العدسة – معتز أشرف:

تجارة رائجة، وشركاء متوافقون على سلب الإنسانية صفاتها، إنهم يد واحدة، ومنتشرون بكثافة في مصر والكيان الصهيوني بدعم سعودي رائج، حتى باتت المواقع الثلاثة تتنافس في إنجاح التجارة البشعة.

ومع عودة الظاهرة مجددًا في مصر على خلفية جثث أطفال المريوطية المذبوحين بالقرب من العاصمة القاهرة، نسلط الضوء على مافيا سرقة الأعضاء وتجّارها، والذين لهم سطوة في مصر وإسرائيل بتمويل سعودي يقف في المقدمة.

تعاون ثلاثي!

ووفق موقع تلفزيون “نابلس فقد أثبت في تحقيق حول تجارة الأعضاء البشرية، أن المملكة العربية السعودية أولى دول العالم “المستورِدة” لها، فيما تتصدر مصر قائمة الدول المصدرِّة للأعضاء البشرية. ويؤكد الموقع أن أهم السماسرة في هذه التجارة في الكيان الصهيوني هو المواطن الإسرائيلي موشيه هارئيل فيما تعتبر دولة الاحتلال من أكثر الدول التي تأوي سماسرة تجارة الأعضاء في العالم، كما تعد مدينة بريشتينا، عاصمة كوسوفو، مركزًا “دوليًا” وحيويًا لهذه التجارة غير المشروعة.

وخاض الصحفي، دونالد بوستروم، وصحيفة “أفتون بلاديت” في السويد منذ 7 سنوات حملة مطوَّلة ضد الكيان الصهيوني بتهمة سرقة أعضاء الفلسطينيين، وثّق فيها الكثير من الحالات، وهي الأرقام التي تتوافق مع المعلومات الرائجة عن وجود قرابة 15 عصابة تمثّل عالم الجريمة الإسرائيلي أكثرها في التجارة بالأعضاء، حتى بات نبأ توقيف عصابات سرقة الأعضاء في تل الربيع المحتلة معتادًا.

وكشفت تقارير عربية عن وجود العديد من المقابر التي تضمّ بقايا مواطنين “أفارقة” تم ذبحهم أحياءً لانتزاع أعضائهم وبيعها لمافيا تجارة الأعضاء “الإسرائيلية”، وبحسب وكالة معًا الفلسطينية فإنَّ أطباء مصريين من القاهرة والإسماعيلية كانوا يشاركون في هذه العملية البشعة، لتَعْثُر بعدها قبائل البدو على العديد من المقابر الجماعية لأفارقة مسروقة أعضاؤهم البشرية، ومحاطة أجسادهم بلاصق البلاستر وملفوفين بالبطاطين ومدفونين بالرمال.

إمبراطورية صهيونية

وبحسب مراقبين فإنَّ “إسرائيل” جنة التجارة بالأعضاء البشرية، وبالإضافة إلى كون الفلسطينيين ضحايا الاحتلال والقتل والتعذيب والنهب، فهم أيضًا مستهدفون في مجال تجارة الأعضاء التي تعدّ إسرائيل رائدة فيها على مستوى العالم، وهو ما وثّقته السلطات الفلسطينية في الأمم المتحدة، عبر اتهام إسرائيل بإرجاع جثث الفلسطينيين الذين قتلوا” بأعضاء مفقودة”، وقد وصفها “فرية الدم” من قبل المحتل، بالتزامن مع تصريحات للحاخام ياكوف مينكن الذي يدير أحد المواقع اليهودية الأكثر أهمية في العالم أكد فيها أنه “يشجع على نزع أعضاء الذين قُتِلوا من الفلسطينيين، حيث صرَّح بأنه يحق لأي شخص في وطننا القيام بهذا تحت قائمة حقوق الإنسان!!.

 

وبحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية الـ(بي بي سي)، فإنَّ إسرائيل تشترك في تجارة الأعضاء بصفتها المشتري الأكثر استهلاكًا، موضحًا أن هناك خطوطَ إنتاج للكُلى فتحتها إسرائيل في ملودوفا (شرقي أوروبا)؛ حيث يعيش معظم الرجال هناك بكلية واحدة، فدخلهم محدود للغاية، ومعظم سكان البلاد يعيشون على أقل من دولارين يوميًا، ووفقًا للـ”بي بي سي” أيضًا، فإنَّ إسرائيل بها أقل عدد متبرعين في العالم، ويرجع ذلك إلى معتقد يهودي يرى أنّ التبرع بالأعضاء فيه “تدنيس للجسد البشري”.

موقع “والا” العبري الإخباري، كشف من جانبه عن أنه يتم شراء أعضاء وأنسجة بشرية من سوريا، وتأتي غالبًا من قتلى سقطوا في الحرب ومقاتلين أجانب يعملون في صفوف تنظيم داعش أو بصفوف فصائل المعارضة العسكرية؛ حيث يصل سعر القلب إلى أكثر من 20 ألف دولار، والكلية إلى 15 ألف دولار، وقرنية العين بـ7 آلاف و500 دولار، في حين تصل أسعار أعضاء أخرى مختلفة إلى 10 آلاف دولار.

 

وفي العام الماضي اتهم مركز الدفاع عن الفرد (هموكيد) ومركز القدس لحقوق الإنسان، “إسرائيل” بالتعامل بإهمال ممنهج مع جثث الشهداء، بقصد إضاعتها للحيلولة دون الكشف عن سرقة أعضاء الشهداء والمتاجرة بها، وذلك في أبريل من عام 2017؛ حيث أعلنت السلطات الإسرائيلية فقدانها 121 جثة من أصل 123 فلسطينيًا، تحتجزهم منذ تسعينيات القرن الماضي.

مافيا مصرية!

وفي مصر تحتل القاهرة المركز الثالث عالميًا والأولى على مستوى الشرق الأوسط في تجارة الأعضاء البشرية، وفقًا لدراسة حديثة صادرة عن منظمة الصحة العالمية، وترجع الدراسة السبب إلى حالة الفقر الشديدة والظروف الاقتصادية التي يعاني منها قطاع عريض من الشعب المصري، فيما ذكر تقرير للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في 2012 إلى أنَّ الكثير من المهاجرين الأفارقة يقتلون في صحراء سيناء شرق مصر لتسرق أعضاؤهم.

وفي العام 2016، نشرت مجلة علوم الإجرام البريطانية دراسة حول تجارة الأعضاء البشرية في مصر، واعتبرت أنَّ تلك التجارة انتشرت بصورة ملحوظة بعد عام 2010، وأنَّ اللاجئين السودانيين- خاصة غير الشرعيين- يشكلون قسمًا كبيرًا من الضحايا؛ حيث يخاف أغلبهم الإبلاغ إذا وقع لهم سوء بعد العملية، وحتى في حالة الشكوى لا تعتبرهم السلطات المصرية ضحايا، وبالإضافة إلى اللاجئين السودانيين، يشكل الأطفال “سلعة” رائجة في تجارة الأعضاء، حيث تمّ الكشف في مصر مؤخرًا عن عصابات متخصصة في هذا المجال، حيث تقوم “بتوريد” الطفل المخطوف إلى رجال أعمال وأطباء.

وتشير دراسة أعدَّها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية المصرية عام 2010 شملت 150 حالة بيع طواعية للأعضاء، إلى أنَّ جميع البائعين ينتمون إلى مستوى اقتصادي منخفض، ويمرُّون بأزمات مالية ملِحّة، وهي نفس الظروف الحالية في عهد الجنرال عبد الفتاح السيسي.

رسميًا اعترف النائب حاتم عبد الحميد، عضو لجنة الصحة بالبرلمان الموالي للنظام بأن الفساد موجود في كل مكان بوزارة الصحة المصرية، وأنَّ من أوائل مظاهر الفساد هي تجارة الأعضاء البشرية التي يلجأ إليها الفقراء للحصول على المال مقابل بيع أعضائهم.

تورط سعودي!

السعودية تقف كعادتها في مقدمة المشتريين بأموالها، وكشفت تحقيقات قضائية حديثة في مصر تورط مسؤول الشؤون الطبية في السفارة السعودية بالقاهرة في إحدى القضايا الخاصة بالتجارة في الأعضاء البشرية؛ حيث توسط مقابل مبالغ مالية باعتماد صحة المستندات الطبية الخاصة لمريضين اثنين مع علمه بتزويرها، وبإجراء جراحة زراعة الكلى لهذين المريضين، بالمخالفة لأحكام القانون المصري.

وضمَّت أوراق التحقيق في القضية رقم 518 حصر أموال عامة عليا، لسنة 2016 المعروفة بـ”شبكة التجارة الدولية للأعضاء البشرية” في مصر مخاطبات من سفارة السعودية للمحامي العام لنيابة الأموال العامة العليا بشأن وفيات إثر إجراء عمليات زرع كلى لهم بالمخالفة لقوانين زراعة الأعضاء البشرية عن طريق شبكة التجارة الدولية للأعضاء البشرية.

 

ويبدو أن فشل بعض العمليات في مصر، دفع المافيا إلى الانتقال إلى قلب السعودية، وفي العام 2016، كشفت شُعبة التحريات والبحث الجنائي في شرطة جدة عن عصابة من جنسية عربية تخصَّصت في بيع الأعضاء البشرية بعد تزوير محررات رسمية، كما تمّ ضبط طبيب في مستشفى شهير تورَّط في هذا السيناريو، وبينت التحريات الأولية أنَّ المشتبه بهم قدموا إلى السعودية ببطاقة زائر قبل أن ينشطوا في تجارة الأعضاء البشرية، من خلال خداع مصابي الفشل الكلوي بحجة إجراء عمليات زراعة كلى لهم في الداخل مقابل مبالغ مالية يتم دفعها للمتبرعين!!.