في مشهد يفضح تحالفات الخيانة في المنطقة، احتضنت الرياض لقاءً مشبوهًا جمع بين حسين الشيخ، مبعوث السلطة الفلسطينية، وستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي ترامب، تحت رعاية محمد بن سلمان، الذي يسعى جاهدا إلى تقديم خدماته وتنفيذ أجندات ترامب في في المنطقة.

أجندة الاجتماع تركزت حول نقطة واحدة : استعداد السلطة الفلسطينية لفرض سيطرتها على قطاع غزة بالقوة، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة عسكرية مع حماس والمقاومة الفلسطينية.

محمد بن سلمان الذي يسعى لتعزيز دوره كعرّاب لتمرير المخططات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، وتحويل بلاده إلى مركز تنسيق بين الأنظمة العربية العميلة والاحتلال الإسرائيلي، توافق مع إدارة ترامب على أن تكون السعودية ساحة خلفية لتمرير الاتفاقات السرية،

والآن تريد واشنطن من الرياض أن تمهد الطريق لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، ولو بالقوة.

عباس وولي عهد السعودية يبحثان وقف حرب إسرائيل على غزة والضفة

حسين الشيخ.. رجل الاحتلال في رام الله والمتهم الأول باغتيال عرفات

لم يكن اختيار حسين الشيخ لتمثيل السلطة في هذا اللقاء أمرًا عشوائيًا، فهذا الرجل ليس فقط أحد أبرز مهندسي التنسيق الأمني مع الاحتلال، بل يواجه اتهامات مباشرة بالتورط في اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

تشير التقارير إلى أن الشيخ لعب دورًا في دس السم لعرفات عبر طبيب الأسنان الخاص به، الدكتور سعيد درّس، والذي قُتل لاحقًا في ظروف غامضة، بعد أن حاول الكشف عن حقيقة الاغتيال.

الشيخ، الذي يصفه مسؤولون إسرائيليون بأنه “رجلنا في رام الله”، معروف بعلاقاته الوثيقة مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو الشخص الذي تستخدمه إسرائيل لتمرير أجندتها مع السلطة الفلسطينية.

السلطة الفلسطينية.. أداة إسرائيلية لإخضاع غزة؟

على غرار ما فعلته السلطة الفلسطينية في جنين يعكس اللقاء في الرياض تمادي السلطة الفلسطينية في الانبطاح للإرادة الأميركية ولعب دور الاحتلال الإسرائيلي.

بعد حرب الإبادة الجماعية المروعة على غزة وعقب فشل محاولات الاحتلال كسر إرادة المقاومة، جاء الدور على السلطة الفلسطينية لتمارس دور الشرطي الذي يعيد غزة إلى “بيت الطاعة”، حتى لو كان ذلك يعني الصدام المباشر مع حماس والفصائل المقاومة.

لكن هنا يبرز التساؤل :كيف يمكن للسلطة، التي فقدت شرعيتها حتى في الضفة الغربية، أن تفرض سيطرتها على غزة؟ من سيمول هذه العملية؟ وهل سيتم إرسال قوات مدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا لتنفيذ المخطط؟ وهل ستكون هذه مقدمة لمجزرة جديدة بحق الفلسطينيين، على يد جنود من بني جلدتهم كي تخسر القضية الفلسطينية التضامن العالمي الشعبي الواسع كقضية عادلة لشعب سجل بطولات أسطورية وهو يقاوم ضد الاحتلال.

هذا الاجتماع ليس مجرد استضافة دبلوماسية، بل هو خطوة متقدمة نحو تنفيذ مخطط أكبر يبدأ إيجاد قيادة فلسطينية مطيعة للكيان الصهيوني، تحكم غزة بالحديد والنار تحت حماية إسرائيلية أمريكية، على غرار ما يحدث في الضفة الغربية المحتلة.

وإنهاء أي فرصة لبروز قيادة وطنية مستقلة، واستبدالها بسلطة وظيفية تنفذ ما يُملى عليها، تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية تحت غطاء مشاريع “السلام الاقتصادي” التي يروج لها بن سلمان تنفيذا لأوامر ترامب.

غزة لن تسقط.. والمقاومة ستسقط المؤامرات

ما يجهله حسين الشيخ ومحمد بن سلمان ومن خلفهم في واشنطن وتل أبيب، أن غزة ليست رام الله، ولن تكون لقمة سائغة في فم السلطة وأجهزتها الأمنية.

محاولات استبدال الاحتلال المباشر باحتلال بأيدٍ فلسطينية محكوم عليها بالفشل، كما فشلت كل مشاريع الإملاءات السابقة، وغزة التي صمدت في وجه آلة الحرب الإسرائيلية، وواجهت المجازر والتدمير، لن يقبل أهلها بسلطة وظيفية خادمة للاحتلال.

إذا كانت الرياض قد احتضنت الخونة، فإن غزة ستظل معقل الأحرار، والمقاومة وحدها هي من سترسم مسارها، وليس صفقات الخيانة.