الحرب السورية- إنذار الخطر يدق بعد مقتل 33 جنديًا تركيًا في هجوم في إدلب

نشرت شبكة BBC البريطانية تحليلات وآراء وتعليقات خبراء ومحللين وصحفيين حول الأزمة التركية/الروسية المحتملة بعد مقتل 33 جندياً تركياً الجمعة في هجوم للحكومة السورية المدعومة من القوات الروسية في شمال غرب سوريا التي تسيطر عليها المعارضة، وهو ما اعتبره المحللون تصعيد كبير للنزاع الدائر حالياً.

بعد الضربة المُشار إليها والتي استهدفت وحدة مراقبة تركية، قالت تركيا، التي تدعم المعارضة، إنها ضربت 200 هدف حكومي رداً على ذلك، مما “حيد” 309 جنديًا، بينما نفت روسيا في بداية الأمر تورطها في مقتل الجنود الأتراك، مشيرة إلى أن الهجوم جاء من قبل النظام السوري الذي كان يهدف إلى تطهير البلاد من الجهاديين.

من ناحيته حذر الاتحاد الأوروبي من أن الأزمة قد تنحدر إلى صراع خطير، قد لا يمكن تداركه بالمفاوضات.

جوزيف بوريل- منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، علق على الأمر قائلاً “هناك خطر من الانزلاق نحو مواجهة عسكرية دولية مفتوحة”، مضيفاً “إنها ]الأزمة[ تسبب أيضًا معاناة إنسانية لا تُطاق وتعرض المدنيين للخطر”.

الرئيسان التركي والروسي تحدثا عبر الهاتف الجمعة 28 فبراير/شباط الجاري بعد الهجوم لمباحثة الأوضاع، وتعليقاً على المكالمة صرح الكرملين بأن رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين أعربا عن قلقهما واتفقا على ضرورة اتخاذ “إجراءات إضافية” لتطبيع الوضع، مع إمكانية عقد قمة في المستقبل القريب.

ومن المقرر كذلك أن يجتمع المسؤولون الروس والأتراك في وزارة الخارجية التركية في أنقرة يوم الجمعة.

تحاول القوات الحكومية السورية، المدعومة من روسيا، استعادة إدلب من الجماعات الإرهابية والفصائل المتمردة التي تسيطر على أماكن تتمركز فيها تركيا، وقد جاءت الغارة الجوية بعد أن استعادت المعارضة بلدة سراقب، شمال شرق مدينة باليون، وعليه قام أردوغان باستخدام سلاح اللاجئين في وجه الاتحاد الأوروبي بعد تخفيف القيود المفروضة عليهم على الحدود بين تركيا وأوروبا، وهي خطوة تقلق دول أوروبا التي لا تعلم ماذا سيحدث في المستقبل إذا استخدم أردوغان هذا السلاح وبقوة.

معلومات عن الهجوم

قال رحمي دوجان- حاكم مقاطعة هاتاي في تركيا: “استشهد ثلاثة وثلاثون من جنودنا نتيجة الضربة الجوية … من قبل قوات نظام بشار الأسد”.
الهجوم تبعه أردوغان اجتماعًا أمنيًا عاجلاً على مستوى عالٍ في أنقرة ترأسه الرئيس أردوغان، لتقوم بعده القوات التركية في شن غارات برية وجوية في سوريا.

وزير الدفاع التركي خلوصي آكار على على الحادثة قائلاً: “بالإضافة إلى تلك الخسائر، تم تدمير خمس طائرات هليكوبتر تابعة للحكومة السورية و 23 دبابة و 23 مدافع هاوتزر ونظامين للدفاع الجوي”.

ووفقًا لوزارة الدفاع الروسية، فقد قُتل الجنود الأتراك في “قصف” أثناء قيامهم بالعمل إلى جانب “إرهابيين” في منطقة باليون، المقصودون بالقصف، حيث قيل إن مقاتلي تحالف حياة التحرير (جبهة النصرة سابقًا) يهاجمون قوات الحكومة السورية.

وقالت روسيا إنها على اتصال دائم بتركيا لضمان عدم استهداف القوات التركية في إدلب ولم يتم إبلاغها بأن القوات التركية تنشط في باليون، وعليه تم القصف.

تلك التصريحات تم نفيها من قبل السلطات التركية، حيث أكد السيد/آكار أنه تم إبلاغ الروس بمواقع القوات التركية وقال إنه لم تكن هناك جماعات مسلحة موجودة بالقرب من الجنود الذين تعرضوا للهجوم، كما أكد إن سيارات الإسعاف أصيبت في الهجوم.

مرت سفينتان حربيتان روسيتان مجهزتان بصواريخ كروز عبر مضيق البوسفور في اسطنبول في طريقهما إلى الساحل السوري.

يريد الرئيس أردوغان أن تنسحب قوات الحكومة السورية من المواقع التي أقامت فيها تركيا مراكز مراقبة عسكرية وهدد في وقت سابق بمهاجمتها إذا لم توقف تقدمها، لكن الحكومة السورية وروسيا رفضتا طلبه بالانسحاب إلى خطوط وقف إطلاق النار المتفق عليها في عام 2018 (مناطق خفض التصعيد)، كما اتهمت روسيا تركيا بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2018 بدعم المتمردين بنيران المدفعية.

