البحرين، بينهم رئيسة مجلس النواب فوزية زينل ، التي عينها الملك وتم اختيارها بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2019، أحمد صباح السلوم – عضو مجلس النواب وعضو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ، وهي منظمة تمولها حكومة البحرين.

كشف تحقيق “مشروع بيغاسوس” أيضًا أن اثنين من أفراد العائلة المالكة مدرجين في قاعدة البيانات المسربة، بينهم خالد بن أحمد خليفة، وزير الخارجية السابق.

من جانبهم، قال خبراء أمنيون إن سلسلة الاكتشافات ترسم صورة لدولة تبدو مستعدة لاستخدام تكنولوجيا المراقبة أعدائها وأصدقائها على حد سواء.

عند نجاح برنامج “بيغاسوس” في اختراق الهدف، هذا يعني أنه يحصل على وصول كامل إلى المكالمات الهاتفية والرسائل النصية والرسائل المشفرة والصور الفوتوغرافية، يمكنه كذلك تتبع موقع مستخدم الهاتف المحمول وتحويل الهاتف إلى جهاز استماع عن بعد.

قال بيل ماركزاك، الباحث البارز في Citizen Lab:”لا يزال الوضع في البحرين قمعيًا إلى حد كبير… منذ عام 2011، حرصت البحرين على محاولة إزالة المؤسسات التي تساعد الناس على التنظيم”، مضيفاً “لا توجد مساحة للمعارضة أو أي نشاط حقوقي، وبرامج التجسس تساعد في الحفاظ على هذا الوضع الراهن؛ لأن ما يمكنهم فعله هو مراقبة ما يجري على انفراد، ما يسمح لهم بالتأكد من عدم وجود أي محاولات للاحتجاج”.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا