العدسة- باسم الشجاعي:
في تحدٍ صريح لنهي النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن الإقامة في مدائن صالح في السعودية، أقامت الرياض مهرجان “شتاء طنطورة” في محافظة العلا التي تضم مدائن صالح الأثرية.
ويتزامن انطلاق المهرجان مع بداية فصل الشتاء، واسمه مقتبس من بناء هرمي من الطين يستخدمه سكان المنطقة لمعرفة دخول فصل الشتاء وكيفية توزيع المياه للأغراض الزراعية.
وتستضيف المنطقة خلال المهرجان نجوما محليين وعالميين في الغناء والموسيقى، فبعد الحفل الذي أحياه المطرب السعودي محمد عبده في الافتتاح، غنت “ماجدة الرومي” بحضور شخصيات رسمية من السعودية ولبنان “الجمعة” الماضية.
ومن المقرر أن تنطلق حفلات لاحقا لكل من فنان الأوبرا أندريا بوتشيلي، وعازف الكمان رينو كابوسون، وعازف البيانو عمر خيرت، والموسيقار اليوناني ياني، إضافة إلى حفل للراحلة أم كلثوم عبر تقنية الهولوغرام (التصوير التجسيمي).
وانتاب السعوديون حالة من الغضب بسبب إقامة الحفل بموقع قريب من مدائن صالح، وهي المسماة تاريخيا بالحِجر وكان يقطنها قوم ثمود الذين أرسل الله تعالى إليهم النبي صالحا عليه السلام، ثم هلكوا بعقاب إلهي كما ورد في القرآن الكريم.
وهذه المنطقة قد نهى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الإقامة فيها، ومنها قوله أثناء مرورهم بالمنطقة قبل غزوة تبوك “لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم”، وفي بعض الروايات أنه لما مر بالمنطقة أسرع راحلته ونهى عن دخول منازلهم.
وتقع مدائن صالح، أو “مدينة الحجر”، في محافظة العُـلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة، وكانت عاصمة مملكة لحيان في شمال الجزيرة العربية.
وتعود هذه المدن إلى ما قبل عصر الإسلام، إلى عهد المملكة النبطية وتحتوي على أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط بعد مدينة البتراء في الأردن، عاصمة مدينة الأنباط و تفصلها عنها مسافة 500 كم.
تدمير السنة
وعن سبب إقامة الحفل فيها، قال الحساب الشهير على تويتر “مجتهد” إن “اختيار مدائن صالح مكانا لحفل هيئة الترفيه قرار اتخذه “بن سلمان”؛ تنفيذا لاقتراح (ع. ر.)؛ لتحقيق هدفين”، هما “إسقاط هيبة الحديث الصحيح حول خطر الإقامة فيها، فضلا عن تنظيم الحفلات، والثاني هو تدمير ما بقي من الاحترام الشكلي لعلماء السلطة الذين لهم فتاوى بهذا المعنى”.
وفي تغريدة أخرى، قال “مجتهد”: إن “(ع. ر) ومعه (ت. ح)، وتحت مظلة ابن سلمان، يريدون تنفيذ توعية جماعية للشعب بإثبات (خرافة) الحديث الذي يحذر من أن الذي يقيم في هذه الديار سوف يصيبه ما أصاب قوم ثمود”، وأضاف: “هم يقولون: ها نحن أقمنا الحفلات ولم يحصل شيء، فاتركوا عنكم هذه الخرافات!! وفي مجالسهم الخاصة يكررون كثيرا من ذلك”.
ووفقا لناشطين، فإن (ع.ر) الذي تحدث عنه “مجتهد” هو الكاتب الصحفي عبد الرحمن الراشد، فيما ذكروا أن (ت.ح) هو الكاتب تركي الحمد، كما يشار إلى أن العديد من العلماء، بعضهم من هيئة كبار العلماء في السعودية، يرون حرمة الإقامة في مدائن صالح، فضلا عن إقامة حفلات فيها، فيما أفتى علماء بجواز دخول مدائن صالح لمدة قصيرة، من أجل “الاتعاظ” بما آلت إليه، بعدما “أهلك الله قومها بسبب ذنوبهم”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتجرأ ولي العهد على الإسلام، ففي نهاية نوفمبر الماضي، كشف “جويل روزنبيرغ” رئيس وفد الإنجيليين الذي التقى “محمد بن سلمان” في الرياض عن الملفات التي تمت مناقشتها بينهم وبين الأمير السعودي وعن خطته لبناء كنائس في مناطق متفرقة بالمملكة.
وأكد “جويل” أن ولي العهد السعودي قد وعدهم بالبدء في تشييد الكنائس في المملكة على نطاق واسع، وقد أشار لهم بأنه قد طلب من علماء الدين في السعودية أن يشيعوا بين الناس بأن المقصود بمصطلح “جزيرة العرب” هو “مكة والمدينة” وذلك للتحايل على ما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي يقول بإنه لا يجتمع في جزيرة العرب دينان وهذا يعني أن هذه المنطقة لن تقبل قيام دين فيها سوى الإسلام..
وأضاف “بن سلمان” في حديثه للوفد الإنجيلي أنه بعد تثبيت التعريف الجديد لـ”جزيرة العرب” قد نتمكن تدريجياً بالسماح ببناء الكنائس وبشكل أوسع.. حيث أنه أكد لهم أن الحديث الشريف يقول: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب.. ما يعني الإسلام فقط.
تجاوز الخطوط الحمراء
المثير للدهشة أن شيوع المنكرات التي نهى عنها الإسلام، باتت سمت أساسي في الفعاليات الترفيهية والسياحية والفنية والرياضية التي ترعاها السلطات السعودية.
وفي السابق كان “الرقص على الملأ أو في مجموعات مختلطة”، أمور مستهجنة وغير مألوفة في السعودية وقد تزج بفاعليها في السجن أو تعرضهم للجلد، لكن المملكة تشهد اليوم تغيرات سريعة على المستوى المجتمعي، يقودها “ابن سلمان”، وفق رؤيته الجديدة لكسر قيود ومعتقدات يعدها أغلب الشعب السعودي خطوطا حمراء.
وتشهد السعودية مؤخراً نشاطًا فنيًا مكثفًا عبر استقدام مطربين ومطربات من خارج المملكة، بعد أن أنشأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “هيئة الترفيه”، وقلص من صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، العام الماضي، ورفع القيود عن إقامة الحفلات.
إدارة إسلامية دولية
ما يقوم به “بن سليمان”، وخاصة الحفل الأخير الذي يقع في منطقة قريبة من المدينة المنورة وحرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الإقامة فيها، كانت فرصة لكثيرين بينهم السياسي التونسي ومدير قناة المستقلة “الهاشمي الحامدي” لمطالبة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتسليم الحرمين الشريفين لإدارة إسلامية دولية محافظة.
https://twitter.com/MALHACHIMI/status/1078747014979076097
وعادة ما تسيس السلطات السعودية العبادات والشعائر الإسلامية حسب التوجهات السياسية للعائلة الحاكمة، عن طريق استخدام المنابر الإسلامية في تسويق قرارات الحكومة، فضلا عن حرمان المسلمين من تأدية مناسكهم كـ( الحج والعمرة) لأسباب سياسية.
وتستغل السعودية الحج لتصفية حساباتها مع الدول التي تعارضها سياسياً ولفرض أجندتها السياسية على جميع الدول؛ لأنها تعلم بأن جميع المسلمين والدول الإسلامية بحاجة ماسة لتأدية هذه الفريضة الإسلامية الخامسة.
اضف تعليقا