كرد فعل على الأزمة:

وعد الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بـ “دعم سياسي قوي وكذلك دعم عملي” لتركيا، كما حث سوريا وروسيا على الانخراط بشكل كامل في الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “إننا نقف إلى جانب تركيا، أحد أعضاء حلف الناتو ونواصل الدعوة إلى وضع حد فوري لهذا الهجوم البغيض من قبل نظام الأسد وروسيا والقوات المدعومة من إيران…. نحن نبحث عن خيارات حول كيف يمكننا تقديم أفضل دعم لتركيا في هذه الأزمة “.

من ناحيته أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن “قلقه العميق” إزاء التصعيد الأخير، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار من قبل جميع الأطراف.

هل ستتراجع أنقرة أو دمشق؟

المشهد الآن مهيأ تماماً لاحتمالية حدوث مواجهة واسعة النطاق بين تركيا وسوريا، وهذا يطرح كل أنواع الأسئلة…

هل ستتراجع أنقرة أو دمشق؟
هل يمكن لموسكو أن تشجع بطريقة ما على وقف التصعيد؟
هل هناك طريقة لإقناع النظام السوري بوقف هجومه الأوسع في إدلب؟

لا توجد إجابات أكيدة على السؤال الأخير، لأن الرئيس الأسد يبدو متمسكاً بقوة بفكرة استعادة السيطرة الكاملة على المنطقة، وهو الهدف الذي يدعمه الروس فيه بالفعل لتحقيقه.

هل يواجه الاتحاد الأوروبي أزمة هجرة جديدة؟

قالت الأمم المتحدة إن 948,000 شخص على الأقل نزحوا في شمال غرب سوريا منذ بدء الهجوم الحكومي في الأول من ديسمبر/كانون الأول المنصرم، كما قُتل خلال تلك الفترة ما لا يقل عن 465 مدنياً، بينهم 145 طفلاً، معظمهم من ضحايا هجمات الحكومة السورية وحلفائها، بالإضافة إلى وفاة الأطفال بسبب ظروف البرد القاسية حيث لا مأوى لهم ولا ملجأ.

استقبلت تركيا بالفعل حوالي 3.7 مليون لاجئ منذ بدء الحرب السورية، وقد يؤدي سخط تركيا إلى إرسال موجة جديدة من اللاجئين نحو أوروبا.
أخبرت مصادر تركية غير معروفة وكالات الأنباء الدولية يوم الجمعة أن البلاد رفعت بالفعل القيود المفروضة على الحدود للسماح للاجئين بالسفر إلى الاتحاد الأوروبي.

وقال مصدر تركي لوكالة فرانس برس “لن نبقي الأبواب مغلقة أمام اللاجئين الذين يريدون الذهاب إلى أوروبا”.

يُقال إن عدة مئات من الأشخاص تجمعوا بالفعل على الحدود التركية في ديكيلي على أمل العبور بشكل غير قانوني إلى اليونان، وعليه كثفت اليونان دوريات الشرطة عند نقاط التفتيش الحدودية.

بموجب اتفاق عام 2016 مع الاتحاد الأوروبي، والذي أعقب موجة من اللاجئين السوريين واللاجئين والمهاجرين من دول أخرى إلى أوروبا، فرضت تركيا ضوابط أقوى للحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا، وقد تضمنت الصفقة تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 6 مليارات يورو (5.4 مليار جنيه إسترليني؛ 6.6 مليار دولار) كمساعدة لتركيا لإيواء اللاجئين السوريين.

قال مدير الاتصالات في تركيا إن بلاده لا يمكن أن تستقبل مليون لاجئ آخر من سوريا.
وغرد فريتتين ألتون على موقع تويتر مطالبا المجتمع الدولي بحماية المدنيين في إدلب من “الإبادة الجماعية” من خلال فرض منطقة حظر الطيران.

من جانبها رفضت روسيا دعوات مجلس الأمن الدولي المطالبة بوقف إطلاق النار في شمال سوريا، قائلة إن الحل الوحيد هو مطاردة ما تسميه الإرهابيين من البلاد وخاصة إدلب، وهي ذات المزاعم التي ترددها الحكومة السورية، المتهمة بارتكاب فظائع ضد المدنيين خلال الحرب الأهلية في البلاد.

لماذا تشارك تركيا بعمق فيما يحدث في سوريا؟

فرضت الحدود الجغرافية على تركيا التدخل فيما يحدث في سوريا، ولم تجعل لها خيار لأن تبعد أو تنسحب، فحدودها الطويلة مع سوريا جعلتها على اتصال وثيق بالحرب الأهلية ومعارضتها القوية لحكومة الأسد جعلتها وجهة طبيعية للاجئين.

لكن تركيا تحاول بقوة أيضًا منع سيطرة الجالية الكردية في سوريا على المنطقة الحدودية معها، خوفًا من أن يشجع ذلك فكرة انفصال الأكراد داخل تركيا.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا