في إحدى خطاباته المثيرة للجدل قبض عبد الفتاح السيسي على “الميكروفون”، وقد أدار ظهره للمستمعين وبدأ بالحديث عن معالجة حكومته للتلوث البيئي، مدعياً أن ما قام به مع حاشيته لم يحدث في أي بلد بالعالم على مدار 500 عام مضت.
وكالعادة فإن قائد الانقلاب يصدر تصريحاته دون دراسة أو دراية في بعض الأوقات، فقد ازداد التلوث البيئي في عهده وصنفت عاصمة بلاده القاهرة على أنها من أسوأ وأخطر العواصم في العالم بشأن تلوث البيئة.
كما أن مشاريع السيسي غير المدروسة والتي لم يُضع للبيئة والمناخ فيها أي اعتبار عند بدأها زادت الطين بلة، وتسببت بشكل مباشر في تقليص المساحات الخضراء من خلال هدم الحدائق أو حتى اقتلاع الأشجار من أجل بناء الكباري والمنشآت.
والآن مصر بصدد استقبال قمة الأمم المتحدة للمناخ cop27 وهو ملتقى كبير لرؤساء وممثلي المجتمع المدني ونشطاء على مستوى العالم من أجل مناقشة سبل الحفاظ على البيئة، في الوقت الذي تعاني فيه الدولة المستضيف من حالات إهمال من الحكومة تسببت في كوارث للشعب المصري.
تلوث على الطرقات
كشف تحليل قام به فريق بحثي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة عن نسبة تعرض قائدي السيارات وركاب المواصلات العامة لتلوث الهواء في شوارع العاصمة القاهرة والتي ارتفعت لحدود خطيرة مع ارتفاع عدد السكان.
يشار إلى أن التحليل يعتقد أن 10% من الوفيات المبكرة التي حدثت في مصر كانت بسبب ذلك التلوث والذي هو عبارة عن الجزئيات الصلبة والسائلة العضوية العالقة بالهواء والذي يتعرض له ركاب السيارات مع نوافذ مفتوحة.
كما أن نسبة إصابة الأشخاص المارة بهذه الميكروبات تصل إلى 65% وهم مهددين باستنشاق 227 ميكروغرام من تلك الجزئيات التي تتواجد في كل متر مربع في حين أن المعدلات العالمية لوجود تلك الملوثات لا تزيد عن 15 ميكروغرام لكل متر مربع.
والأهم أن تلك الملوثات تزيد مع جفاف المناخ التي تمر به مصر وقلة الأمطار بالإضافة إلى زيادة الأعمال الإنشائية وتقليل المساحات الخضراء ما يتسبب سنوياً في سبعة ملايين حالة وفاة جراء تلوث الهواء فقط.
تكذيب الحكومة
منذ اعتلاء قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي حكم مصر وتواترت التقارير حول الحالة البيئية التي تمر بها المحروسة جراء الإهمال الحكومي، لكن وزارة البيئة دائماً ما ترفض وتستنكر تلك التقارير المبنية على أسس علمية.
وعلى نهج رب البيت فإن وزارة البيئة تسير بلا دراسات مدعية أن مصر من أفضل الدول في حالات المناخ وندرة معدلات التلوث، كما أنها تحتفي بمشاريع السيسي والتي تدعي أنها من أجل الحفاظ عن البيئة في حين تغض الطرف عن عمليات اقتلاع الأشجار وتقليص المساحات الخضراء التي تقوم بها الحكومة.
في عام 2020 كشف تقرير نشرته مؤسسة إيكو إيكسبرت الأمريكية ان القاهرة تتصدر أسوأ عشر مدن ويعتبر المعيشة بها من “كارثة” في ظل ارتفاع معدلات التلوث، لكن وزارة البيئة المصرية رفضت ذلك التقرير واعتبرته لا يمت للواقع بصلة.
كما سارعت وزارة البيئة المصرية إلى إصدار بيان قال إن التقرير غير دقيق ويعتمد على مصادر غير محددة ولا يعتمد على رصد قائم على منهجية علمية ذات مرجعية، لكن الأكثر كارثية من التقرير هو رد الوزارة ذلك الذي يطلب من الجميع أن يغض طرفه وسمعه عن تلوث لمسه القاصي والداني في الدولة المصرية.
الخلاصة أن السيسي يقيم مؤتمر المناخ من أجل مكاسب مادية وسياسية لكن بلاده تعاني من التلوث البيئي بسببه هو وحكومته الذين اهتموا ببناء الكباري والمرافق على حساب المساحات الخضراء.
اقرأ أيضاً : المؤتمر الاقتصادي مصر 2022.. السيسي يبحث عن طوق نجاة!
اضف تعليقا